إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

326 فتوح الشام ( للواقدي )


326

فتوح الشام ( للواقدي )


  قال الواقدي

‏:‏ ولقد بلغني ممن أثق به أنهم لما حملوا طحطحوا العساكر وزعزعوا الدساكر وأزالوا الأبطال عن مراكزها والبطاركة عن مراتبها وما اعتمدوا إلا على السيوف واستقبلوا بها الصفوف فلما رأى شهرياض فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى التاج عن رأسه وزعق بالبطارقة والأراجية والقياصرة وقال‏:‏ يا معشر الروم من بني الأصفر اعلموا أنه ما بين ذهاب دولتكم إلا هذا اليوم فإما أن تقاتلوا عن دينكم وحريمكم وملككم وذراريكم وأولادكم وإلا أخذت منكم فإياكم أن تولوا الأدبار فمن تولى غضب عليه المسيح وأدخله النار‏.‏

قال الراوي‏:‏ وبلغني أنه في ذلك اليوم وصل إليهم بتركهم الكبير المشار إليه في دينهم ومعه كل قس وشماس ورهبان بأرض الجزيرة جاء ليحرض الروم على القتال وكان هذا البترك اسمه دين الديروم وكان يسكن بدير يقال له دير قرقوت وأنهم وصلوا قبل أن يحمل المسلمون فوعظهم بين الصفوف وقال‏:‏ من انهزم منكم حرمته فلا يقبله المسيح أبدًا ثم انفصل من القوم هو ومن معه وعلوا على رابية تشرف على القوم ورفعوا الصلبان وفتحوا الأناجيل وأشركوا بالملك الجليل‏.‏

قال الواقدي‏:‏ حدثنا عبد الله بن مالك عن موسى بن أبي العام عن الأشعب عن يحيى قال وحدثنا بشر بن عامر وكان ممن حضر وقعه مرج رغبان وكانت الواقعة يوم الثلاثاء ثالث شهر صفر سنة سبع عشرة وكان شهرياض قد أرسل إلى رأس العين وسائر بلاده فأتوا بحريمه وحريم سائر الأجناد والبطارقة وأولادهم وأقامهن يوم المصف على أبواب الخيام وقال لهن‏:‏ ما من امرأة إلا ترفع ولدها وتصيح باسم بعلها وأخيها إنما فعل ذلك ليثبتوا في القتال فأوقعوا الصياح من كل جانب وعملت القواضب وثبت الروم ثباتًا عظيمًا لأجل حريمهم وأولادهم ولأجل البترك ووقف في مقابلتهم رجال من اليمن يرمونهم بالنبل وأما خالد بن الوليد فلما حمل بأصحابه وهو يريد صليب القوم سمع عياض بن غنم وهو يقول هذه الأبيات‏:‏ سنحمل في جمع اللئام الكواذب ونفري رؤوسًا منهم بالقواضب ونهزم جيش الكفر منا بهمة تطول على أعلى الجبال الراسب وننصر دين الله في كل مشهد بفتيان صدق من كرام الأعارب فيا معشر الأصحاب جدوا وجندلوا وكروا على خيل كرام المناصب فدونكم قصد الصليب وبادروا لنرضي إله الخلق معطي المواهب قال‏:‏ ثم قصدوا الصليب وكان اللعين شهرياض لما صف الصفوف أقام حول الصليب الأعظم اثني عشر ألف فارس كلهم لبس الزرد وترك أمامهم حسكًا من حديد حتى لا يصل إليهم أحد فلما حمل خالد وأصحابه وقربوا من الصليب داس خيولهم على ذلك الحسك فانكبت على وجوهها فوقعوا عن ظهورها فانكبت عليهم الروم بغيظهم وحنقهم فأخذوهم بالأكف لأنهم وقعوا عن ظهور خيولهم من الحسك فأخذوهم عن آخرهم وارتفعت العطاعط من كل جانب وعملت المرهفات القواضب فلما نظر الأمير عياض بن غنم ما نزل بخالد ومن معه صعب عليه واشتد لديه وقال في نفسه‏:‏ يا ابن غنم ما يكون عذرك بين يدي الله وقد مضت هذه السادة تحت رايتك فصاح بأعلى صوته‏:‏ يا معاشر المسلمين احملوا ولا تمهلوا أيقظوا هممكم وعجلوا واستخلصوا السادة من الأشر واطلبوا من الله النصر‏.‏

قال‏:‏ فلما صاح عياض أوقفوا خالدًا ومن معه أمام الصفوف فتأسف ابن وضاح بن مجيد بن نافور بن عمر بن سالم بن النابغة الذبياني وكان من أفصح الناس لسانًا وأجرأهم جنانًا وأحدهم لسانًا وأعلمهم بيانًا وكان حليفًا لخالد بن الوليد رضي الله عنه فبرز يومه بمرج رغبان وقال‏:‏ أيها الناس إن الصبر والثبات جندان فلا يغلبان وهذا يوم يا له من يوم وما ترون من نخواتكم ومروءتكم ودينكم أن تدعوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد العدا فاستنقذوهم من الردى واتقوا الله الذي إليه مصيركم واعلموا أن ترك الأشياء النفيسة لا يليق إلا بالنفس الخسيسة أما تحققتم أن الدنيا تؤول إلى الزوال والفناء والآخرة هي دار النعيم والبقاء‏.‏

أما علمتم أن الهمم العلية الروحانية والأشباح‏.‏

الجسمانية عولت على الانتقال من الدنيا الساحرة إلى دار الآخرة وقالت‏:‏ لا بد من الرحيل لأن البقاء في الدنيا قليل فتزودوا معاشر الأرواح فقد قرب الرواح والقصد منكم قد عرفناه ومرادكم قد فهمناه وإن سفركم سفر شاق يحتاج إلى زاد ورفاق قالوا‏:‏ فما الزاد الذي نكثر منه ولا نعدل عنه‏.‏

قيل لهم الزاد الأقوى في وتزودوا فإن خير الزاد التقوى‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق