315
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث
الفصل الخامس في تاريخ دير طور سيناء القديم والحديث
النساك في سيناء واضطهاد أهل البادية لهم
يظهر أن النساك بدأوا بالمهاجرة إلى جزيرة سيناء والإقامة في أماكنها المقدسة منذ القرن الثاني للمسيح على أثر الاضطهادات التي أثارها الوثنيون ضد المسيحيين في مصر وسوريا . وأهم الأماكن التي نزل بها النساك والرهبان : جبل موسى . ووادي فيران . ووادي الحمام شمالي مدينة الطور المسماة قديما " ريثو " أو " راية "
ومما لا ريب فيه أن هذه الأماكن كانت في أوائل القرن الرابع للمسيح غاصة بالنساك والرهبان . وقد هرب أولئك المساكين من اضطهاد أهل الحضر ليقعوا في اضطهاد أهل البادية . فقد أبنا في الفصل السابق أن الأنباط الذين كانوا بتجرون مع مصر بطريق سيناء . وقد أمنوا هذه الطريق . دالت دولتهم بعد استيلاء الرومان على عاصمتهم سنة 106 م وأصبح أهل البادية من نهر الأردن إلى البحر الأحمر لا وازع لهم يعيشون على الغزو والنهب . وقد طالما غزوا رهبان سيناء ونهبوهم ونكلوا بهم وزادوا الشقاء الذي جلبوه على أنفسهم شقاء .
وأول من كتب عن رهبان طور سيناء والاضطهادات التي أصابتهم ديونيسيوس البطريرك الاسكندري سنة 205 م
وفي تقاليد الكنيسة أن القديسة هيلانة أم قسطنطين الكبير " سنة 323 : 337 م " بنت لهم برجين في المكان الذي بنى عليه الدير الحالي لحمايتهم من غارة البدو وذلك بالقرب من كنيسة العليقة التقليدية التي كلم الله عندها موسى النبي . ولعل القديسة هيلانة هي التي بنت أيضا كنيسة العليقة الباقية داخل سور الدير إلى الآن . ولكن بناء هذين البرجين لم يمنع اضطهاد العربان لهم . ثم إن الإضطهاد لم يكن
ص 478
من بادية العرب وحدهم بل كان يعبر إليهم من العدوة الغربية للبحر الأحمر أقوام من البجاة فيكتسحون بلادهم وينكلون بهم . وقد روى الراهب أمونيوس الاسكندري الذي زار سيناء عن طريق القدس سنة 373 م أنه في أثناء زيارته غزا العرب رهبان طور سيناء فقتلوا أربعين راهبا منهم وغزا البجاة رهبان راية فقتلوا منهم أربعين راهبا أيضا . وقد دون الراهب المذكور خبر هاتين الغزوتين عند رجوعه للأسكندرية بالقبطية . وبقي حتى عثر عليه راهب يوناني يدعى يوحنا يجيد القبطية فترجمه إلى اليونانية . والظاهر أن راهبا عربيا من رهبان الدير يحسن اليونانية نقله إلى العربية . وعند زيارتي الدير سنة 1905 أطلعت على الترجمة العربية فإذا هي مكتوبة بأسلوب كنائسي بسيط يدل أتم الدلالة على حال الرهبنة والرهبان في تلك الأعصر الغابرة فرأيت أن أثبتها هنا كما هي بعد تنقيح عبارتها قليلا اتماما للفائدة :
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق