إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 2 يونيو 2014

320 تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث الفصل الخامس في تاريخ دير طور سيناء القديم والحديث خبر بناء الدير ورجال حاميته المعروفين بالجبالية



320


تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها

الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث

الفصل الخامس في تاريخ دير طور سيناء القديم والحديث

خبر بناء الدير ورجال حاميته المعروفين بالجبالية

بقي رهبان سيناء يقاسون الشدائد من اعتداء البدو عليهم إلى عهد الإمبراطور يوستنيانوس الروماني الذي حكم في القسطنطينية من أول أفريل سنة 527 إلى سنة 566 م فسمعوا بغيرته على الدين وأهله فأرسلوا إليه وفدا يسألونه أن يبني لهم حصنا يقيهم هجمات البدو . وكان الرومان قد هجروا حصن البتراء من عهد الإمبراطور فالنس وبطلت طريق البتراء التجارية إلى مصر بسبب تحويل التجارة من خليج فارس إلى تدمر كما مر وأصبح البدو من البحر الميت إلى البحر الأحمر يعيثون وينهبون بلا وازع . فرأى الإمبراطور يوستنيانوس وجوب حماية الرهبان وتأمين طريق مصر العقبة فأجاب طلب الرهبان وأرسل مهندسا وبنائين فبنوا الدير الحالي وكان الفراغ من بنائه نحو سنة 545 م كما قدمنا في باب الجغرافية . وبعد بناء الدير أرسل الملك يوسبنيانوس مئتي رجل بعائلاتهم حامية له أي مئة رجل من بلاد الروم ومئة رجل من مصر وأمر بمرتب من الحبوب يرسل إليهم سنويا من مصر لقوتهم . فسكنوا محلة بنوها لأنفسهم في جوار الدير . وكانوا كلهم يدينون بالنصرانية .

  ثم كان الإسلام في جزيرة العرب سنو 622 م وفتح العرب المسلمون مصر سنة 640 م وانقطع الزاد الذي كان يرسل إلى الحامية من مصر ولم يكن للدير طاقة على امدادها بالقوت ولا في طاقتها حماية الدير بعد ذهاب دولتها فاضطر رجالها إلى ترك محلتهم عند الدير وسكنوا البادية حول الدير ودخلوا في الإسلام وذلك من عهد بعيد . ولكنهم ما زالوا يعيشون في جوار الدير ويخدمون الرهبان بأجرتهم والرهبان يحسنون إليهم ويأخذون بناصرهم إلى اليوم . وقد عرفوا بالجبالية نسبة إلى جبل موسى . ويعرفون أيضا بصبيان الدير لأنهم في خدمته .    ص    492

  واطلعت في الدير على خبر وضعه الرهبان عن بناء الدير والجبالية في دفتر صغير " منقول عن الدفتر الكبير عن سنة 530 م " فآثرت إثباته هنا زيادة في التبيان وهذا هو بنصه بعد ضبط عبارته :

  " نقول نحن القسوس والرهبان القاطنين في طور سيناء إننا لم نعد نستطيع احتمال اضطهاد العربان الغرباء الذين كانوا يأتوننا من البحر الأحمر والحبشة ومن كل ناحية ينهبوننا ويذبحوننا ويفعلون بنا كل الشرور التي يلهمهم بها الشيطان . وقد نصحنا الزوار الذين كانو يأتون من كل الجهات لزيارة الأماكن المقدسة أن نرسل وفدا إلى الملك يوستنيانوس في القسطنطينية ليبني لنا حصنا يقينا هجمات العرب لذلك اجتمعنا يوما ما في جبل الله الذي كلم عليه سيدنا موسى واخترنا أناسا منا يذهبون إلى الملك ويلتمسون منه بناء الحصن وهم الشيخ المتوحد ثاوضوسيوس وبروكوبيوس وبخوميوس وانطونيوس وسابا فسافروا بحرا إلى القسطنطينية ودخلوا على الملك وقدموا له الدعاء والصلوات المرسلة من الآباء وخروا أمامه ساجدين وبكوا بكاء مرا وأخبروهه بجميع الشرور التي يأتيها البربر ضدنا من النهب والذبح فرحب الملك بهم وبالغ في إكرامهم وأجابهم إلى طلبهم . فأرسل كبير أراخنته جلورجيوس وأرسل معه كتاب بختم يده إلى نائبه في مصر ثاودورس يأمره بأن يجهز جاورجيوس بما يلزم من المال والمعلمين والأدوات لبناء الحصن ففعل ثاودورس بأمر الملك ووصل الأرخن جاورجيوس إلينا ومعه كل ما يلزم الحصن من بنائين وأدوات وأموال . وبحث في كل الجهات فلم يجد مكانا يبني عليه الحصن أفضل من مكان العليقة لأنه في بسيط من الأرض وفيه الماء وهو موضع مقدس فبنى عليه الحصن وهو الدير الحالي .

  " على أن هذا الحصن لم يق الرهبان وزواره من اعتداء البدو لأن هؤلاء كانوا يختبئون في المغاور والجبال وكلما وجدوا زائرا أو راهبا منفردا انقضوا عليه وقتلوه وسلبوه ماله . فلما بلغت هذه الأخبار الملك يوستنيانوس أحضر من بلاد الفلاخ جهة البحر الأسود مئة رجل بعائلاتهم وأرسلهم إلى سيناء وكتب إلى ثاودورس نائبه في مصر فأرسل إليها أيضا مئة رجل بعائلاتهم فبنى الجميع لهم محلة وراء الجبل الشرقي    ص  493

على نحو ثمانية أميال من الدير وسكنوا فيها وأقاموا هناك في حراسة الدير وخدمة الرهبان . وأمر الملك يوستنيانوس أن يكونوا عبيدا للدير وفي طاعة الرهبان هم وأولادهم إلى أن يرث الله الأرض وما عليها . ومن أخطأ منهم فللرهبان الإذن في تأديبه ومجازاته .

  " ولما كان القفر يابسا لا يخرج معاشا أصدر الملك أمره إلى ثاودورس والي مصر أن يجعل للدير راتبا مستديما قدحا من كل أردب من كل الحبوب كالقمح والشعير والعدس وغيرها لأجل مؤونة الرهبان وخدمة الدير وقد أقر هذه العطية الملوكية بعد ذلك الرسول محمد أول ملوك الإسلام كما هو مثبت في العهدة التي أعطاها للرهبان .

  " وبقي الصبيان محافظين على دينهم وأمانتهم في طاعة الدير إلى أن قدم السلطان سليم مصر فاتحا . وذهب عربان البر من كل جنس إلى مصر لتقديم الطاعة له فذهب صبيان الدير معهم وقالوا للسلطان جئنا إليك لندخل في دين الإسلام ونخرج من خدمة الدير فأجابهم السلطان أما أن تدخلوا في دين الإسلام فحسنا تفعلون وأما أن تخرجوا من خدمة الدير فلا لأن أوامر الملوك لا تنقض لأني إن أنا نقضت أمر الملك يوستنيانوس يأتي غيري بعدي فينقض أمري . ثم أمر فدخلوا في دين الإسلام وبقوا في خدمة الدير وقد ثبت جميع الهبات التي وهبها الملك يوستنيانوس لرهبان الدير وكتبها النبي محمد في عهدته

  واطلعت في الدير على رواية أخرى لبناء الدير والجبالية مكتوبة على رق سعته شبران وقبضة في نحو شبرين وهي تختلف عن هذه الرواية في التعبير وتتفق في المبنى . ومما جاء فيها ولم يكن في الرواية الأولى : " إن المهندس بنى أولا كنيسة امار اثناسيوس ودير راية وكنيسة على رأس جبل المناجاة ثم بنى دير طور سيناء . وإنه أراد أولا أن يبني هذا الدير فوق جبل سيناء ثم لما لم يجد ماء فوق الجبل بناه في مكانه الحالي وهو في واد ضيق بين جبلين يكشفه الجبل الشرقي فإذا صعد أحد إلى هذا الجبل ورمى حجرا وقع في الدير . فلما عاد المهندس إلى الملك يوستنيانوس ووصف له موضع الدير غضب من بنائه في موضع مكشوف للعدو وأمر بضرب عنقه "

  " وإن السلطان سليما فرض على الجبالية نقل تسعين حمل جمل كل سنة من   ص  494

شون مصر إلى الحرمين إكراما لفقراء الحرمين فبقوا على ذلك مئة سنة ونيفا حتى ضجوا من هذه السخرة والتمسوا من الرهبان مساعدتهم على الخلاص منها فبذل الرهبان مالا جزيلا وأراحوهم منها منذ تسعين سنة " اه

  " وقد وقع هذا الخبر " الرئيس جرمانوس والأقلوم رومانوس والراهب توما الشامي وغيرهم من القسس والرهبان ومشايخ العرب وعدد الكل 12 رجلا "

  ويؤخذ من حواشي معلقة على بعض كتب الدير : " إن الصبيان قديما اقتتلوا فيما بينهم فقتل البعض وفر البعض إلى بلاد الشام والذين بقوا عجزوا عن حماية أنفسهم من العربان فضلا عن حماية الدير فعقد الرهبان مجلسا في جامع الدير حضره بعض مشايخ الزهيرات " من أولاد سعيد " والعوارمة وجعلوا الصبيان في حمى المحاسنة " فرع من العوارمة " وأعطى الرهبان المحاسنة مقابل حمايتهم للصبيان بستانا لهم في جبل الفريع يستغلونه ولكن المحاسنة استملكوه ولا يزال في حوزتهم إلى اليوم

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق