إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

390 فتوح الشام ( للواقدي )


390

فتوح الشام ( للواقدي )


ومنها أنه إذا زاد النيل شيئًا قليلًا يزاد فيه شيء كثير ومنها انه إذا انقطع عنه مدد النيل تفجرت من أصله عيون فصارت نهرًا جاريًا وهذا لا يوجد بغيره أبدًا من الأنهار ومنها أنه ينقسم بأرض الفيوم ماء يسير فيروي زراعات وأراضي شتى وضياعًا وهذا لا يوجد لغيره أبدًا ومنها أنه دفن فيها يوسف الصديق عليه السلام وأقام إلى زمن موسى عليه السلام فازداد بذلك بركة ومنها أنه شقه جبريل عليه السلام بخافقة من جناحه بأمر الله عز وجل للسيد يوسف عليه السلام وحسدهم العمالقة على ذلك وقد ذكرت الرواة أنه كان بين يوسف عليه السلام وبين صاحب مصر كلام بعد فراغ السنين المجدبة فإنه لما اجتمعت بنو إسرائيل عند يوسف عليه السلام وحسدهم العمالقة على ذلك وذكروا ذلك لملك مصر‏.‏

فقال ملك مصر‏:‏ يا يوسف رد علي ملكي فاجتمع رأيهم على الفرقة والقسمة فقسمت الأرض - أي أرض مصر - فوقع الجانب الغربي ليوسف عليه السلام وكان قفرًا رمالًا وتلالًا فأراد أن يجري له نهرًا من النيل فجمع له مائة ألف عبد ودفع لهم المساحي والزنابيل وأمرهم أن يحفروا من الجهة القبلية عند فمه الآن فحفروا ثلاث سنين وقد أجرى لهم منة من خزائنه فكان كلما جاء الليل سد ما حفروه ففعل من الجهة الشرقية كذلك إلى سبع سنين حتى أعياه ذلك وقلق قلقًا شديدًا فأوحى الله إليه يا يوسف قد استعنت برجالك ومالك ولم يستعن بي وعزتي وجلالي لو استعنت بي لحفرته لك في أقل من طرفة عين فخر ساجدًا لله تعالى وهو يقول‏:‏ سبحانك ما أعظم شأنك وأعز سلطانك ثم قام من سجوده ونزع أثوابه واغتسل ولبس المسوح وخرج إلي الربوة وخر ساجدًا متضرعًا إلى الله تعالى فأوحى الله إليه أن أرفع رأسك فقد قضيت حاجتك ثم أمر الله سبحانه وتعالى جبريل عليه السلام فخرقه بخاطفه من جناحه وقال بعضهم بطرفة ريشة من جناحه من فمه من الجهة القبلية إلى آخر الفيوم في أقل من طرفة عين بقدرة الله تعالى فعمر يوسف عليه السلام قناطر وبنى مدينة الفيوم وقسم الأرض بينه وبين إخوته وبينه فكانت أرض البهنسا لأفراثيم بن يوسف فشرع في عمارتها وقطعت الأحجار وعمرت الأسوار والقناطر وكان النهر يجري من وسطها من الجهة القبلية ثم يخرج من الجهة البحرية إلى زمن الإسلام وسنذكر ذلك في الفتح إن شاء الله تعالى وكان لها من الأبراج والرساتيق ما لا يوصف وسكنا جماعة من بني إسرائيل واتخذوا دورًا ومساكن وذلك جميعه غربي مصر وأرض البهنسا إلى آخر الصعيد من الجهة الغربية كلها متخصة ببني إسرائيل لا يشاركهم فيها أحد غيرهم وجعل يوسف عليه السلام هؤلاء العبيد خولة فلاحين وزراعًا بأرض البهنسا والفيوم وغيرها وشرع عمارتها وغرست فيها الأشجار على جانب البحر اليوسفي من الجهة الشرقية والغربية وكانت المرأة تخرج بمكتلها ومغزلها في يدها والمكتل على رأسها فلا ترجع إلا وقد امتلأ من جميع الثمار من غير أن تمس شيئًا بيدها فلما عصت بنو إسرائيل وجحدوا نعمة الله عز وجل وعملوا المعاصي نزع الله تلك النعمة من أيديهم وأعطاهم لغيرهم فاحتووا على الملك دونهم بجحودهم نعمة الله وقتلهم أنبياء الله الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر حتى اتخذوهم أذلة بعد أن كانوا سادات واستعملوهم خولة وفعلة وبنائين وحجارين ونجارين واستخدموا نساءهم وأبناءهم ولم يزل بنو إسرائيل في أضيق عيش وأعظم بلاء وأشد كربة وأعظم بلية من تكليف ما لا يطيقون حتى أنقذهم الله عز وجل بمبعث موسى عليه السلام وليس هذا الكتاب مختصًا بذلك واحتووا على المدائن والمزارع والبساتين‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق