إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 1 يونيو 2014

299 تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث الفصل الأول في تاريخ سيناء في عهد الدولة العشرين الأولى المصرية من سنة 5291إلى سنة 1156 ق. م. 1 – تعدين الدول العشرين الأولى للفيروز والنحاس في بلاد الطور


299

 تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها

الجزء الثالث في تاريخ سيناء القديم والحديث

الفصل الأول في تاريخ سيناء في عهد الدولة العشرين الأولى المصرية

من سنة 5291إلى سنة 1156 ق. م.

1 – تعدين الدول العشرين الأولى للفيروز والنحاس في بلاد الطور

   اكتشف المونيتو سكان بلاد الطور الأصليين . منذ بدء التاريخ , طبقات معدنية في الشمال الغربي من بلادهم استخرجوا منها الفيروز والنحاس والمنغنيس والحديد . وكانوا يأخذونها إلى الدلتا ويبيعونها للمصريين كما يفعل بدو هذه الأيام بالفيروز . وكان الفيروز من الجواهر المستحبة عند المصريين . فحرك ذلك أطماع ملوكهم فأرسلوا الحملات إلى بلاد المونيتو ففتحوها عنوة واستثمروا معادنها ولا سيما الفيروز . وقد عدنوا الفيروز أولا في وادي المغارة منذ عهد الدولة الأولى . ثم بعد ذلك بأجيال عدنون أيضا في سرابيت الخادم . وعدنوا النحاس في وادي النصب الغربية . والمنغنيس والحديد في غيره كما سيجئ .

  وقد أطلقوا على البلاد التي عدنوا فيها الفيروز اسم " مفكة " فجعل بعض علماء التوراة هذا الاسم أصلا " لدفقة " المذكورة في طريق الاسرائيليين في سيناء لا سيما وإن محل دفقة في الطريق ينطبق على وادي المغارة أحد معادن الفيروز .

  على أن المونيتو لم يرضخوا لا غتصاب أملاكهم بالسهل فكان المصريون يشترون سكوتهم بمال ينقدونهم إياه قبل التعدين . أو يعدون قوة من العساكر لدفع هجماتهم في أثناء التعدين .

  وقد دون المصريون خبر غزواتهم وحلات التعدين على صخرات وأنصاب في جوار المعادن فظهر مما دونوه على أنصاب سرابيت الخادم وغيرها أنهم كانوا كلما أرادوا    ص   429

التعدين أرسلوا العمال ومعهم الجند والكتاب والبنائين والنقاشين والنحاتين وآل الخبرة في التعدين والأمناء لحفظ ما يجمع من المعدن والمفتشين والأطباء وغيرهم

  وكان أكثر العمال من أسرى الحرب وأرباب الجنايات وعليهم المقدمون وعلى كل عشرة مقدمين شيخ . وكان يساعدهم في التعدين " الآمو " وعليهم نظار . " والرتنو " وعليهم مشايخ . اما الآمو فيظن أنهم من سكان سوريا وأما الرتنو فمن سكان سيناء وجنوب فلسطين وكلاهما من الجنس السامي .

  وقد جاء في أخبار حملة لأحد ملوك الدولة الخامسة أن قد رافقها ثلاثة تراجمة فدل ذلك على أن الرتنو والآمو لم يكونوا يفهمون لغة المصريين وإن رجال الطبقة العليا من المصريين لم يتكلموا اللغة السامية  

  أما عدد رجال الحملات فكان يختلف باختلاف عدد أسرى الحرب والمجرمين في مصر . وقد ذكر على بعض الصخرات الهيروغليفية في وادي المغارة أن 734 رجلا أتوه ثلة واحدة للتعدين فيه .

  وكانوا يستخدمون المراكب في البحر والحمير في البر لنقل المؤن والمياه . وقد ورد في خبر بعض الحملات ذكر 500 حمار عليهم 43 حمّارا من الفلاحين .

  وكان رجال الحملة يجتمعون أولا عند رأس خليج السويس ومعهم ماؤهم وزادهم فيسيرون بالمراكب في البحر وينزلون ميناء أبو زنيمة إذا كانت وجهتهم سرابيت الخادم . وميناء أبورديس إذا كاتنت وجهتهم وادي المغارة . ويسير الحمّارة بقرب الماء في البر حتى إذا ما وصلوا الميناء المقصود حملوا الزا والماء على الحمير إلى المعدن .

  وهناك كان يشتغل البعض بالبناء والبعض بتدوين أخبار الحملة وذكر رجالها على الصخور والأنصاب ولكن أكثرهم كان يشتغل بالتعدين .

  وكانوا إلى أيام الدولة الثانية عشرة يستخدمون للتعدين أزاميل من الصوان بنصب من خشب يقطعون بها الحجارة من جبل الفيروز ويفتتونها بحجارة كبيرة من الرخام الأسود " Basalt " . ثم استعملوا معها أزاميل النحاس ومطارق الحديد كالأزاميل والمطارق التي يستعملها بدو هذه الأيام .   ص  430

وقد عثر العلامة بتري استاذ فن الآثار المصرية في كلية لندن على بقايا أزاميل الصوان والمطارق الحجرية وبعض أزاميل النحاس في وادي المغارة وسرابيت الخادم .

  وكانت حملات التعدين تذهب من مصر مرة كل سنة أو سنتين أو عدة سنين . وموعد قيامها من مصر فصل الشتاء في شهري نوفمبر وديسمبر فتبقى في سيناء إلى أن يشتد الحر في شهر مايو فتنقلب راجعة بما استخرجته من المعدن إلى مصر بعد أن تترك لها أثرا في محل التعدين ِ. وقد ترك المصريون بجانب المعادن , في وادي المغارة وسرابيت الخادم ووادي النصب الغربية وغيرها , من الآثار ما دل بأجلى بيان على أنهم غزوا الجزيرة وعدنوا الفيروز والنحاس والمنغنيس والحديد فيها من عهد الدولة الأولى إلى الدولة العشرين . وأهم تلك الآثار هي لملوك الدولة الأولى إلى الدولة السادسة . ثم للثانية عشرة , ثم للثامنة عشرة إلى العشرين . وبعد الدولة العشرين بطلت حملات التعدين إلى اليوم . ولعل السبب في ذلك أن غلة التعدين لم تعد تفي بنفقاته ومن الغريب أن تلك الآثار ثبتت على الدهر آلافا من السنين حتى قام طلاب الفيروز في الجيل الحاضر فأخذوا يعيثون فيها ويشوهون الصخرات الهيروغليفية نفسها طمعا باستخراج الفيروز منها .    ص  431

  وكان علماء القرن الغابر قد اكتشفوا تلك الآثار وعرفوا أهميتها ولكن لم يهتم أحد بالحافظة عليها حتى ذهب الأثري الشهير العلامة فلندرس بتري المار ذكره إلى سيناء لدرس آثارها ورأى عيث طلاب الفيروز في آثار وادي المغارة فرفع الأمر إلى حكومة مصر ونصح بوجوب نقل تلك الآثار إلى مصر . ففعلت الحكومة بنصحه وعهدت إلى المتر كورلي من رجال نظارة الأشعال بهذه المهمة فقام بها خير قيام ونقل كل ما أمكن نقله من تلك النفائس إلى المتحف المصري بالقاهرة . وكان محبو الآثار الذين زاروا تلك الجهات قد نقلوا بعض النفائس إلى المتحف البريطاني بلندن أو غيره من متاحف أوروبا فلم يبق هناك من آثار الفراعنة إلا ما لا أهمية له ِأو ما لا خوف عليه من عيث البدو وطلاب الفيروز .

  وقد نقب العلامة بتري في آثار المصريين في وادي المغارة وسرابيت الخادم ودرسها درسا فنيا وافيا . وفي سنة 1906 أصدر كتابه " مباحث في سيناء " زينه بكثير من الرسوم والخرط وضمنه وصف تلك الآثار وصفا دقيقا . واستخلص منها آراء جديدة في تاريخ مصر وسيناء والخروج لخصت من كتابه هذا كل ما يدخل بموضوعنا وتهم الجمهور معرفته .

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق