إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 1 يوليو 2014

57 فتوح الشام ( للواقدي )


57

فتوح الشام ( للواقدي )


قال‏:‏ رأيت المسلمين في برية قفرة ونحن سائرون فبينما نحن كذلك وإذا بقطيع من حمر الوحش كثيرة عظيمة أجسامها مهزولة أخفافها وهي لا تكدم برماحنا ونحن نضربها بأسيافنا وهي لا تكترث فيما نزل بها من الأذى ولا تهلع مما ينزل فلم نزل مثل ذلك حتى أجتهدنا واجتهدت خيولنا وأني أقبلت على أصحابي وفرقتهم عليها من أربعة جوانب البرية وحملت عليهم فجفلت من أيدينا إلى مضايق وتلال وأودية خصبة فلم نأخذ منها إلا اليسير فبينما نحن نطبخ ونشوي لحومها وإذا هي قد رجعت تطلب الحرب منا فلما نظرت إليها وقد طرحت المضايق والآجام صحت بالمسلمين اركبوا في طلبها بارك الله فيكم فاستوى المسلمون على خيولهم وركبت معهم وطلبناها حتى وقعت بها وتصيدت منها بعيرًا عظيمًا فقتلته فجعل المسلمون يقتلون ويتصيدون فما بقي منها إلا اليسير فبينما أنا فرح وأنا أريد الرجوع بالمسلمين إلى وطنهم إذ عثرت فرسي فطارت عمامتي من على رأسي فهويت لآخذها فانتبهت من منامي وأنا فزع مرعوب فهل فيكم أحد يفسره فإني أقول الرؤيا ما نحن فيه‏.‏

قال فصعب ذلك على القوم وجعل خالد يراود نفسه على الرجوع‏.‏

فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه‏:‏ أما تفسير الوحوش فهؤلاء الأعاجم الذين نحن في طلبهم وأما سقوطك عن فرسك فإنه أمر تنحط عليه من رفعة إلى خفضة وأما سقوط العمامة عن رأسك فالعمائم تيجان العرب وهي معرة تلحقك‏.‏

فقال خالد‏:‏ أسأل الله العظيم إن كان ذلك تأويل ما رأيته أن يجعله من أمر الدنيا ولا يجعله من أمر الآخرة وبالله أستعين وعليه أتوكل في كل الأمور‏.‏

قال ثم سار خالد والذليل أمامهم حتى قطعوا الجبل فلما كانت الليلة التي أردنا أن نصبح فيها القوم أتى مطر كأفواه القرب وكان من توفيق الله عز وعلا أن حبس القوم عن المسير‏.‏

قال روح بن طريف رضي الله عنه ولقد رأيتنا ونحن نسير والمطر ينزل علينا كأفواه القرب طول ليلتنا فلما أصبح الصباح وطلعت الشمس قال يونس‏:‏ أيها الأمير قف حتى أنظر القوم لأنهم لا شك بالقرب منا وقد سمعت صياحهم‏.‏

فقال له خالد بن الوليد‏:‏ أحقًا سمعت صياحهم يا يونس‏.‏

قال‏:‏ نعم أيها الأمير وأريد منك أن تأذن لي بالمسير إليهم وآتيك بخبرهم‏.‏

قال فعند ذلك التفت خالد بن الوليد إلى رجل اسمه المفرط بن جعدة‏.‏

قال له‏:‏ يا مفرط سر مع يونس وكن له مؤنسًا وأحذر أن يأخذ خبركما القوم فقال المفرط‏:‏ السمع والطاعة لله ولك أيها الأمير ثم انطلقا إلى أن صعدا على جبل يقال له الأبرش والروم تسميه جبل باردة‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق