إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 يوليو 2014

115 فتوح الشام ( للواقدي ) ذكر وقعة اليرموك


115

فتوح الشام ( للواقدي )

ذكر وقعة اليرموك

قال الواقدي‏:‏ واتصلت الأخبار إلى الملك هرقل أن المسلمين قد فتحوا حمص والرستن وشيزر وقد أخذوا الهدية التي بعثها إلى هربيس البطريق فبلغ ذلك منه دون النفس وأقام ينتظر الجيوش والعساكر من أقصى بلاد الروم لأنه قد كان كاتب كل من يحمل الصليب فما مضى عليه إلا أيام قلائل حتى صار أول جيوشه عنده بأنطاكية وآخرها في رومية الكبرى وأنه بعث جيشًا إلى قيسارية ساحل الشام يكون حفظه على عكاء وطبرية وبعث بجيش آخر إلى بيت المقدس وأقام ينتظر قوم ماهان الأرمني ملك الأرمن وقد جمع من الأرمن ما لا يجمعه أحد من أهالي الملك هرقل وبعد أيام قدم على الملك هرقل للقائه في أرباب دولته فلما قرب منه ترجل ماهان وجنوده وكفروا بين يديه ورفعوا أصواتهم بالبكاء والنحيب مما وصل إليهم من فتح المسلمين بلادهم فنهاهم عن ذلك وقال‏:‏ يا أهل دين النصرانية وبني ماء المعمودية قد حذرتكم وخوفتكم من هؤلاء العرب ولم تقبلوا مني فوحق المسيح والإنجيل الصحيح والقربان ومذبحنا العمدان لا بد لهؤلاء العرب أن يملكوا ما تحت سريري هذا والآن البكاء لا يصلح إلا للنساء وقد اجتمع لكم من العساكر ما لم يقدر عليه ملك من ملوك الدنيا وقد بذلت مالي ورجالي كل ذلك لأذب عنكم وعن دينكم وعن حريمكم فتوبوا للمسيح من ذنوبكم وانووا للرعية خيرًا ولا تظلموا وعليكم بالصبر في القتال ولا يخامر بعضكم بعضًا وإياكم والعجب والحسد فإنهما ما نزلا بقوم إلا ونزل عليهم الخذلان وإني أريد أن أسألكم وأريد منكم الجواب عما أسألكم عنه فقالت العظماء من الروم والملوك‏:‏ اسأل أيها الملك عما شئت‏.‏

قال‏:‏ إنكم اليوم أكثر عددًا وأغزر مددًا من العرب وأكثر جمعًا وأكثر خيامًا وأعظم قوة فمن أين لكم هذا الخذلان وكانت الفرس والترك والجرامقة تهاب سطوتكم وتفزع من حربكم وشدتكم وقد قصدوا إليكم مرارًا ورجعوا منكسرين والآن قد علا عليكم العرب وهم أضعف الخلق عراة الأجساد جياع الأكباد ولا عدد ولا سلاح وقد غلبوكم على بصرى وحوران وأجنادين ودمشق وبعلبك وحمص قال فسكت الملوك عن جوابه فعندها قام قسيس كبير عالم بدين النصرانية وقال‏:‏ أيها الملك أما تعلم لم نصرت العرب علينا‏.‏

قال‏:‏ لا وحق المسيح فقال القسيس‏:‏ أيها الملك لأن قومنا بذلوا دينهم وغيروا ملتهم وجحدوا بإجابة المسيح عيسى ابن مريم صلوات الله وسلامه عليه وظلموا بعضهم وليس فيهم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وليس فيهم عدل ولا إحسان ولا يفعلون الطاعات وضيعوا أوقات الصلوات وأكلوا الربا وارتكبوا الزنا وفشت فيم المعاصي والفواحش وهؤلاء العرب طائعون لربهم متبعون دينهم رهبان بالليل صوام بالنهار ولا يفترون عن ذكر ربهم ولا عن الصلاة على نبيهم وليس فيهم ظلم ولا عدوان ولا يتكبر بعضهم على بعض شعارهم الصدق ودثارهم العبادة وإن حملوا علينا لا يرجعون وإن حملنا عليهم فلا يولون وقد علموا أن الدنيا دار الفناء وأن الآخرة هي دار البقاء‏.‏

قال الواقدي‏:‏ فلما سمع القوم والملك هرقل ما قاله القسيس قالوا‏:‏ وحق المسيح لقد صدقت بهذا نصرت العرب علينا لا محالة وإذا كان فعل قومنا ما ذكرت فلا حاجة لي في نصرتهم وإني قد عولت أن أصرف هذه الجيوش والعساكر إلى بلادها وآخذ أهلي ومالي وأنزل من أرض سورية وأرحل إلى أسبوك يعني القسطنطينية فأكون هناك آمنًا من العرب قال فلما سمع القوم ذلك من الملك صلوا بين يديه وقالوا‏:‏ أيها الملك لا تفعل ولا تخذل دين المسيح فيطالبك بذلك يوم القيامة وتعيرك الملوك بذلك ويستضعفون رأيك وأيضًا تشمت بناء أعداؤنا إذا أنت خرجت من جنة الشام وسكن بعدنا فيها العرب وقد اجتمع لنا مثل هذا الجيش الذي ما اجتمع لملك من ملوك الدنيا ونحن نلقى العرب ونصبر على قتالهم ولعل المسيح أن ينصرنا عليهم فاعزم وقدم من شئت واتركنا ننهض إلى قتال العرب‏.‏

قال‏:‏ ففرح الملك هرقل بقولهم ونشاطهم وعول على أن يبعث الجيش مع خمسة ملوك من الروم فأول ما عقد لواء من الديباج المنسوج بالذهب الأحمر وعلى رأسه صليب من الجوهر وسلمه إلى قناطير ملك الروسية وضم إليه مائة ألف فارس من الصقالبة وغيرهم وخلع عليه وتوجه ومنطقه وسوره ثم عقد لواء آخر من الديباج الأبيض فيه شمس من الذهب الأحمر وعلى رأسه صليب من الزبرجد الأخضر وسلمه إلى جرجير وهو ملك عمورية وملورية وخلع عليه وسوره ومنطقه وضم إليه مائة ألف فارس من الروم والفردانة ومن سائر الأجناس الرومية ثم عقد لواء ثالثًا من الدستري الملون وعليه صليب من الذهب الأحمر وسلمه إلى الديرجان صاحب القسطنطينية وضم إليه مائة ألف فارس من المغليط والإفرنج والقلن وخلع عليه ومنطقه وسوره‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق