338
فتوح الشام ( للواقدي )
فتح دارا وبيرحا وباعماء
قال: ورحل عياض بن غنم من رأس العين ونزل على كفر توتا وأقبل إليه الغلام يرغون فرحب به وولاه على المدينة وعرض الإسلام على الجارية طاريون فأسلمت وزوجها بابن عمها وبنى البيعة جامعًا وارتحل منها إلى دارا فنزل عليها وخرج إليه أهلها واعتقبوا لهم منه صلحًا وكان جملة ما صالح عليه أهل دارا عشرين ألف مثقال ذهبًا وثلاثين ألف مثقال فضة وأن لا يبقوا سلاحًا فأجابوا إلى ذلك وبنى كنيستهم جامعًا وما أسلم منهم إلا القليل وأقرهم على أداء الجزية وارتحل عن دارا وقصد بيرحا فصالح أهلها على ربع ما صالح عليه أهل دارا ورحل عنها وكانت بنو إسرائيل تعظمها وتقصد إليها بالنذور وكان بانيها حزقيا بن تورخ بن بازيا أحد أنبياء بني إسرائيل فخرجوا إلى عياض وصالحهم على قدر ما صالح به أهل دارا غير أن مقدمهم قال: إنني لم أزل أملك البلد حتى يأتيني الموت ومن أراد أن يدخل في دينكم من أهل بلدنا فلا مانع يمنعه.
فقال له عياض: ما اسمك قال: اسمي طرياطس.
فقال: يا طرياطس إنا نحكمكم على العدل فما فتح الله علينا إلا باتباع الحق وسلوك طريق الصدق والعدل في الرعية.
وإنا نتجنب البغي والظلم وما قصدنا قاصد إلا وجدنا وأنتم منذ خرجتم إلينا ووردتم علينا فنحن نجيبكم إلى سؤالكم ونصالحكم على ما صالحنا عليه أهل دارا.
فقال طرياطس: وتصالحون أهل معرين على ما صالحتم عليه أهل بيرحا فأجابهم عياض إلى ذلك ونزل على باعما ودير.
قال: وإنما أجابه عياض إلى ذلك وألان له العريكة حتى يبلغ الخبر أهل ديار بكر فيجيبون طائعين ويسلمون له من غير منازعة.
وكان قد بلغه تحصن بلادهم وامتناع قلاعهم.
قال: فدخل طرياطس وأخرج المال من خزائنه ولم يأخذ من أهل بلده شيئًا ودفعه لعياض فقبله منه وكتب له كتاب الصلح وشرط عليهم الجزية كما فعل أهل دارا من العام القابل فلما تتم ذلك دخل المسلمون إليه وبنوا جامعًا فلما بلغ أهل نصيبين حسن سيرتهم وعدلهم وجودة أحكام أسم أكثرهم وكان في جملة من أسلم أصحاب النذور وأخربوه وبنوه جامعًا وأقام عياض على نصبين شهرًا فلما أراد الرحيل جاءه طرياطس وقال: قد زدتم في أعيننا بما رأينا من صلاتكم وعبادتكم فأسلم وحسن إسلامه ولم يزل ملكًا حتى مات في خلافة عثمان ونزل في مسجد كندة أسامة بن عامر الكندي وعشرة من بني عمه وارتحل عياض ونزل تحت قلعة المرأة وفيها مارية وولدها عمودا فانزلوا له الإقامة
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق