إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

62 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


62

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال فمضى الرجل إلى أن وصل إلى عسكر القبط فأخذه الحرس وقالوا له‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا مبشر الملك بقدوم العرب المتنصرة إلى نصرته‏.‏
قال ابن إسحق‏:‏ فأخذوا نصر بن ثابت وأتوا به إلى سرادق الملك‏.‏
قال فلما وقفت بين يديه ناداني الحجاب أن أسجد للملك ففعلت وأنا أسجد لله تعالى حتى لا ينكروا علي وكان قد صح عندهم أنه من امتنع من السجود فهو مسلم‏.‏
قال فلما رفعت رأسي قال لي الوزير‏:‏ يا أخا العرب أوصل أصحابك إلى نصرة الملك فقلت‏:‏ نعم وهاهم في دير الجبل المقطم‏.
  قال فلما سمع الملك ذلك أمر من حجابه أناسًا أن يمضوا إلى لقائهم
وسرت في جملتهم وأخذوا معهم الجنائب وأظهروا زي الفراعنة وخلع على نصر بن ثابت عوض بشارته وساروا إلى لقاء المتنصرة‏.‏
قال‏:‏ حدثنا عسكر بن حسان عن رفاعة بن موسى عن موسى بن عون عن جده نعيم بن مرة‏.‏
قال كنت فيمن وجه عمر بن الخطاب من أهل نخلة وكان خالد يحبني ويقربني لأن أبي كان يسافر له ببضاعة إلى سوق بصرى‏.‏
قال‏:‏ فلما رأى خالد أصحاب الملك قد أتوا قال لي خالد‏:‏ يا ابن مرة أريد أن أوصيك‏.‏
فقلت‏:‏ بماذا‏.‏
فال‏:‏ اعلم أنا العدو قد أرسل يلاقينا وهو يظن أننا من متنصرة العرب ولا شك أن عمرو بن العاص ومن معه تجفل قلوبهم منا وأريد أن فتزل عن فرسك وتكمن خلف هذه الحجارة فإذا خلا لك الطريق فانسل نحو عسكر المسلمين وحدثهم بأمرنا وما قد عزمنا عليه من غدر القوم‏.‏
فإذ عمر لا يطمئن لغيرك وأقرئه سلامي وقل له يكن على أهبة فإذا سمع تكبيرنا يأمر أصحابه أن يرفعوا أصواتهم بالتهليل والتكبير فإن ذلك مما يزيد في رعب أعدائنا فقال‏:‏ نعم‏.‏
قال وفعلت كما أمرني خالد ونزلت عن فرسي وأسلمتهما لغلامي دارم ومضيت نحو الجبل وكمنت بين الأحجار‏.‏
قال الراوي‏:‏ وإن خالد أمر أصحابه بلبس الخلع التي أرسلها لهم ابن المقرقس فلبسوها فوق دروعهم ولبس رفاعة بن قيس وبشار بن عون أحسنها وغير خالد زيه والمقداد وعمار ومالك الأشتر‏.‏
قال فلما وصل مقدم جيش القبط‏.‏
قال خالد لرفاعة وبشار‏:‏ ترجلوا له وأصقعوا بين يديه وصلبوا على وجوهكم فليس عليكم في ذلك حرج واحلفوا بالمسيح والسيدة مريم وإياكها والغلط بأن تذكروا محمد صلى الله عليه وسلم فيظن القوم بنا واجعلوا الجهاد نصب أعينكم وتوكلوا على الله في جميع أموركم قال ففعلوا ما قال لهم خالد وترجلوا عند رسول القبط قال‏:‏ حدثنا نصر بن عبد الله عن عامر بن هبار وقال‏:‏ يا عم اعلم أن الله إذا أراد أمرًا هيأ أسبابه وذلك أننا لما أشرفنا على أول ديار مصر نزلنا على دير يقال له دير مرقص وإن ديرًا عامرًا بالرهبان فلما نزلنا عليه أشرف عليه أهله وقالوا‏:‏ من أنتم‏.‏
قلنا‏:‏ نحن من أصحاب الملك هرقل ملك الشام وقد جئنا لنصرة صاحبكم فإنه قد أرسل إلينا يستنفرنا لأجل هؤلاء العرب‏.‏
قال ففرحوا بنا ودعوا لنا وكان كبيرهم والمقدم عليهم في دينهم شيخًا كبيرًا وكان من قسوس الشام وكان من أعلم القوم بدينهما وأعرف الناس بآل غسان وكانت الضيحا قد أقطعها هرقل للملك جبلة بن الأيهم وكان قد جعل على جبايتها ولد هذا القس وكان اسمه نونلس وأن المسلمين لما فتحوا بعلبك وحمص هرب هذا القس بأمواله وأولاده إلى طرابلس وركب البحر في مركب وتوصل إلى مصر وبلغ خبره المقوقس فأحضره وسأله عن حاله فحدثه بأمره فخلع عليه وجعله قيمًا في الكنيسة المعلقة التي في قصر الشمع وصار من أصحاب سكناه في دير مرقص ولا يدخل مصر إلا في أمر مهم فلما نزل عمرو بمن معه عليهم وقتل ابن المقوقس أباه احتاج إلى رأي البترك فأرسل إليه وأنزله في الكنيسة وولى البترك مكان هذا القس نونلس بن لوقا فكان في الدير فلما نزل خالد بن الوليد ومن معه على الدير قال عامر بن المبارك الثعلبي‏:‏ فأشرف علينا وتأملنا وكان أعرف الناس بخالد بن الوليد لأنه رآه في مواطن كثيرة من الشام وكان صاحب حمص قد أرسله رسولًا إلى أبي عبيدة ليصالحوهم‏.‏
قال فجعل يتفقدهم وينظر في وجوههم ثم قال‏:‏ وحق المسيح ما أنتم من آل غسان وما أنتم إلا من عرب الحجاز وقد جئتم لتحتالوا علينا فإني رأيت إمامكم الذي فتح الشام وقتل ملوكها وسوف أكاتب الملك بقصتكم ليقبض عليكم فقالوا‏:‏ ما عندنا خبر من الذي تقوله وقد خيل لك ذلك‏:‏ أما علمت أن المسلمين ما خلوا لنا حالًا وقد نهبونا وأصبحنا بالذل بعد العز والفقر بعد الغنى وقد كتب إلينا ملك مصر بأن نجيء إليه فأرسل إلينا بالخلع وطيب قلوبنا‏.‏
قال عامر‏:‏ فضحك اللعين من قولي وقال لي‏:‏ إن آل غسان أكثرهم يعرف بكلام الروم وحق ديني ما أنتم منهم وقد صح قولي‏:‏ إنكم مسلمون‏.‏
فقلنا له‏:‏ يا ويلك لو كنا من الذين تقول عنهم ما كنا نأتيكم بالنهاروكنا نكمن ونسير في الليل حتى نصل إلى أصحابنا وإنك استحقرت المسيح إذ جعلتنا من أصحاب محمد فقد وقعت في ذنب عظيم ثم إننا بالقرب منهم‏.‏
فقال أصحابه‏:‏ يا أبانا ليس هؤلاء القوم ممن ذكرت فلو كانوا مسلمين ما جسروا أن يدخلوا أرض مصر في ضوء النهار ولا يقربوا العمران‏.‏
فقال‏:‏ وحق ديني أنا أعرف الناس بهم وإنهم مسلمون بلا شك فامتنعوا منهم ولا تخرجوا لهم طعامًا ولا ماء وسأنفذ خبرًا للملك بذلك فيكون منهم على حذر‏.‏
قال عامر بن هبار‏:‏ وكان من لطف لله بنا أن الرهبان الذين بالدير لما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض‏:‏ يجب علينا أن نأخذ لنا منهم صلحًا فنكون آمنين من غائلتهم ولا نبرح من ديرنا هذا‏.‏
فقال أكبرهم‏:‏ إن أنتم فعلتم ذلك فإننا لا نعلم من ينصر الفريقين أصحابنا أم العرب فان كان النصر لأصحابنا خفنا من هذا القس أن يعلم بنا الملك أننا صالحنا المسلمين بغير أمره فإنه يقتلنا وإن هذا اللعين تعلمون أنه على غير منصبنا وهو في كل يوم يكفرنا لأنه نسطوري ونحن يعقوبية فإن أنتم أردتم صلح هؤلاء العرب فدونكم وهذا القس فاقبضوا عليه وسلموه لهم وخذوا منهم أمانًا‏.‏
قال‏:‏ ففعلوا وقبضوا عليه وأشرفوا علينا وقالوا لنا‏:‏ بحق ما تحقدون من دينكم أنتم من أصحاب محمد أم لا‏.‏
فإنا قد قبضنا على هذا اللعين ونريد أن فسلمه لكم وأنكم تعطوننا أمانًا فإنا قوم لا نعرف حربًا ولا قتالًا‏.‏
فقال لهم مالك الأشتر‏:‏ يا هؤلاء أما ما زعمتم من صلحنا فإنا نصالحكم وما كان أمرنا بالذي يخفى ولا نرضى بالكذب فإنه أشنع شيء عندنا ولا سيما أن الإسلام يمنعنا من استعماله ولو أن السيف على رأس أحدنا إذا سئل عن دينه أجاب به وتكلم بوحدانية الله تعالى ونحن من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ولكم الأمان وهذا أمان الله ورسوله‏.‏

يتبع
 يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق