341
فتوح الشام ( للواقدي )
وربطوه بالحبل وأعطوه للمعاهد فأخذه وأتى به إلى عياض فلما قرأه وفهم ما فيه قال: توكلنا على الله وفوضنا أمرنا إليه ثم قرأ {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} [الطلاق: 3].
قال: وعول عياض أن يقيم على آمد وخيله تغير على الهتاج وميافارقين وسائر تلك البلاد.
قال: وسمعوا ضرب الناقوس.
فقال عياض: أتدرون ما يقول هذا الناقوس قالوا: وما يقول.
قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمه علينا ومعه جماعة من المسلمين ليغيروا على أطراف تبوك فاجتازوا بدير الراهب وذلك الراهب يضرب بناقوسه.
فقال علي لمن معه: أتدرون ما يقول هذا الناقوس.
قالوا: الله ورسوله أعلم وأنت يا علي فقال: يقول مهلًا مهلًا يا بني الدنيا مهلًا مهلًا إن الدنيا قد غوتنا واستغوتنا وشغلتنا غدًا نرى ما نرى ما من يوم يمضي عنا إلا لنا أو علينا يا بني الدنيا جمعًا جمعًا يا بني الدنيا شرطًا شرطًا ما من يوم يمضي عنا إلا أثقل ظهرًا منا ما من يوم يمضي عنا إلا صار منا جهلًا قد ضيعنا دارا تبقى واستوطنا دارا تفنى.
قال عياض: فقالوا: يا ابن عم رسول الله أو يعلم النصراني ذلك.
قال: لا يعلم ذلك إلا نبي أو صديق.
قال: حدثنا الربيع أبو سليمان عن موسى بن عامر عن جده قراءة بالخضراء من عسقلان قال: فأقام عياض على آمد أربعة أشهر قال: فخرج من جيشه الحكم بن هشام واستأذن عياضًا أن يشن الغارات على ميافارقين فأذن له فأخذ معه من الصحابة مائة من المهاجرين والأنصار فخرجوا بعدما صلوا الظهر وعبروا الدجلة وساروا والأرض تطوي لهم فما مضى قليل من الليل إلا وهم على ميافارقين فداروا بها إلى أن وصلوا إلى برج يعرف ببرج الشاة فقال الحكم بن هشام وددت من الله لو فتح لنا هذه المدينة بلا قتال.
قال فما استتم كلامه حتى انفتح لهم باب من حائط البرج فدخلوا وهم يخترقون الطرق إلى وسط المدينة إلى كنيستهم العظمى وتعرف ببيعة ماريا وكانت تلك الليلة عيدًا عند النصارى فلما أقبلوا إلى الصلاة وجدوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم نزول على باب البيعة فصاحوا وتسامع الناس فأتى صاحب البلد وكان اسمه أسلاغورس فلما رآهم قال: من أنتم قال له الحكم: نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: ومن أين جئتم قالوا: من عسكرنا.
قال: ومتى جئتم.
قالوا: بعدما صلينا الظهر.
قال: ومن فتح لكم مدينتنا.
قال له الحكم: فتح لنا من بيده مقاليد الأمور.
قال: أوما تفزعون منا.
فقال الحكم: وكيف نفزع من مخلوق لا يضر ولا ينفع وهو تحت أحكام القهر.
وقد قال ربنا في كتابه: {فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين} [آل عمران: 75].
فقال أسلاغورس: إن دينكم دين محدث وديننا دين قديم والقديم أفضل من المحدث.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق