58
فتوح الشام ( للواقدي )
قال المفرط: فلما علونا عليه وجدنا مرجًا واسعًا كثير الجنبات كثير النبات وفيه خضرة عظيمة وإن القوم قد أصابهم المطر حتى بل رحالهم وقد حميت عليهم الشمس فخافوا إتلافها فأخرجوها وأخرجوا الديباج ونشروها في طول المرج وقد نام أكثرهم من شدة السير والتعب والمطر الذي أصابهم.
قال المفرط بن جعدة: فلما رأيت ذلك فرحت فرحًا شديدًا ورجعت إلى خالد بن الوليد وتركت صاحبي يونس فلما رآني خالد وحدي أسرع إلي وظن أن صاحبي كيد.
فقال: ما وراءك يا ابن جعدة أخبرني وعجل بالخبر.
فقلت: الخير والغنيمة يا أمير وإن القوم خلف هذا الجبل وقد أصابهم المطر وقد وجدوا الراحة بطلوع الشمس وقد نشروا أمتعتهم.
فقال: بشرك الله بالخير ثم ظهر لي من وجهه الخير والفرح والسرور فبينما نحن كذلك وإذا بيونس قد أقبل.
فقال له خالد: خيرًا فقال له: أبشر أيها الأمير فإن القوم أمنوا على أنفسهم ولكن أوص أصحابك أن كل من وقع بزوجتي فليحفظها فما أريد من الغنيمة سواها.
فقال له خالد: هي لك إن شاء الله تعالى ثم إن خالدًا قسم أصحابه أربع فرق فأمر ضرار بن الأزور على ألف فارس وعلى الألف الثاني رافع بن عميرة الطائي وعلى الألف الثالث عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وبقي هو في الفرقة الرابعة.
وقال: سيروا على بركة الله تعالى وإياكم أن تخرجوا إليهم دفعة واحدة بل يخرج كل أمير منكم بينه وبين صاحبه قدر ساعة ثم افترق القوم وحمل ضرار بن الأزور والروم مطمئنون وحدك من بعله رافع بن عميرة الطائي ثم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ثم خالد بن الوليد سار في آخر القوم حتى وصلوا المرج.
قال عبيد بن سعيد: والله لقد كدنا أن نفتنه من حسن منظره فزعق فينا خالد بن الوليد وقال: عليكم بأعداء الله ولا تشتغلوا بالغنائم ولا بالنظر إلى المرج فإنها لكم إن شاء الله تعالى.
ثم عطف خالد بن الوليد رضي الله عنه على الروم وقد نظرت الروم إلى الخيل وقد خرجت عليهم وخالد أمامهم فعلموا أنها خيول المسلمين فبادروا إلى السلاح وركبوا الخيل وقال بعضهم لبعض: إنها خيل قليلة ساقها المسيح إليكم وجعلها غنيمة لكم فبادروا إليها.
قال فتبادر الروم وهم يظنون أن ليس وراء خالد أحد وإذا بضرار بن الأزور قد خرج عليهم في ألف فارس وطلع رافع بن عميرة الطائي بعده وطلع عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق بعدهم وطلبت كل كتيبة فرقة من الروم وتفرقوا من حولهم وطلبوا ما في أيديهم وقد رفعوا أصواتهم يقولون: لا إله إلا الله محمد رسول الله وانصبت خيل المسلمين على الروم كأنها السيل المنحدر ونادى هربيس برجاله قاتلوا عن نعمكم فما لهؤلاء القوم حيلة ولا يخلصون من هذا المكان أبدًا فانقسمت الروم طائفة معه وطائفة مع توما فكان من طلب خالدًا توما وقد أحدق به خمسمائة فارس وقد رفع بين عينيه صليبًا من الجوهر مقمعًا بالذهب الأحمر فعدل خالد وحمل عليه وقال: يا عدو الله أظننتم أنكم تفلتون منا والله تعالى يطوي لنا البلاد وكان توما أعور عورته امرأة أبان قال فحمل عليه وطعنه في عينه الأخرى ففقأها وأرداه عن جواده وحمل أصحابه على رجال توما ولله در عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه فإنه لما نظر إلى توما وقد سقط عن جواده نزل وجلس على صدره واحتز رأسه ورفعها على السنان ونادى قد قتل والله توما اللعين فاطلبوا هربيس.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق