إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

72 فتوح الشام ( للواقدي )



72


فتوح الشام ( للواقدي )


قال الواقدي رحمه الله تعالى‏.‏

فبينما أصحاب عبد الله بن جعفر في أشد ما يكونون فيه إذ خرجت عليهم خيل المسلمين وكتائب الموحدين كأنهم الطيور وعليها الرجال كأنهم العقبان الكاسرة والليوث الضارية وهم غائصون في الحديد وقد ارتفع لهم الضجيج وبخيلهم العجيج فلما نظر عبد الله وأصحابه إلى ذلك ظنوا أنها نجدة الأعداء فأيقنوا بالهلاك والفناء وجعلوا ينظرون إلى الخيل التي رأوها وإذا هي قاصدة إليهم ففزعوا وجزعوا وظنوا أن كمينًا من الروم قد خرج لقتالهم فعظم عليهم الأمر وقل منهم الصبر وأخذهم البهر وقد لحق بالمشركين الدمار وأتاهم حرب مثل النار والسيوف تلمع والرؤوس من الرجال تقطع والأرض قد امتلأت قتلى وهم في أيدي المشركين كالأسرى والقوم في أشد القتال والسيف يعمل في الرجال إذ نادى فيهم مناد وهتف بهم هاتف‏:‏ خذل الآمن ونصر الخائف يا حملة القرآن جاءكم النصر من الرحمن ونصرتم على عبدة الصلبان وقد بلغت القلوب الحناجر وعملت المرهفات البواتر وإذا بفارس على المقدمة كأنه الأسد الزائر أو الليث الهادر ويده تشرق بالأنوار كإشراف القمر فنادى الفارس بأعلى صوته‏:‏ أبشروا يا معاشر حمله القرآن بالنصر المشيد أنا خالد بن الوليد فلما نظر المسلمون الراية وسمعوا صوت خالد رضي الله عنه كأنهم كانوا في لجة وأخرجهم فأجابوه بالتهليل والتكبير وكانت أصواتهم كالرعود القواصف والرياح العواصف ثم حمل خالد بن الوليد رضي الله عنه بجيش الزحف الذي لا يفارقه ووضع السيف في الروم‏.‏
قال عامر بن سراقة‏:‏ فما شبهت حملته إلا حملة الأسد في الغنم ففرقهم يمينًا وشمالًا‏.‏

قال‏:‏ فثبت المسلمون وكل علج من الروم شديد يمانع عن نفسه وخالد يطلب أن يصل إلى عبد الله بن جعفر‏.‏

ولما نظر المسلمون إلى الخيل المقبلة عليها ولم يعلموا ما هي حتى سمعوا صوت خالد بن الوليد رضي الله عنه فقال‏:‏ يا أيها الناس دونكم الأعداء فقد جاءكم النصر من رب السماء ثم حمل وحملت المسلمون معه‏.‏

قال واثلة بن الأسقع‏:‏ لقد كنا آيسنا من أنفسنا وأيقنا بالهلاك حتى أتتنا المعونة من الله عز وجل فحملنا بحملة إخواننا‏.‏

قال‏:‏ فما اختلط الظلام حتى نظرت إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه والراية بيده وهو يسوق المشركين بين يديه سوق الغنم إلى المراعي والمسلمون يقتلون ويأسرون فلله در أبي ذر الغفاري وضرار بن الأزور والمسيب بن نجية الفراري لقد قرنوا المواكب وهزوا المضارب وقتلوا الروم من كل جانب والتقى ضرار بعبد الله بن جعفر رضي الله عنه فنظر إليه والدم على أكمام درعه كأكباد الإبل فقال‏:‏ شكرًا لله تعالى لك يا ابن عم وسول الله صلى الله عليه وسلم والله إنك لقد أخذت بثأر أبيك وشفيت غليلك فقال عبد الله بن جعفر رضي الله عنه‏:‏ من الرجل المخاطب لي وكان الظلام قد اعتكر وضرار ملثم لا يبين منه إلا الحدق فلم يعرفه عبد الله‏.‏

فقال‏:‏ أنا ضرار بن الأزور صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ مرحبًا بطلعتك وبأخ منا عدل لنا وقام لنصرتنا‏.‏

قال عبد الله بن أنيس‏:‏ فبينما هم على ذلك إذ أقبل خالد بن الوليد رضي الله عنه وجيش الزحف‏.‏

فقال‏:‏ شكر لك الله وأحسن جزاءك ثم قال عبد الله‏:‏ يا ضرار اعلم أن حامية الروم والبطارقة عند الدير لأجل ابنة صاحب طرابلس وما معها من الأموال وقد أحاط بها كل فارس من الروم فهل لك يا ابن الأزور أن تحمل معي‏.‏

فقال‏:‏ وأين هم فقال‏:‏ أما تنظر إليهم فمد عينه وإذا بحامية الروم وبطريق طرابلس وقد أحدقوا بالدير يمنعون عن الجارية والنيران مشتعلة والصلبان تلمع كضوء النار وكأنهم سد من حديد‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق