إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 27 يونيو 2014

52 مقدمة فتوح الشام أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )


52

مقدمة

فتوح الشام

أبو عبدالله بن عمر الواقدي (الواقدي )

قال وخرج وعليه لامة وخرج مبارزًا فلما رآه المسلمون قد خرج وكأنه جبل قد انهد من أعلاه إلى أسفله وهو يلمع من بريق الجوهر ضج المسلمون بقول لا إله إلا الله فلما وقف في الميدان أقبل يرطن بلغته ويطلب البراز فأقبل العرب يهرعون إليه من كل جانب ومكان يريدون قتاله لأجل ما عليه فقال عمرو‏:‏ ثواب الله خير لكم مما عليه فلا يخرج أحد لطلب سلبه فيكون خروجه لأجل ذلك وإن قتل مات في سبيل ما خرج إليه وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه‏)‏‏.‏ قال‏:‏ فخرج غلام من اليمن ومعه أمه وأخته يريدون الشام وأخته تقول له‏:‏ يا ابن أمي جد بنا في السير لنصل إلى الشام فنأكل من خيره ونعمه‏.‏
فقال لها أخوها‏:‏ إنما أذهب لأقاتل لمرضاة الله عز وجل‏.‏
وقد سمعت معاذ بن جبل يقول‏:‏ إن الشهداء عند ربهم يرزقون‏.‏
فقالت له أخته‏:‏ كيف يرزقون وهم أموات‏.‏
قال‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏إن الله تعالى يجعل أرواحهم في حواصل طيور الجنة فتأكل تلك الطيور من ثمار الجنة وتشرب من أنهارها فتغدو أرواحهم في حواصل تلك الطيور فهو الرزق الذي جعله الله لهم‏)‏ فلما كان قتال قيسارية خرج ذلك الغلام إلى القتال بعد أن ودع أمه وأخته وداع الموت وقال لهم‏:‏ نجتمع على حوض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج وبيده قناة وهي موصولة كثيرة العقد وتحته جواد هجين‏.‏
فلما خرج الغلام حمل على البطريق من ساعته وطعنه بسنانه‏.‏
قال‏:‏ فاشتبك السنان في درع البطريق فلم يقدر على انتزاعه فضرب البطريق قنا الغلام بسيفه فقطعها وحمل على الغلام وضربه على هامته فشطرها فوقع الغلام ميتًا رحمه الله وجال قيدمون على مصرعه ثم طلب البراز فخرج إليه ابن قثم فقتله البطريق فلما نظر إلى ذلك شرحبيل بن حسنة رضي الله عنه أقبل يعاتب نفسه وبقول‏:‏ تتفرجين على قتل المسلمين ثم خرج والراية بيده التي عقدها له أبو بكر رضي الله عنه يوم خروجه إلى الشام فلما رآه عمرو قد عول على الخروج قال‏:‏ يا عبد الله أركز الراية لئلا تشغلك‏.‏
فركزها شرحبيل فوقفت كالنخلة وغاصت في حجر كأنها منه فتفاءل بالنصر وخرج إلى لقاء قيدمون والمسلمون يدعون له بالنصر على عدوه فلما رآه البطريق ضحك من زيه وكان للملعون صوت عال وهو ضخم من الرجال وكان شرحبيل نحيف الجسم من كثرة الصيام والقيام بالليل والبطريق في ميدانه فحمل كل واحد منهما على صاحبه واختلفا بضربتين وكان السابق شرحبيل فلم يعمل السيف في لامة البطريق شيئًا وثبت السيف في بيضته وحمل قيدمون على شرحبيل فشجه ثم تجاولا على الجوادين‏.‏
قال سعيد بن روح‏:‏ وكان ذلك اليوم كثير البرد والسحاب فبينما هما في المعركة إذ نزل المطر كأفواه القرب قال‏:‏ فنزلا عن الجوادين وجالا يتصارعان في وسط الطين وذلك أن قيدمون حمل على شرحبيل فضرب يده في مراق بطنه فاقتلعه من الأرض ورمى به على ظهره ثم استوى على صدره وهم أن ينحره فنادى شرحبيل‏:‏ يا غياث المستغيثين فما استتم كلامه حتى خرج إليه فارس من الروم وعليه لامة مذهبة ومن تحته جواد من عتاق الخيل فقصد موضع البطريق وشرحبيل فظن قيدمون أنه إنما خرج ليعطيه جواده ويعينه فلما قرب منهما ترتجل وأمال البطريق برجليه عن صدر شرحبيل وقال‏:‏ يا عبد الله قد أتاك الغوث من غياث المستغيثين فوثب شرحبيل قائمًا ينظر إليه متعجبًا من قوله وفعله وكان الفارس متلثمًا ثم جرد سيفه وضرب البطريق ضربة قطع رأسه وقال‏:‏ يا عبد الله خذ سلبه‏.‏
فقال شرحبيل‏:‏ والله ما رأيت أعجب من أمرك وإني رأيتك جئت من عسكر الروم فقال‏:‏ أنا الشقي المبعد أنا طلحة بن خويلد الذي ادعى النبوة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذب على الله وزعم أن الوحي كان ينزل عليه من السماء فقلت له‏:‏ يا أخي ‏{‏إن رحمة الله قريب من المحسنين‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 56‏]‏‏.‏ وقد وسعت رحمته كل شيء ومن تاب وأقلع وأناب قبل الله توبته وغفر له ما كان منه والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏(‏التوبة تمحو ما قبلها‏)‏ أما علمت يا ابن خويلد أن الله سبحانه وتعالى لما أنزل على نبيه ‏{‏ورحمتي وسعت كل شيء‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 156‏]‏‏.‏ طمع فيها كل شيء حتى إبليس فلما نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 156‏]‏ قالت اليهود‏:‏ نحن نؤتي الزكاة ونتصدق فلما نزل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والذين هم بآياتنا يؤمنون‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 156‏]‏ قالت اليهود‏:‏ نحن مؤمنون بما أنزل الله في الصحف والتوراة فأراد الله أن يعلمهم أنها خاصة بأمه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله‏:‏ ‏{‏الذين يتبعون الرسول النبي الأمي‏}‏ ‏[‏الأعراف‏:‏ 157‏]‏ فقال طلحة بن خويلد‏:‏ ما لي وجه أرجع إلى الإسلام وهم أن يسير على وجهه فمنعه شرحبيل وقال له‏:‏ يا طلحة لست أدعك تمضي بل ترجع معي إلى العسكر قال‏:‏ ما يمنعني من المسير معك إلا الفظ الغليظ خالد بن الوليد وإني أخاف أن يقتلني فقلت‏:‏ يا أخي إنه ليس معنا وهذا الجيش لعمرو بن العاص قال‏:‏ فرجع معي فلما قربنا من المسلمين تبادروا إلينا وقالوا‏:‏ يا شرحبيل من هذا الرجل معك‏.‏
فلقد صنع معك جميلًا قال‏:‏ ولم يعرفوه لأنه كان متلثمًا بفضل عمامته‏.‏
فقلت‏:‏ هذا طلحة بن خويلد الذي ادعى النبوة فقالوا‏:‏ أو تاب ورجع إلى الله‏.‏
فقال‏:‏ أنا تائب إلى الله سبحانه وتعالى‏.‏
قال شرحبيل‏:‏ فأتيت به إلى عمرو بن العاص فسلم عليه وبش في وجهه ورحب به‏.‏
قال‏:‏ حدثنا حسان بن عمر الربعي عن جده أن طلحة بن خويلد لما ادعى النبوة وجرى له ما جرى من الحرب مع خالد بن الوليد رضى الله عنه وسمع أن خالدًا قتل مسيلمة الكذاب وقتل الأسود العبسي أيضًا لأنه قال إنه نبي فخاف طلحة على نفسه من خالد فهرب بالليل ومعه زوجته للشام واستجار برجل من آل كلب فأجاره الكلبي وأنزله في داره وكان الكلبي مؤمنًا وبقي عنده مدة أيام إلى أن استخبره عن حاله فحدثه طلحة بجميع أحواله مع خالد بن الوليد ووقائعه معه وكيف ادعى النبوة فغضب الكلبي لكلامه وطرده من جواره فأقام طلحة بالشام وقد تاب من أمره فلما بلغه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قد قبض قال‏:‏ ذهب من جردت السيف في وجهه فمن ولي بعده‏.‏
قالوا‏:‏ عمر بن الخطاب قال‏:‏ الفظ الغليظ‏.‏
وهاب أن يمضي إليه وفزع من خالد بن الوليد أن يراه بالشام فيقتله فقصد قيسارية ليركب في المراكب ويطرح نفسه في بعض جزائر البحر فلما نظر إلى جيش فلسطين قد خرج إلى قتال العرب قال‏:‏ أسير مع هذا الجيش فلعلي أنكب نكبة وأغسل بها شيئًا من أوزاري وتكون لي قربة إلى الله تعالى وإلى المسلمين فلما نظر شرحبيل في عين الهلكة قال‏:‏ لا صبر لي عنه فخرج واستنقذه كما ذكرناه فلما وقف بين يدي عمرو بن العاص شكره وبشره بقبول التوبة‏.‏
فقال‏:‏ يا عمرو إني أخاف من خالد بن الوليد أن يراني بالشام فيقتلني‏.‏
فقال عمرو‏:‏ فإني أشير إليك بشيء تصنعه وتأمن به على نفسك في الدنيا والآخرة‏.‏
قال‏:‏ وما هو‏.‏
قال‏:‏ أكتب معك كتابًا بما صنعت وشهادة المسلمين فيه وتنطلق به إلى عمر بن الخطاب وتدفعه إليه واظهر التوبة فإنه يقبلها وسيندبك إلى الفتوح وقتال الروم فتمحو عنك ما سلف من خطاياك فأجابه طلحة إلى ذلك فكتب له عمرو كتابًا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما صنع وأخذه طلحة ومشى به إلى مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجد عمر في المدينة وقيل له هو بمكة فمضى حتى وردها فوجد عمر متعلقًا بأستار الكعبة فتعلق معه وقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إني تائب إلى الله عز وجل وحق رب هذا البيت مما كان مني‏.‏
قال عمر‏:‏ من أنت قال‏:‏ أنا طلحة بن خويلد‏.‏
قال‏:‏ فنفر عمر عنه وقال‏:‏ يا ويلك إن أنا عفوت عنك فكيف الأمر غدًا بين يدي الله عز وجل بدم ابن محصن الأسدي‏.‏
قال طلحة‏:‏ يا أمير المؤمنين عكاشة رجل أسعده الله على يدي وشقيت أنا بسببه وأرجو أن يغفر الله لي بما عملته قال عمر‏:‏ وما عملت فأخرج له كتاب عمرو بن العاص فلما قرأه عمر وفهم ما فيه فرح به وقال‏:‏ أبشر فإن الله غفور رحيم وأمره عمر أن يقيم بمكة حتى يرجع إلى المدينة فأقام معه أيامًا فلما رجع عمر إلى المدينة وجه به إلى قتال أهل فارس‏.
قال الواقدي‏:‏ رجعنا إلى الحديث‏.‏
قال‏:‏ لما

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق