إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 يونيو 2014

334 تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث الفصل الخامس في تاريخ دير طور سيناء القديم والحديث عود إلى المدرسة العبيدية


334

تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها

الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث

الفصل الخامس في تاريخ دير طور سيناء القديم والحديث

عود إلى المدرسة العبيدية

قدمنا في باب الجغرافية عند ذكر المدرسة العبيدية التي يرئس مجلسها مطران سيناء " أن الأروام استأثروا بالمدرسة حتى لم يعد فيها تلميذ واحد من أبناء العرب . وإني وجهت نظر مطران سيناء الحالي إلى ذلك فأكد لي أنه بعد إتمام البناء المزمع إقامته للمدرسة قريبا في ضواحي القاهرة سينشئ قسما خاصا ينطبق في كل الفروع على برجرام وزارة المعرف المصرية ليكون لأبناء العرب من المدرسة نصيب " . وكان أبناء العرب من الروم الأرثوذكس قد تنبهوا إلى أجحاف مجلس المدرسة بحقوقهم وهبوا للمطالبة بها فأعلمتهم بما وعد المطران فلم يكتفوا به فعقدوا اجتماعا عاما في نادي الاتحاد السوري بالقاهرة في 31 مايو سنة 1914 وعينوا لجنة مؤلفة من ثمانية من الأعيان للدفاع عن حقوقهم المهضومة فأرسلت اللجنة إلى مطران سيناء بصفته رئيسا لمجلس المدرسة كتابا بسطت فيه كيفية حرمان أبناء العرب من المدرسة بجعل اللغة اليونانية اللغةالأساسية للتدريس وطلبت إليه " تدريس العلوم بالعربية التي هي لغة البلاد أو بالفرنساوية التي هي لغة عامة حية يستفيد منها الطلبة من جميع الأجناس على السواء . وطلبت إليه أيضا تعيين عضو سوري ثالث في محل خال من مجلس المدرسة طبقا للوقفية ... " . فأجابها المطران بما معناه :

  " إن المادة الثانية من قانون الواقف لا تسمح لأحد بالتدخل في أعمال المجلس وإدارة المدرسة . وأن المدرسة لم تقفل أبوابها قط في وجه أبناء العرب "

  فردت اللجنة عليه بما مفاده : " إن المادة الثانية التي تشيرون إليها تقضي بعدم تدخل أحد " في إدارة المدرسة ... والترتيب السنوي الذي يصير عليه المعول من الوكلاء المحصور في أيديهم سياسة المدرسة " وأما نحن فلم نتعرض " لإدارة المدرسة والترتيب السنوي " ولا هو المراد من كتابنا وإنما مرادنا توجيه نظر المجلس لعدم مخالفة إرادة الواقف وروح الوقفية " في تلك الإدارة وذلك الترتيب " وهذا حق لكل وطني وقفت المدرسة لفائدته . وأما قولكم إن المدرسة لم تقفل أبوابها في وجه الطلاب أبناء العرب فنجيب عنه بأن بروجرام المدرسة القاضي بجعل اللغة   ص  526

اليونانية اللغة الأساسية لتدريس العلوم فيها هو الذي أقفل المدرسة في وجه أبناء العرب لأنه لا فائدة لأبناء البلاد من التضلع باللغة اليونانية " . فلم يجب اللجنة عن جوابها هذا .

  وقد قدمنا في باب الجغرافية أن قنصلية روسيا بمصر جعلت المدرسة تحت حمايتها . ونزيد عليه هنا أنه لما أقرت الدولة الروسية على المحاكم المختلطة في مصر قد استثنت منها قضايا المدرسة العبيدية واشترطت أن يبقى الفصل فيها لمحاكم القنصلية الروسية . وهذه هي صورة المادة القاضية بذلك من اتفاق المحاكم المختلطة المؤرخ في 9 أكتوبر سنة 1875 م عن كتاب المرحوم جلاد بك الجزء الثالث :

  " المادة الرابعة : المدرسة المؤسسة في مصر من المرحوم روفائيل عبيد الروسي الحائزة على الحماية الروسية لا تحاكم أمام المحاكم الجديدة وتستمر كما في الماضي تابعة للمحاكم القنصلية الروسية عدا عن الدعاوي المتعلقة بالعقارات ملكها. وأنه لمن المفهون أن إخراج المدرسة المذكورة من دائرة اختصاص المحاكم الجديدة هو بصفتها طائفة " شخص أدبي " . وبناء على ذلك الكاهن والأساتذة وكل من كان تابعا للمدرسة المذكورة يبقون تابعين لجهة القضاء المقررة في مصر للجنسية التابعين لها "

الإمضاء " ده لكس " وكيل قيصل جنرال الروسيا . " رياض " ناظر الحقانية . اه

  فلما رأت اللجنة من المطران عدم التلبية لمطالبها التجأت إلى جناب الموسيو سميرنوف قنصل روسيا الجنرال في مصر وطلبت إليه إنصافها بصفته حامي المدرسة والقضي الفصل بمشاكلها . وكانت تطلعه على يجري بينها وبين المطران في حينه . ففاوض المطران في مطالب اللجنة فأنكر عليه التدخل في أمر المدرسة كما أنكره على اللجنة وأصر على رأيه أو يعفى من رئاسة المجلس . فأمر القنصل الجنرال بإعفائه مؤقتا وسمى الوجيه ميشال بك لطف الله عضو السوريين في الجمعية التشريعية وأحد أعضاء لجنة الدفاع , عضوا في مجلس المدرسة . وسمى الوكيل الميتر نقولا عبيد رئيسا مؤقتا للمجلس .

  وفي 18 يونيو سنة 1915 بحث المجلس الجديد في مطالب اللجنة فأصدر القرار الآتي : " تقرر تشكيل فصل سنة أولى مبتديان للقسم العربي " . قالوا وفي النية أن     ص   527

بتدرج هذا القسم في الصفوف حتى يصبح مساويا للقسم اليوناني وهو يتبع في الوقت نفسه بروجرام المدارس الأميرية مع ما فيه من الصفوف الانكليزية ليتمكن الطالب به من نيل شهادة الكفاءة ثم شهادة البكالوريا . فاستحق المجلس على هذا القرار وهذه النية كل ثناء وشكران . نعم إن في قسمة صفوف المدرسة إلى قسمين عربي ويوناني زيادة في النفقات لما تتطلبه هذ القسمة من زيادة الغرف والمعلمين إلا أنه يمكن تلافي هذه الزيادة بتقليل عدد الطلبة أوبجعل الصفوف كلها قسما واحدا تدرس فيه العلوم بالفرنساوية مع تدريس العربية واليونانية اللغتين الأخريين المشروطتين في الوقفية في صفوف خاصة وإلزام كل فريق إتقان لغته مع درس مبادئ لغة الفريق الآخر .

  إلا أن في إنشاء القسم العربي على ما ينويه المجلس مزايا قد تربو فائدتهاعلى جعل الصفوف كلها قسما واحدا لأن القسم العربي يوجب إتقان اللغة العربية التي هي لغة البلاد واتقان اللغة الانكليزية التي هي لغة حماة القطر والتي لا بد من إتقانها لطلاب وظائف البلاد الأميرية والتجارية . وهو في الوقت نفسه لا يحرم طلابه تعلم اللغة الفرنساوية ومبادئ اللغة اليونانية المشروط تعلمهما في الوقفية .

  وقبل إقفال هذا الموضوع لا بد لي من إبداء أشد الأسف من وقوع الأزمة الحاضرة وإعفاء مطران سيناء ولو مؤقتا من رئاسة المجلس . فقد قضيت في صحبة هذا السيد الجليل عشر سنوات متوالية وخبرته في كثير من الأعمال الرسمية والخصوصية فلم أر منه إلا كل خلق كريم وقلب سليم مع عزة في النفس وشرف في المبدإ وزهد في الدنيا . ولربما كان معذورا لتمسكه برأيه في ما يتعلق بنظام المدرسة لأن أروع خلق فيه تناهيه في الغيرة على أبناء جنسه . وهذه الغيرة المتناهية مع سكوت أبناء العرب عن نصيبهم في المدرسة سيني طويلة حملاه على التدرج إلى النظام الحالي فأصبح من الصعب جدا الرجوع عنه دفعة واحدة والتنازل عن نصف منافع المدرسة للغير بعد أن كانت كلها لأبناء جنسه . وفي كل حال فإني أرجو أنه يعود إلى رئاسة المجلس قريبا ويأخذ أبناء العرب حقهم من المدرسة على يديه وتتفق جميع الآراء على مافيه مصلحة الطلبة والمدرسة والبلاد والسلام العام .    ص  528



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق