379
فتوح الشام ( للواقدي )
قال الواقدي: حدثني النعمان بن عاملة الضبي عن أبيه عثمان أنهم سلموا عن آخرهم وأن رجلا من بارق ويقال له عرقدة زال عن فرسه وكانت شقراء وكأني أنظر إليها وصاحبها غريق فمضى إليه القعقاع بفرسه وأخذ بيده وجره حتى عبر به.
فقالت الناس: عجزت النساء أن تلد مثلك يا قعقاع ولم يذهب للناس في الماء شيء إلا قدحًا كانت علاقته رثة فانقطعت فذهب الماء بالقدح.
فقال صاحبه: والله لأجهدن عليه وما كان الله ليسلبني قدحي من بين العسكر فلما عبروا أتى رجل من الناس ليغتسل وإذا بالأمواج قد رفعت القدح إليه فتناوله وأتى به إلى العسكر فعرفه صاحبه فأخذه.
قال الواقدي: حدثني عمرو بن تميم.
قال: بلغنا أنه لما عبرت المسلمون تحامت الفرس وقاتلت قتالًا شديدًا وحمت أنفسها وعولت على أن تقاتل إلى أن تموت وهم خواص الملك وأصحاب الإيوان والحصون والقلاع ومقدمهم شهريار بن ساور فطعنه خالد بن نمير في عينه ففقأها وانثنى عليه بضربة بالسيف فقتله وإذ فاجأتهم خيالة من نحو الإيوان وقالوا لهم: عمن تقاتلون فإن الملك هرب بأمواله وأهله وخدمه.
قال فلما سعوا ذلك ولوا الأدبار ولم يكن بالمدائن أعجب من عبور المسلمين إليها وسموا يوم عبورهم الدجلة يوم الجراثيم لأنه لم يكن أحد يعبر إلا ظهرت له جرثومة يسير معها وهي من القش المربوط حزمًا.
قال قيس بن أبي حازم: خضنا الدجلة وهي تطفح.
فلما توسطناها كان يصل الماء من الفرس للحزام.
فلما نظرت الفرس إلى ذلك والمسلمون يعبرون من غير مشقة جعلوا يقولون بالفارسية: ديمور يعني جاء الجن وقالوا: والله ما أنتم تقاتلون إنسًا إنما تقاتلون جنًا فانهزموا وأراد المسلمون الدخول إلى الإيوان فمنعهم سعد من ذلك.
وقال لهم: إياكم والعجلة في الأمور فإنها تورث الندامة وإني أخاف أنها من بعض مكايد العجم فلم يدخل إليه أحد.
قال وتقدم سلام المجازي إلى سعد وكان غلامًا.
وقال له: أيها الأمير والله لقد أرضيت اليوم الله ورسوله وقتلت المقدم عليهم.
ثم إنه استشهد بقية رفاقه الستين فلم يشهد له أحد منهم.
فقال للغلام المجازي: والله ما قتلته فنكس الغلام رأسه وأراد أن ينصرف وإذ قد وثب رجل من الصحابة اسمه هاشم بن عتبة.
وقال لسعد: أيها الأمير أنا رأيته وقد قتل مقدم الفرس فصدقه سعد وأعطى الغلام سلبه.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق