إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 يونيو 2014

308 تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث الفصل الرابع في تاريخ مملكة النبط في البتراء وعلاقتها بسيناء قديما وحديثا " مملكة النبط "


308

تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها

الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث

الفصل الرابع في تاريخ مملكة النبط في البتراء وعلاقتها بسيناء قديما وحديثا

" مملكة النبط "

  ثم نرى النبط بعد ذلك قد حلوا محل الأدوميين وأسسوا مملكة في البتراء امتدت من دمسق الشام إلى وادي القرى قرب " المدينة " شمالا وجنوبا ومن بادية الشام إلى خليج السويس شرقا وغربا . فشملت شمال غرب جزيرة العرب وجزيرة سيناء . ووجدت آثارهم في الحجر " مدائن صالح للثموديين " وحوران ودمشق الشام وجزيرة سيناء .

  وأما آثارهم في سيناء فهي صخرات كتابية في طريق القوافل من البتراء إلى السويس . وفي طريق العقبة إلى مدينة الطور . وفي الأماكن المقدسة في جبل موسى ووادي فيران . وفي معادن الفيروز والنحاس في وادي المغارة ووادي النصب الغربية وفي غيرها من الأماكن في بلاد الطور كما بيناه في باب الجغرافية ِ. وقد دل ذلك على أن النبط استخدموا طرق التجارة في سيناء وعدنوا الفيروز في وادي المغارة والنحاس في وادي النصب وكانوا يزورون أماكنها المقدسة في جبل موسى وجبل سربال . وسنرى في تاريخ الدير أن رهبانا من البتراء سكنوا سيناء في صدر النصرانية وأن أبرشية فيران كانت قبل بناء الدير تابعة لأبرشية البتراء .    ص   462

وأول من ذكر النبط في التاريخ ديودورس الصقلي وخلاصة قوله : " غن النبط يعيشون في بادية جرداء لا نهر فيها ولا سيول . ومن أمهات قوانينهم منع بناء المنازل أو زراعة الحبوب أو استثمار الأشجار وتحريم الخمر مع التشديد في العمل بذلك .

  " ويقتات بعضهم بلحوم الإبل وألبانها والبعض الآخر بالماشية أو الغنم ويشربون الماء المحلى بالمن . ومنهم قبائل عديدة تقيم في البادية ولكن النبطيين أغنى تلك القبائل , وثروتهم من الاتجار بالاطياب والمر وغيرها من العطور يحملونها من اليمن وغيرها إلى مصر وشواطئ البحر المتوسط .ولم تكن بمر تجارة في أيامهم بين الشرق والغرب إلا على يدهم . ويحملون إلى مصر القار لأجل التحنيط . وهم حريصون على حريتهم فإذا داهمهم عدو يخافون بطشه فروا إلى الصحراء وهي أمنع حصن لهم لأنها خالية من الماء فلم يدخلها سواهم إلا مات عطشا " اه

  وقد ذكرهم ديودورس في كلامه عند إغارة أنتيغونس سيد آسيا الصغرى على البتراء سنو 312 ق. م وارتداده عنها بالفشل قال : " إن النبطيين خلفوا الأدوميين في بلادهم . وإنهم عشرة آلاف مقاتل لا شبيه لهم في قبائل البدو . وإن بلدهم الوعر القاحل ساعدهم على التمتع بالحرية والاستقلال لأنهم كانوا يستغنون عن سائر العالم بصهاريج سرية مربعة الشكل منقورة في الصخور تحت الأرض يخزنون فيها الماء . ولكل منها فوهة ضيقة وباطن واسع اتساعه ثلاثون مترا مربعا يملأونها بماء المطر في الشتاء ويحكمن سدها بحيث يخفى مكانها على غير العارف ولها على فوهاتها علامات ترشدهم إليها لا يعرفها غيرهم " اه . قلت وهي " كالهرابات " التي لا يزال يستعملها بدو سيناء إلى اليوم .

  " غزوة أنتيغونس للنبط في البتراء سنة 312 ق. م " أما غزوة انتيغونس للنبط المشار إليها فخلاصتها مما رواه المؤرخ شارب الانكليزي في تاريخ مصر القديم : " إن أنتيغونس كان ينوي غزو مصر ونزعها من يد بطليموس الأول وكان بطليموس قد استرجع عساكره من سوريا الجنوبية وترك الصحراء بينه وبين انتيغونس ولم يكن عند انتيغونس مراكب تحمي جيشه البري وتساعده على اختراق الصحراء      ص    463

فرأى أن يخضع النبط أو يكتسب صداقتهم ليهاجم مصر بطريق البتراء لأن هذه الطريق أغزر ماء من طريق الفرما ولأن مصر لم تكن محصنة من جهة السويس كما كانت من جهة الفرما وكان النبط إذ ذاك يتجرون مع سوريا ومصر ففضلوا البقاء على الحياد فاستاء انتيغونس منهم ونوى إذلالهم فبلغه يوما أنهم خرجوا من معقلهم لسوق قريبة , ربما ليلاقوا قافلة آتية من الجنوب ويقايضوا بضائع صور الصوفية بعطور اليمن , وإنه لم يبق في المدينة منهم إلا نفر قليل فانتقى أربعة آلاف من المشاة وست مئة فارس فدخلوا المدينة عنوة وامتلكوها . فلما بلغ النبط ما كان عادوا ليلا ونزلوا على اليونانيين من طرق شاقة لا يعرفها غيرهم واعملوا فيهم السيف والحربة حتى أنه لم يبق منهم سوى 50 رجلا تمكنوا من الفرار وأخبروا أنتيغونس بما كان . وأرسل النبط يلومون انتيغونس لغزوه بلادهم بعد أن أمنهم . وكان انتيغونس عند مجئ رسل النبط يتميز من الغيظ لما حل بجيشه ولكنه لجأ إلى المخادعة فكضم غيظه وأظهر للرسل أنه مستنكر هذه الغزوة وأن قائده إنما فعل ذلك بغير علمه . ووعدهم بالأمان . وفي الوقت عينه أرسل ابنه ديمتريوس بأربعة آلاف من المشاة وأربعة آلاف من الفرسان لينتقموا للجيش الأول ويفتحوا المدينة . وكان العرب هذه المرة متيقظين وكانت حصانة موقعهم تساعدهم على الدفاع لذلك عجز جيش ديمتريوس هذا وهو زهرة جيش أبيه عن دخول المدينة وعاد بالخيبة . واضطر انتيغونس إلى مصالحة بطليموس والعودة إلى آسيا الصغرى كما سيجئ .

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق