إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 11 يوليو 2014

349 فتوح الشام ( للواقدي )



349


فتوح الشام ( للواقدي )


قال فظهر البشر في وجه عياض وجعل يتطاول إلى قدوم ابن هبيرة المازني حتى وصل وسلم على عياض وعلى المسلمين وعرض عليه الغنائم ومرهف بن واقد يتأملها إلى أن عرضت عليه جارية رومية تخجل الشمس منها وعليها زي الملوك فأطرق المسلمون إلى الأرض يستعملون الأدب مع الله في قوله‏:‏ ‏{‏قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم‏}‏ ‏[‏النور‏:‏ 30 ‏]‏ 0 فلما نظر إليها مرهف قال‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وأن دينكم الحق وقولكم الصدق‏.‏

فقال له عياض‏:‏ ما بالك أيها الرجل‏.‏

قال‏:‏ هذه زوجة يانس صاحب الهتاج وقد طرحها الله في أيديكم فسجد عياض شكرًا لله فلما رفع رأسه قال‏:‏ ‏{‏ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب‏}‏ ‏[‏الطلاق‏:‏ 2 3‏]‏‏.‏
قال الواقدي‏:‏ وكانت ميرونة قد خرجت من عند أهلها ومعها جماعة من بنات البطارقة فرافق طريق قيس بن هبيرة تلك الأرض فأخذها ومن معها وأتى بها إلى عياض‏.‏

فقال عياض لمرهف‏:‏ ارجع إلى يانس واكتم إسلامك وأخبره بما رأيت واستعمل النصح للمسلمين وقل له إن أراد أهله فليسلم لنا هذه القلعة ومهما أردنا منه‏.‏

قال فرجع مرهف إلى يانس وحدثه بما جرى فعظم ذلك عليه وكبر لديه وقال لمرهف‏:‏ ما الذي ترى من الرأي‏.‏

قال‏:‏ اعلم أن هؤلاء القوم ما قالوا قولًا إلا وفوا به وبذلك نصروا علينا ومن الرأي أن نسلم لهم القلعة ويعطوك زوجتك وجميع مالك وأنا الضامن لك منهم ذلك‏.‏

فقال‏:‏ يا أنس انزل إليهم وائتني بعشرة رجال يحلفون لي على ما أريد فإن أجابوني إلى ذلك سلمت إليهم القلعة ولا تأتني إلا بمن يقبل قوله ويشكر فعله حتى أستوثق منهم نفسي ولعله يكون الرجل الذي شاع ذكره بالشجاعة وفتح البلاد والشام - يعني خالد بن الوليد - وإنما أراد الملعون ذلك حتى يقبض عليهم ويخلص بهم زوجته‏.‏

قال فنزل إلى عياض وأخبره بذلك وبما قاله يانس‏.‏

فقال عياض‏:‏ يا مرهف يريد الملعون أن يخدعنا ونحن ثمرة الخداع ونرجو من الله أن يرجع مكره عليه ولديه ثم قرأ ‏{‏إن الله لا يصلح عمل المفسدين‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏ ا 8‏]‏‏.‏

قال خالد‏:‏ دعنا أيها الأمير نصعد إليه والله الموفق للصواب‏.‏

فقال عياض‏:‏ اعزموا على بركة الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير العظيم فنهض خالد والمقداد وعمار وسعيد بن زيد وعمرو بن معد يكرب والمسيب بن نجيبة وقيس بن هبيرة وميسرة وضرار بن الأزور وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين وساروا ومرهف أمامهم إلى أن وصلوا باب القلعة وكان رتب عدو الله غلمانه في دركات القلعة وأمرهم أن يأخذوا منهم سلاحهم ففعلوا ذلك إلا خالدًا وعبد الرحمن وضرارًا فقالوا‏:‏ ما كنا نسلم عدتنا لغيرنا فإن أراد أن ندخل عليه بسلاحنا وإلا رجعنا من حيث أتينا فدخل مرهف عليه وقال‏:‏ إن هؤلاء الثلاثة امتنعوا من إعطاء السلاح وما الذي يقدرون على أن يفعلوه دعهم يدخلوا كيف شاؤوا فلو كانوا نارًا ما أحرقوا ولا ترهم الجزع فيطمعوا‏.‏

فقال‏:‏ وحق المسيح لقد صدقت دعهم كلهم يدخلوا بعددهم حتى يعلموا أننا لا نخافهم ولا نرهبهم وأيضا لئلا تنفر قلوبهم منا فرجع مرهف وأمر غلمانه أن يردوا إليهم أسلحتهم ودخلوا فلما توسطوا القلعة إذا بيانس واقف فلما وقعت عينه عليهم دخل الرعب قلبه لأن من خاف الله خاف منه كل شيء فجعل يهتز ويقع وكان قد قال لجماعته إذا رأيتموني قد قربت منهم وصافحتهم فدونكم وإياهم فنظر خالد إليهم فعلم ما في قلوبهم فقال‏:‏ أيها البطريق قف مكانك فإنا قوم لا نؤتى بحيلة ولا مكر لأنا قهرنا الملوك وأخذنا بلادهم بهذه الأشياء ثم إنه انتضى سيفه وزعق بيانس فأدهشه وخيل له أن كل من في القلعة منهم وتقدم إليه وضربه على حبل عاتقه فأطلع السيف من علائقه فهجمت الصحابة على أهل القلعة ووضعوا السيف فيهم وتكاثر عليهم العدو وتزايد المدد‏.‏
قال وكان في داخل المدينة خلق من الرستاق من قرى الهتاج من فسطاس وقرساط وكان يانس قد جمعهم لقتال المسلمين‏.‏

قال‏:‏ فلما قتل خالد يانس ونظروا إلى صبر الصحابة على قتال أهل القلعة قالوا لبعضهم‏:‏ أنتم تعلمون أن العرب ما يسكتون عن أصحابهم وقد فتحوا آمد والبلاد فلا يمتنع منهم الهتاج وغيرها فخذوا لكم عند المسلمين يدًا وقاتلوا معهم أهل القلعة‏.‏

قال ففعلوا ذلك وجردوا سيوفهم وضربوا منهم من كان في القلعة وسمع عياض الصياح‏.‏

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق