284
تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها
الباب الثالث في قضاة البدو ومحاكمهم وشرائعهم
الفصل الثالث في شرائعهم وأحكامهم
4- " المراعي والمياه "
ولكل قبيلة مراع ومياه وأراض زراعية معروفة . أما المراعي والمياه فمشاع لجميع القبائل فلا تمنع قبيلة قبيلة أهرى عن مراعيها مياهها إلا في زمن الحرب . وأما الأراضي الزراعية فهي ملك لأفراد القبائل فلا يتعرض أحدهم لأرض غيره ولا يزرعها إلا بإذنه .
وفي عرفهم إنه إذا اكتشف أحدهم ماء لم يكن معروفا أو احتفره في مكان لم يكن فيه من قبل أصبح الماء ملكا له وأقام بجانبه رجما ووسمه بوسمه . وإن كان بقرب الماء أرض صالحة للزراعة استولى عليها وزرعها لنفسه . هذا إذا كان الماء في أرض قبيلته وإلا فإذا كان في أرض أجنبية حق له الأنتفاع به كغيره من أبناء القبيلة التي وجد الماء في أرضها ولم يكن له حق بالأرض التي حوله .
" الحلف والقلد " وكل قبيلة من قبائل سيناء مرتبطة بسائر القبائل بحلف أوقلد . ولها " حسيب " حافظ لعهودها مع القبائل ويعرف بالعقيد أو بنقال الأقلاد أو نقال العلوم . أما " الحلف " فهو المحالفة بعينها وهو معاهدة دفاعية هجومية . وأما " القلد " فهو معاهدة سلمية لمنع الحرب أو الغزو وحفظ السلام بين القبائل .
وفي عقد الحلف بين قبيلة وأخرى يجتمع حسيبا القبيلتين وكبارهما في بيت وجيه من قبيلة ثالثة فيجعل الحسيب الواحد يده في يد الآخر ويعيد كل منهم القسم الآتي :
" الله الله محمد رسول الله نحن وإياكم الحوض واحد والروض واحد الذي يضركم يضرنا والذي يسركم يسرنا و بيننا وبينكم عهد الله لا يصير بيننا غزو ولا حرب . اعداء من عاداكم وأصدقاء من صادقكم مادام البحر بحر والكف ما ينبت شعر " . وأما قسم القلد فهو : " الله الله محمد رسول الله ما بيننا عهد الله ما يتعدى أحد على أحد " ص 404
ويشترط في من يعقد عنده الحلف أو القلد أن يكون " مشهور مذكرو وسيع المراح راعي مال وعيال " . ويدعى " راعي البيت " وبيته " بيت العمارة " , وهو الشاهد الحكم بين المتعاهدين ويورث علمه هذا للأرشد من أولاده . وهذه حال الحلف والقلد بين قبائل سيناء في وقتنا الحاضر :
بين الحويطات واللحيوات والترابين والطورة حلف قديم . وبين كل من هذه القبائل والتياها قلد . وقد تم حديثا بين التياها شياخة حمد مصلح وبين الترابين حلف جديد . ثم إن بين السواركة والعيايدة من جهة وبين الترابين من جهة ثانية قلد , وبين السواركة وكل من التياها واللحيوات قلد , وبين البياضيين والسماعنة حلف .
قيل وهذه العهود ترجع إلى قسمة قديمة العهد بين البدو كافة فهم بوجه الإجمال شطران : شطر " سعد " وشطر " حرام " . وقد اختلفوا في تعليل ذلك فمنهم من قال إن إنقسامهم هذا يرجع إلى مقتل الحسين فالذين غلبوا في تلك الواقعة قالوا " اليوم حرمنا النصر " فكانوا شطر حرام . الذين فازوا قال " اليوم سعدنا " فكانوا شطر سعد . وقال آخرون أن " سعد وحرام " شقيقان عشقا في ما مضى من الزمان بنت أمير عرب فانقسمت العرب بهما قسمين قسم انحاز إلى سعد وآخر إلى حرام وحصلت حرب عامة بين البدو بسببهما , فسمي كل قسم بالأمير الذي انتمى إليه .
وأما عرب سيناء فالذين هم في شق سعد : التياها والسواركة والرميلات والعيايدة والسماعنة والأخارسة وأولاد على والبياضين . والذين في شق حرام : الطورة والحويطات واللحيوات والترابين والعقليين . وأما حسباء قبائل سيناء الآن فهم :
الشيخ نصير بن موسى بن نصير حسيب الطورة
الشيخ عودة بن بنية أبو طقيقة حسيب الحويطات
الشيخ سلام البرعصي حسيب التياها
الشيخ سليمان القصير بن نجم حسيب اللحيوات
الشيخ فريج سلا أبو صفيح حسيب الصفايحة اللحيوات
الشيخ سلامة بن جازي حسيب الترابين الحسايلة ص 405
فالقبائل التي يربطها القلد لا ترفع خصوماتها إلى الزيادي رأسا بل إلى الحسيب . فإذا اعتدت قبيلة منها على جمال الأخرى ذهب صاحب الإبل إلى الحسيب وهو يرد له الإبل مع غرامة جنيهين عن كل جمل . وأما القبائل التي يربطها الحلف فترفع خصوماتها إلى الزيادي بعد رفعها إلى الحسيب . فإذا سرق أحدهم جمالا من قبيلة مرتبطة مع قبيلته بعد رفعها إلى الحسيب . فإذا سرق أحدهم جمالا من قبيلة مرتبطة مع قبيلته بحلف ذهب صاحب الجمال إلى حسيب قبيلة السارق فيرد له الجمال المسلوبة ويجر السارق إلى الزيادي فيغرمه غرامة شديدة .
" النفاض " وإذا أراد قليد " نفض " العهد مع قليده لسبب من الأسباب بعث له برسول من قبيلة ثالثة عبى هجين له فيقول الرسول " جايب لك النفاض من فلان وهذا حد العهد بينك وبينه والعرض من العرض أبيض " " أي أنه حذره ولم يغدر به " ومعك ثلاثون يوما تلم بها أطرافك وبعد هذا الميعاد حرب . عليك النقا بذبح الرجال وشل المال " . ثم تدور رحى الحرب بينهم فأما أن يغزو بعضهم بعضا وتنهب كل قبيلة من جمال الأخرى وتقتل من رجالها ما تصادفه في طريقها أو يلتقي رجال القبيلتين في معركة دموية فاصلة يستخدمون بها الأسلحة النارية والأسلحة البيضاء . ومتى استعرت حرب بين قبيلتين استنجدت كل قبيلة بالقبائل المرتبطة معها بحلف فتنجدها
" العطوة " وقد يطلب أحد الفريقين هدنة وتعرف عندهم " بالعطوة " فيعقدانها ثم يعودان إلى الحرب . ومدة الهدنة عندهم من 3 أيام إلى سنة وشهرين ومن خان رفيقه أثناء العطوة اقتص منه ضعفين .
" الصلح " ومتى أرادت القبيلتان الصلح اجتمع حسيباهما وكبارهما وهدروا كل دم لم يعلم قاتله . وأما الرجل المعروف قاتله فديته ألف غرش تعريفة أي خمس جنيهات مصرية . وأما المال المنهوب فلا يرد . ثم يعقد الصلح بحلف أو قلد .
" الأخوة أو الطلوع " وقد تضعف قبيلة أصيلة في حرب مع قبيلة أخرى فتنضم إلى قبيلة ثالثة بالأخوة للمحافظة على كيانها . فيجتمع شيخ القبيلة اللاجئة بشيخ القبيلة الملجوء إليها في مجلس خاص ويقول له : " أنا طالع معك وأخوك من كتاب الله العزيز . دمي يسد عن دمك ومالي يسد عن مالك ورجالي تسد عن ص 406
رجالك وابني يسد محل ابنك وبنتي تسد محل بنتك . أطرد مطرادك وأشرد مشرادك . وفي الخير إخوان وعلى الشر أعوان عهد الله بيننا . والقلب صافي هل قبلتني " .
فيقول الثاني : " قبلتك على الرحب والسعة " . فتصبح القبيلتان من ذلك الحين كأنهما قبيلة واحدة مقعدهم واحد وحربهم واحد وفزعهم واحد وقولهم واحد .
ويعرف ذلك عندهم " بالطلوع " . ومن ذلك طلوع الرميلات مع السواركة . والخلايفة اللحيوات مع الشوافين . ومزينة مع العليقات في جزيرة سيناء .
وقد " يطلع " نفر من البدو من شياخة فخذ إلى شياخة فخذ آخر في القبيلة الواحدة كما فعل هويشل بن سليم فإنه طلع من شياخة الصفايحة اللحيوات اإلى شياخة الخناطلة اللحيوات
" الخاوة " وأما التجاء قبائل هتيم إلى القبائل الأصيلة فيعرف بالخاوة كما مر
" الطنب " وإذا جار شيخ قبيلة على جماعة من رجال قبيلته وأحس هؤلاء من أنفسهم القدرة على مقاومته قاوموه وإلآ أطنبوا على شيخ قبيلة أخرى بأن ينصبوا خيامهم في حذاء مخيمه ويطلبوا إليه أن ينصفهم من شيخهم ففي الغالب يرحب بهم ويذبح لهم الذبائح ثم يذهب معهم إلى شيخهم ويصلحهم . ويعرف ذلك عندهم " بالطنب "
" الوثاقة " ومما اعتاده أهل البادية وأصبح عندهم شريعة : " الوثاقة " وهي رهائن من الإبل تؤخذ خلسة للحصول على حق ممطول . فإذا ادعى رجل على آخر بحق ولم يذعن المدعى عليه للحق ولا سمى قاضيا للفصل في الدعوى أشهد عليه بذلك وأصبح له الحق بأخذ الوثاقة من إبله أو إبل عشيرته . وإذا كان خصمه من قبيلته أشهد عليه بذلك أربع مرات متوالية في أربع جلسات والشمس طالعة قبل أن يشرع بأخذ الوثاقة إلا في رمضان فإنه يجوز له أن يشهد على خصمه ليلا .
ويشترط لصحة الوثاقة أن تناخ الجمال الموثوقة عند بيت رجل مهوب وأن يقال لرب البيت " إني أضع هذه الوثاقة عندك في حقي عند فلان " . فإن أدرك صاحب الإبل الموثوقة إبله قبل إدخالها في بيت الرجل المهوب قاتل أحدهما الآخر . وأكثر شرور البدو في سيناء وغيرها تنجم من الوثاقة . ص 407
وفي عرفهم أن الهجن الأصيلة لا توثق ما دام يوجد غيرها . ومن أمثالهم " الهجن منذرة الطلب " فإذا أخذت بالوثاقة جر صاحبها الواثق إلى الزيادي وحاكمه وحكم عليه . ومن الخجن التي لا توثق هجن الضيوف كما مر . " ومن أمثالهم الضيف من المحصنات "
" الرجم " الرجم حجر أبيض أو مجموع من الحجارة البيضاء تقام على ماء شهير أو درب جهير اعترافا بجميل أو ردا لشرف أو تخليدا لأثر . فإذا فعل رجل مع آخر جميلا بأن أنقذه من خطر أو نشله من فقر نصب له رجما على درب جهير أو ماء شهير وجعل عليه وسم قبيلته إشهار لجميله . وإذا عاب بعضهم شخصا حكم المنشد عليه بإقامة رجم للمعتدى عليه على درب جهير أو ماء شهير ردا لشرفه , وإذا ثقل عليه إقامة الرجم افتداه بجميل ظهير . ثم إذا وقعت واقعة عندهم تستحق الذكر أقاموا في مكان الواقعة رجما من الحجارة تخليدا لها وقد يخطون بدل الرجم دوائر أو حفرا وثلما في الأرض لا يزالون يحيونها كلما طمرت . وهذه العادة هي من أجمل عاداتهم خصوصا وأن ليس عندهم كتب بدونون بها أخبارهم . وقد اهتديت بها إلى كثير من وقائعهم وحروبهم .
أما عادة نصب الرجوم في البادية تخليدا للحوادث الخطيرة فعادة قديمة العهد جدا نرى شواهدها في التوراة . فقد جاء في سفر يشوع ص 4 عدد 7 :
فدعا يشوع الإثني عشر رجلا الذين عينهم من بني إسرائيل رجلا واحدا من كل سبط . وقال لهم يشوع اعبروا أمام تابوت الرب إلهكم إلى وسط الأردن وارفعوا كل رجل حجرا واحدا على كتفه حسب عدد أسباط بني إسرائيل لكي تكن هذه علامة في وسطكم إذا سأل غدا بنوكم قائلين مابكم وهذه الحجارة تقولون لهم إن مياه الأردن قد انفلقت أمام تابوت عهد الرب . عند عبوره الأردن انفلقت مياه الأردن . فتكون هذه الحجارة تذكارا لبني إسرائيل إلى الدهر "
ويستدل من التوراة أنه كان من عادة البدو قديما نصب الرجوم عهدا بين فريقين فهي بمثابة الرجوم التي تنصب الآن لصانعي السلام بين قبيلتين أو شخصين ص 408
جاء في سفر لتكوين ص 31 عد 43 الخ : " فأجاب لابان وقال ليعقوب ....هلم نقطع عهدا أنا وأنت فيكون شاهدا بيني وبينك . فأخذ يعقوب حجرا وأوقفه عمودا . وقال يعقوب لإخوته التقطوا حجارة . فأخذوا حجارة وعملوا رجمة وأكلوا هناك على الرجمة .... وقال لابان ليعقوب ... شاهدة هذه الرجمة وشاهد العمود إني لا أتجاوز هذه الرجمة إليك وإنك لا تتجاوز هذه الرجمة وهذا العمود إلى للشر "
وجاء في سفر يشوع ص 24 عد 25 الخ : " وقطع يشوع عهدا للشعب في ذلك اليوم وجعل لهم فريضة وحكما في شكيم .... وأخذ حجرا كبيرا ونصبه هناك تحت البلوطة التي عند مقدس الرب . ثم قال يشوع للشعب أن هذا الحجر يكون شاهدا علينا لأنه قد سمع كل كلام الرب الذي كلمنا به فيكون شاهدا عليكم لئلا تجحدوا إلهكم "
" التبييض والتسويد " التبييض نصب راية بيضاء على ماء شهير أو درب جهير إشهارا لفضل أو إشعارا بجميل فهو كالرجم إلا أن الرجم من حجر وهذا من قماش . وضده التسويد وهو نصب راية سوداء على ماء شهير أو درب جهير تشهيرا لقبيح أو للتقصير في وفاء دين أو غرامة . فإذا كفل رجل آخر في سداد حق لثالث ولم يف بكفالته نشر المكفول له عباءته كعلم في ملإ من الناس وقال هذه راية فلان فإنه نكث بوعده وقصر في كفالته ونحو ذلك من العبارات التي تسود وجه الكفيل . فإن كان المكفول له محقا سكت الكفيل وإلا طلبه للمنشد وغرمه غرامة شديدة .
أخبرني قومندان سيناء أن المنشد حكم لبعضهم سنة 1904 برباع ورباعية وجنيهين لأن خصمه سود عليه بلا سبب موجب . وقال المنشد لو كان التسويد قد حضره أهدبان شائبان معتبران فلصاحب الوجه فوق ذلك أربعون جملا . فطلب أحد الحضور من صاحب الوجه التنازل عن الجنيهين وطلب القومندان التنازل عن الرباعية فبقي لصاحب الوجه رباع واحد فأخذه وانصرف .
" رمي الوجه " وهو الاستنجاد برجل وجيه مهوب لمنع شر أو خصومة , فإذا هب رجلان أو قبيلتان للقتال وقال أحد الحضور" رميت وجهي أو وجه فلان ص 409
بينكما " كف الفريقان عن القتال في الحال . فإن " للوجه " حرمة عظيمة عندهم فلا بمتهنه إلا كل فظ مجازف . فإذا استمر أحد الفريقين على القتال بعد رمي الوجه قال صاحب الوجه " فلان قطع وجهي " ودعاه إلى المنشد . فإذا أبى أشهد عليه أربعة شهود وشرع في أخذ الوثاقة من إبله حتى يذعن للمنشد . ولا بد للمنشد من الحكم عليه بعقوبة تختلف من جملين رباعيين إلى أربعين جملا " حسب درجة الوجيه المقطوع الوجه " ونصب رجم لمقطوع الوجه على ماء شهير أو درب جهير فإذا لم ينصب الرجم في مدة 3 أيام اضطر أن يعوض عنه بجمل ظهير . وقد يحكم المنشد عليه بقطع قيراطين من لسانه فيفتدي ذلك بعدد من الإبل .
" الجاهة " وإذا كان قاطع الوجه المحكوم عليه بالغرامة فقيرا لا طاقة له على دفع الغرامة كلها أو بعضها قام بما استطاع القيام به " وساق الجاهة " بما بقي من الغرامة على صاحب الوجه , فيأخذ نساءه ونساء جيرانه وذبيحة وكيس دقيق وشيئا من البن ويأتي مخيم صاحب الوجه وينصب خيمته بجانبه . ثم يولم وليمة ويدعو إليها صاحب الوجه ويسترحمه للتنازل عما بقي من المغرم فيتنازل عنه كرما وشهامة . وإذا أبى التنازل عنه بعد الاسترحام عد بخيلا عديم المروءة .
" الأخذ بالثأر " أما الأخذ بالثأر فمشروع عندهم . فلا حرج على آخذ النار ولا ملام : فالعين بالعين والسن بالسن والنفس بالنفس . وإذا تخاصم اثنان وجرح أحدهما الآخر وذهبا إلى القصاص فإن تساوى الجرحان حكم ببراءة الاثنين وإذا زاد جرح الواحد جرح الآخر قدر القصاص الغرامة بقدر الزيادة . وإذا مات صاحب الثار قبل أن يثأر لنفسه من خصمه ورث الثأر لأولاده من بعده كما قدمنا .
" الحسنة " وكا أن البدوي لا ينسى السيئة فهو لا ينسى الحسنة فإذا فعل أحد معه جميلا " شال له الحسنة " أي حفظ له هذا الجميل وأورث الجميل لأبنائه من بعده إلى انقراض الذرية ولا فرق أن كان صاحب الجميل بدويا أو حضريا أما أهل العريش فيحرصون على حسناتهم مع البدو ويدونونها في كتبهم . وأما أهل البادية فيحفظونها في صدورهم . ص 410
وقد رأيت عند طائفة العرايشية دفترا قديما دونوا فيه الحسنات التي فعلوها مع عرب باديتهم وهذا بعض ما وجد في الدفتر بحرفه :
" يوم تاريخه فكينا سعد بن حسن الزريعي من تحت سيف درويش باشا وقعد هو وأبوه بحسنة دم إلى جميع العرايشية " " والتاريخ غير ظاهر " .
" فكينا سلامة بن عيسى المسعودي من حبس درويش باشا من غزة بحضور أخيه سليم وقعد لنا بحسنة إلى جميع العرايشية بشهادة كثيرين من العرب سنة 1202 هـ
" يوم تاريخه المبارك انحبس سلامة بن السعدي في مصر عند محمد بك الألفي وفكه الحاج قاسم جربجي وخسر عنه دراهم . وقام الحاج هزاع وأخوه سلامة إلى أولاد خليل جربجي بحسنة وهم وتوابعهم من اليوم لآخر يوم الذرية في العرايشية . غرة جماد أول سنة 1204 هـ "
" عند يونس بن محيسن الترباني من الرميحات حسنة يوم أخذ منا شربة السعر يوم دق فيه الكلب وطاب "
" نهار تاريخه جاب لنا حسانينا النبعات ابن أبو الرمان لحيوي مقتول قتلوه النصارى الفرنسيس ودفناه بحسنة بشهادة النبعات . في رجب سنة 1912 "
عند أبو زعيبي حسنة يوم طاحوا في المطمارة وطلعناهم وكسينا الاثنين الطيبين ودفنا الموتى " . " عند أهذيب بن عرادة يوم فكيناه من درويش باشا من تحت السيف وهو بحسنة دم " .
عند محمد بن سلمان أبو عمرة العرادي حسنة يوم غرق ابنه في العريش وطلعناه "
" عند شنيبات الترباني من النبعات حسنة فكوه يوم كان معلقا على المدفع "
" عند عودة الزريقي الترباني حسنة يوم فكوه من الحبس "
" يوم شنق حميد العر نزلناه من المشنقة ودفناه وقاموا أولاد عمه مساعد وعوده بحسنة "
وفائدة العرايشية من هذه الحسنات في البادية عظيمة جدا . فإنه إذا فقد لأحدهم بعير فتش " الحساني " عليه حتى يجدوه . وإذا ضاع له حق عند أحد البدو ساعدوه ص 411
على رده ,وإذا كان له حاجة في البادية وأضافهم أكرموه وقضوا له حاجته . وإذا اختصم اثنان من الحساني على ضيافته حكم بالضيافة لصاحب الحسنة الأهم لأن الحسنات درجات في الأهمية . وإذا حصلت حرب بين قبيلة المحسن وقبيلة المحسن إليه فالمحسن إليه لا يحارب المحسن ولا يقربه بسوء .
ومما سمعته من أهل العريش بشأن الحسنات أن اللحيوات قتلوا رجا من أولاد سليمان فاصطلحوا معهم على الدية أربعين جملا فدفع اللحيوات نصف الدية وأبقوا النصف الآخر أي عشرين جملا بصفة حسنة فدون أولاد سليمان ذلك في دفتر الحسنات .
وأخبرني الشيخ سليمان القصير شيخ اللحيوات الأسبق بشأن الحسنات بين العرب بعضهم وبعض : أن التياها قتلوا أخاه حسينا في جهة الطور منذ نحو أربعين سنة وتركوه في مكانه . فمر به الزميلي شيخ العليقات في ذلك الحين فحمله على جمل ودفنه في تربة لهم في جهة االرملة فأتيت إلى الشيخ الزميلي وشكرت له جميله ونقلت له الحسنى وقلت " ناقل لك الحسنى عـ الخمسة " أي خمسة جدود " لا هاملة ولا مرعية " . وأنا لا زلت أحفظ له هذا الجميل وسأورثه لأولادي من بعدي لخامس جد "
" الشريك " هذا وكان حضر الطور وحضر السويس من المسلمين يشترون " حسانيهم " من البدو بالمال فكل تاجر له مصلحة في البادية يختار له " شريكا " أو حسنى من البدو فيجعل له مرتبا من القماش والغلة يدفعه له كل سنة على شرط أن يقضي له مصالحه مع أهل البادية .
حكى لي الشيخ ابراهيم أبو اجدايل قال : إن ابراهيم بك جريدان من أعيان تجار السويس كان له " حسنى " من العوارمة يدعى نصار بن حسن . وكان لنصار مرتب من أرز وقمح وثياب ونحوها يأخذه من ابراهيم بك كل سنة وكان تجار السويس قديما يرسلون نقودهم صرا مع البريد إلى مصر فحدث في نحو سنة 1860 أن بدويا قابل البريد وسلب منه الصر وكان فيه صرة ابراهيم بك جريدان , فلما حضر نصار بن حسن إلى السويس رفع له ابراهيم بك راية سوداء فسأله في ذلك فقال كيف ص 412
تكون حسناي " ويسرق صري من البريد فقال انزل هذا الراية واعطني كيلين غلة زاد الطريق ففعل . فذهب نصار بنه حسن وما زال يفتش عن الجاني حتى وجده فقال له يافلان أن حسناي رفع لي راية سوداء بسببك فأما أن ترد لي صرته أو بيني وبينك الحرب فناوله الصرة بذاتها فحملها وأتى بها إلى ابراهيم بك في السويس وأما باقي الصرر فما زالت مخفية إلى الآن .
" الخفير " هذا ما كان بين البدو ومسلمي الحضر وأما نصارى الحضر في الطور فقد كان للبدو عليهم خفارة فكل عائلة من نصارى الحضر كان لها عائلة من البدو تخفرها وتحافظ عليها وعلى مالها . قيل وكان للدير قديما 25 خفيرا . وكان من سنة البدو أن الخفير يرث مخفوره إذا لم يترك وارثا .
واتفق أنه منذ نحو 35 سنة مات ناصر المسيحي في الطور عن كرم في وادي الحمام ولم يكن له وريث غير أخته زوجة الخواجا قسطندي عنصرة فاستولت على الكرم . وكان خفراء ناصر قديما النفيعات فلما دروا بموته قاموا يظالبون بالكرم مع أن النفيعات تركوا سيناء من زمان ولم يبق منهم إلا شرذمة قليلة كما مر . فرفع العناصرة الأمر للداخلية ولما رأى النفيعات أن الداخلية لا تنصرهم سألوا عن خفراء العناصرة من البدو فوجدوا أن خفراءهم أولاد سعيد فأغاروا على جمال أولاد سعيد وأخذوا منها جملين بطريق الوثاقة وقالوا لهم " إنكم خفراء العناصرة فأنتم مسؤولون لنا عن حقنا منهم " . ثم دخل الشيخ موسى أبو نصير شيخ مشايخ الطورة في الصلح فأعطى النفيعات 20 جنيها فوق الجملين وحسم النزاع .
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق