108
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي: كان من أمر الصحابة أنه لما تركهم نقيطاس في دار إمارته ركب إلى البيعة مع بطارقته وأهل مدينته ليصلوا صلاة الشكر لأجل رحيل المسلمين عنهم وارتفعت أصواتهم بقراءة الإنجيل وسمع أصواتهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجوا من الصناديق وشدوا على أنفسهم وشهروا سلاحهم وقبضوا على امرأة نقيطاس وحريمه وقالوا: نريد مفاتيح الأبواب فسلمتها إليهم فلما حصلت المفاتيح في أيديهم رفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير والصلاة والسلام على البشير النذير وكبس القوم على أبواب مدينتهم فلم يجسروا عليهم لأنهم بدون عدة وسلاح وبعث عبد الله بن جعفر الطيار ربيعة بن عامر والأصيد بن سلمة وعكرمة بن أبي جهل وعتبة بن العاص والفارع بن حرملة وسلم إليهم المفاتيح وقال: افتحوا الأبواب وارفعوا أصواتكم بالتهليل والتكبير فإن إخوانكم المسلمين من حول المدينة كاملون فتبادر الخمسة إلى الباب القبلي وهو باب حمص وفتحوه ورفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير ودخلوا المدينة وإذا هم بعسكر الزحف وعلى المقدمة خالد بن الوليد رضي الله عنه فأجابوهم بالتهليل والتكبير ودخلوا المدينة وسمع أهل الرستن أصوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلموا أنهم في قبضتهم وأن مدينتهم قد أخذت من أيديهم فاستسلموا جميعًا وخرجوا إليهم وقالوا لهم: إنا لا نقاتلكم ونحن الآن أسرى لكم فاعدلوا فينا فأنتم أحب إلينا من قومنا.
قال: فعرض خالد بن الوليد رضي الله عنه الإسلام عليهم فأسلم منهم كثير وبقي الأكثر يؤدون الجزية وأما أميرهم نقيطاس فإنه قال: لا أريد بديني بدلًا.
فقال له خالد بن الوليد: الآن فاخرج بأهلك عنا وحدث قومك بعدلنا فأخرجوه من الرستن فتوجه بأهله وأمواله إلى حمص وأعلم أهلها بفتح الرستن فصعب ذلك على أهل حمص وعلموا أن العرب تصبحهم أو تمسيهم بالغارة وبعث عبد الله بن جعفر الطيار إلى أبي عبيدة يخبره بالفتح والنصر فسجد لله شكرًا وبعث إليهم ألف رجل من اليمن ووصاهم بحفظ الرستن وأمر عليهم هلال بن مرة اليشكري فلما استقروا بالرستن رحل خالد بن الوليد رضي الله عنه وعبد الله بن جعفر وأهلهم وعساكرهم وتوجهوا إلى حماة وكان أهل حماة في صلح المسلمين كما ذكرنا وكذلك أهل شيزر إلا أن بطريق أهل شيزر مات وبعث إليهم الملك هرقل بطريقًا عاتيًا جبارًا اسمه نكس ففسخ الصلح وأذاق أهل شيزر ضرًا وشرًا وكان يصادرهم ويأخذ أموالهم ويحتجب عنهم لاهيًا في أكله وشربه فلما بلغ الخبر الأمير أبا عبيدة بعث خيلًا جريمة إلى شيزر فغارت الخيل على بلدهم ووقعت الضجة بشيزر وسمع البطريق نكس الضجة فنزل إليهم من قلعته وأظهر لهم بعض حجابه وجلس في بيعتهم المعظمة عندهم وجمع الرؤساء منهم وقال لهم: يا أهل شيزر أنتم تعلمون أن الملك هرقل قد استخلفني عليكم لحفظ مدينتكم وأمنع عن حريمكم وأموالكم ثم فتح خزانة السلاح وفرق عليهم العدد وأمرهم بالحرب والقتال فبينما القوم كذلك إذ أشرف عليهم خالد بن الوليد في أصحابه ومعه جيش الزحف فنزلوا بإزائهم وأشرف بعده يزيد بن أبي سفيان بأصحابه فنزل عليهم وأشرف بعده الأمير أبو عبيدة في عساكره جميعهم فلما نظر أهل شيزر تلاحق العساكر بهم هالهم ذلك وعظم عليهم وحارت أبصارهم.
قال الواقدي: فلما نظر أبو عبيدة رضي الله عنه كتب إلى أهل شيزر كتابًا يقول فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: أما بعد يا أهل شيزر فإن حصنكم ليس بأمنع من حصن بعلبك ولا من الرستن ولا رجالكم أشجع فإذا قرأتم كتابي هذا فادخلوا في طاعتي ولا تخالفوني فيكون وبالًا عليكم وقد بلغكم عدلنا وحسن سيرتنا فكونوا مثل سائر من صالحنا ودخل في طاعتنا من سائر بلاد الشام والسلام.
وطوى الكتاب وسلمه إلى رجل من المعاهدين وبعثه إليهم فلما وصل الكتاب إليهم أعطوه بطريقهم نكس فقرئ عليه فلما فهم ما فيه قال: ما تقولون يا أهل شيزر فيما ذكرت العرب.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق