إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

60 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


60

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال‏:‏ وعاد الرسول وأخبر الملك بما قاله عمرو فعند ذلك قال‏:‏ أريد أن أدبر حيلة أدهمهم بها فقال الوزير‏:‏ اعلم أيها الملك أن القوم متيقظون لأنفسهم لا يكاد أحد أن يصل إليهم بحيلة ولكن بلغني أن القوم لهم يوم في الجمعة يعظمونه كتعظيمنا يوم الأحد وهو عندهم يوم عظيم وأرى لهم من الرأي أن تكمن لهم كمينًا مما يلي الجبل المقطم‏.‏
فإذا دخلوا في صلاتهم يأتي إليهم الكمين ويضع فيهم السيف‏.‏
قال‏:‏ فأجابه الملك إلى ذلك وأقاموا ينتظرون ليلة الجمعة‏.‏
قال‏:‏ وأما عمرو فإنه أرسل يوقنا إلى القرى التي صالحوها ليأتيه منها بما يأكلونه ويعلفون به خيلهم قال‏:‏ فركب يوقنا إلى القرى التي صالحوها وسار في عسكره وبني عمه إلى ما يأتي به ومضى نحو الجرف وكان معهم جواسيس الملك في عسكرهم فأتوا إلى الملك وأخبروه بما جرى من المسلمين فعندها دعا بابن عمه ماسيوس وهو المقدم على جيوش مصر وقال له‏:‏ اختر من جيوشنا أربعة آلاف وامض بهم واكمن وراء عسكر المسلمين من جهة الجبل وإياك أن يظهر عليكم أحد وليكن لكم ديدبان‏.‏
فإذا دخل القوم في صلاتهم فاحملوا عليهم وضعوا فيهم السيف‏.‏
قال‏:‏ ففعل ماسيوس ما أمره به الملك ومضى في الليل من نحو مغارة السودان ولم يعلم بهم أحد فلما كان وقت صلاة الجمعة أتاهم الديدبان وأعلمهم أنهم دخلوا في الصلاة وكانوا قد أخذوا بغالًا ودواب وحملوها برًا وشعيرًا وكان قد قال لهم‏:‏ إذا أردتم أن تحملوا عليهم فقدموا الحمول أمامكم فإنهم يأمنون ويحسبون أنها هي التي مضى صاحبهم يأتي بها قال‏:‏ ففعلوا ذلك‏.‏
حدثنا ابن إسحق حدثنا عمارة بن وهب عن سعيد بن عامر عن سليمان بن ناقد عن عروة عن جابر عن محمد بن إسحق قال‏:‏ هكذا دبر عليهم القبط وكان بين القوم وبينهم نصف ميل وليس عند المسلمين خبر ما صنع المشركون وكان سعيد بن نوفل العدوي يقول لعمرو‏:‏ أيها الأمير ما الذي يمسكنا عن قتال هؤلاء القبط‏.‏
فيقول‏:‏ والله ما تأخري جزع وإنما قد علمتم قصد هذا الملك المقوقس وما عليه من الدين والعقل وهو مقر بنبوة نبينا وقد دخل إلى خلوته التي سنها لنفسه في هذا الشهر المعظم وقد بقي منه خمسة أيام ويظهر ونبعث إليه رسولًا ونرى ما يكون جوابه‏.‏
فإما الصلح وإما القتال‏.‏
قال‏:‏ فبينما هم يتحادثون في ذلك إذ أتاهم رسول من عند أرسطوليس بن المقوقس وقال لهم‏:‏ معاشر العرب إن ولي عهد الملك يسلم عليكم ويقول لكم إني لا أقدر أن أحدث أمرًا حتى يخرج الملك من خلوته وقد بقي له خمسة أيام وهو يدبر في رعيته بما يشاء‏.‏
فقال له عمرو‏:‏ قد علمنا ذلك ولولا الملك وما نعلم منه أنه يحب نبينا وأنه مؤمن به ما أمهلناكم طرفة عين فمضى الرسول‏.‏
قال ابن إسحق‏:‏ وما بعث هذا اللعين هذا الرسول إلا ليطمئن المسلمون وليقضي الله أمرًا كان مفعولا وإذا جاء القدر لا ينفع الحذر وإذا أراد الله أمرًا هيأ أسبابه‏.‏
قال الراوي‏:‏ فكان المسلمون قد اطمأنت قلوبهم بذلك الخبر وقربت الصلاة فقام عمرو وخطبهم خطبة بليغة حقر فيها وأنذر فلما فرغ أقيمت الصلاة وأقاموا مواليهم يرقبون مخافة العدو أن يكبسهم في صلاتهم‏.‏
قال صابر بن قيس ونحن لا نرى أحدًا من أهل مصر لا فارسًا ولا راجلًا قال‏:‏ فاصطففنا خلف عمرو للصلاة وليس يبين لنا عدو نخافه فلما أحرمنا وقرأ عمرو ركعنا وأومأنا للسجود إذ أشرفت الدواب والبغال وعلى ظهورها الأحمال والعسكر من ورائها وهم أهل الكمين الذي أكمنه أعداء الله وهم على عدد أصحابنا الذين مع يوقنا فلما رآهم موالينا ظنوا أنهم أصحابنا وقد أقبلوا بالعلوفة فرفعوا أصواتهم بالفرح وقالوا‏:‏ جاء يوقنا وأصحابه ولم يكلمهم العدو حتى أتونا ونحن في الصلاة ووضعوا السيف فينا ونحن ساجدون السجدة الأخيرة ونحن بين يدي الله تعالى‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق