إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 3 يوليو 2014

110 فتوح الشام ( للواقدي )


110

فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي‏:‏ ولم يكن للقسيس خبر بنزول المسلمين على شيزر فصاح بهم خالد بن الوليد رضي الله عنه وكبر المسلمون معه وأحدقوا بهم من كل جانب وأخذوا العلوج أسرى وأخذوا البراذين وأقبل خالد على القسيس وقال له‏:‏ يا ويلك من أين أقبلت بهذه الأحمال‏.‏

قال فرطن القسيس بالرومية فلم يدر خالد ما يقول هذا القسيس الميشوم فبدا إليه رجل من أهل شيزر وقال‏:‏ يا أيها الأمير إنه يذكر أنه من القسوس المعظمة عند الملك هرقل وقد بعثه وبعث معه إلى هربيس هذه الأحمال فيها ديباج أحمر منسوج بقضبان الذهب وعشرة أحمال مملوءة دنانير وباقي الأحمال مملوءة من الثياب والدنانير فأخذوها وأخرجوا منها مالًا عظيمًا وغنم المسلمون غنيمة عظيمة لم يغنموا مثلها وساق خالد بن الوليد الأحمال إلى الأمير أبي عبيدة رضي الله عنه فوجده على النهر المقلوب مما يلي شيزر وتحته عباءة قطوانية وعلى رأسه مثلها تظله من حر الشمس فأقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه بالقسيس فأوقفه بين يديه‏.‏

فقال أبو عبيدة‏:‏ ما هذا يا أبا سليمان‏.‏

فقال خالد‏:‏ إنهم قوم من أنطاكية ومعهم هدية لهربيس صاحب حمص من ملك الروم هرقل‏.‏

قال الواقدي‏:‏ وعرض عليه الغنيمة ففرح الأمير أبو عبيدة بها فرحا شديدًا وقال‏:‏ يا أبا سليمان لقد كان فتح شيزر علينا مباركًا ثم دعا بترجمان كان معه لا يفارقه وقال‏:‏ اسأل هؤلاء عن ملك الروم الطاغية هرقل هل هو في جمع كثير أم لا‏.‏

فكلم الترجمان القسيس ساعة فقال القسيس‏:‏ قل للأمير إن الملك هرقل قد بلغه أنكم فتحتم دمشق وبعلبك وجوسية وأنكم لم تنزلوا على حمص فبعث معي هذه الهدية إلى هربيس البطريق وكتب إليه يأمره بقتالكم ويعده بالنجدة وقدوم العساكر إليه لأن الملك هرقل قد استنجد عليكم كل من يعبد الصليب ويقرأ الإنجيل فأجابته الرومية والصقالبة والإفرنج والأرمن والدقس والمغليط والكرج واليونان والعلف والغزانة وأهل رومية وكل من يحمل صليبًا والعساكر قد وصلت إلى الملك هرقل من كل جانب ومكان قال فحدث الترجمان الأمير أبا عبيدة رضي الله عنه بكل ما أعلمه القسيس به فعظم ذلك على الأمير أبي عبيدة وعرض على القسيس الإسلام فقال القسيس للترجمان‏:‏ قل للأمير أبي عبيدة إني البارحة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقد أسلمت على يديه ففرح الأمير أبو عبيمدة بذلك وعرض على الأعلاج الإسلام فأبوا ذلك فضربت رقابهم ورحل أبو عبيدة رضي الله عنه متوجهًا إلى حمص وقد سير الخيل جريدة في مقدمته فما يشعر أهل حمص إلا والخيل قد أغارت عليهم فرجع القوم إلى المدينة وقد غلقوا الأبواب وقالوا‏:‏ غدرت العرب وحق المسيح‏.‏

قال‏:‏ ونزل المسلمون حول حمص وداروا بها من كل جانب ومكان وقد نفذ الزاد من المدينة وأكثر أهلها قد خرجوا إلى تجارتهم وفي طلب الميرة وقد تفرقوا في البلاد فلما نزل الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه على حمص دعا بالعبيد والموالي وأمرهم أن يتفرقوا على الطرقات والمحارس وقال لهم‏:‏ كل من وجدتموه قد رجع إلى حمص بزاد أو تجارة فائتوني به ففعل العبيد ذلك وصعب ذلك على هربيس صاحب حمص وكتب إلى الأمير أبي عبيدة كتابًا يقول فيه‏:‏ أما بعد يا معاشر العرب فإنا لم نخبر عنكم بالغدر ولا بنقض العهد ألستم صالحتمونا على الميرة فمرناكم فطلبتم منا البيع فابتعناكم فلم نقضتم ما عاهدناكم عليه فكتب الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه يقول‏:‏ أريد أن ترسل إلي القسوس والرهبان الذين أرسلتهم إلي حتى أوقفهم على ما عاهدتهم عليه ليعلموك أننا لم نغدر ولا مثلنا من يفعل ذلك إن شاء الله تعالى فلما قرأ هربيس الكتاب أحضر القسوس والرهبان وبعث بهم إلى الأمير أبي عبيدة فخرجوا إليه وفتح لهم باب حمص وساروا إلى أن وصلوا للأمير أبي عبيدة فسلموا عليه وجلسوا بين يديه فقال لهم أبو عبيدة رضي الله عنه‏:‏ ألم تعلموا أني عاهدتكم وحلفت لكم أني منصرف عنكم حتى أفتح مدينة من مدائن الشام سهلًا كان أو جبلًا ثم يكون الرأي لي إن شئت رجعت إليكم أو سرت إلى غيركم‏.‏

فقالوا‏:‏ بلى وحق المسيح فقال لهم‏:‏ إن الله تعالى قد فتح علينا شيزر والرستن في أهون وقت وقد غنمنا الله مال بطريقهم نكس وغيره مما لم نؤمله في هذه المدة اليسيرة والآن فلا عهد لكم عندنا ولا صلح إلا أن تصالحونا على فتح المدينة وتكونوا في ذمتنا وأمانتنا فقال القسوس والرهبان لقد صدقت أيها الأمير ليس عليكم لوم وقد وفيتم بذمتكم وقد بلغنا فتحكم شيزر والرستن والخطأ كان منا إذ نستوثق لأنفسنا والآن الأمر بيد بطريقنا ونحن نرجع إليه ونعلمه بذلك ثم رجعوا إلى مدينتهم ودعا الأمير أبو عبيدة رضي الله عنه بالرجال والأبطال وأهل الحرب وقال‏:‏ خذوا أهبتكم فإن القوم بلا زاد ولا قال فلبس المسلمون السلاح والعدد ورجعوا إلى الأبواب والأسوار واجتمع أهل حمص ببطريقهم هربيس وقالوا‏:‏ ما عندك من الرأي في أمر هؤلاء العرب‏.‏

فقال‏:‏ الأمر عندي أن نقاتلهم ولا نريهم منا ضعفًا قالوا‏:‏ فإن الزاد قد نفد من مدينتنا وقد أخذه القوم منا وما سمعنا بمثل هذه الحيلة فقال هربيس‏:‏ ما لكم تعجزون عن حرب عدوكم وما قتل منكم قتيل ولا جرح منكم جريح ولم تصبكم شدة ولا جوع وإنما أصابوا منكم على غرة ولو دخلوا المدينة لما قدروا عليكم وأقل الرجال على السور يكفيكم إياهم وعندي من الزاد في قصري ما يعم كثيركم المدة الطويلة وما أحسب أن الملك هرقل يغفل وسيبلغه خبركم وبوجه العساكر‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق