977
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
تاريخ ابن خلدون
المجلد الرابع
صفحة 56 - 267
باستيلاء بدر الجمالي علي الدولة:
أصل بدر هذا من الأرمن من صنائع الدولة بمصر وواليها، وكان حاجباً لصاحب دمشق، واستكفاه فيما وراء بابه. ثم مات صاحب دمشق فقام بالأمور إلى أن وصل الأمير على دمشق، وهو ابن منير فسار هو إلى مصر وترقًى في الولايات إلى أن ولي عكَا وظهر منه كفاية واضطلاع. ولما وقع بالمستنصر ما وقع من استيلاء الترك عليه،
والفساد والتضييق، استقدم بدرا الجمالي لولاية الأمور بالحضرة فاستأذن في الاستكثار من الجند لقهر من تغلب من جند مصر فأذن له في ذلك، وركب البحر من عكا في عشرة مراكب، ومعه جند كثيف من الارمن وغيرهم فوصل إلى مصر، وحضر عند الخليفة فولاَه ما وراء بابه، وخلع عليه بالعقد المنظوم بالجوهر مكان الطوق، ولقبه بالسيد الأجل أمير الجيوش، مثل والي دمشق. وأضيف إلى ذلك كافل قضاة المسلمين، وداعي دعاة المؤمنين، ورتّب الوزارة وزاده سيفه ورد الأمور كلّها إليه، ومنه إلى الخليفة. وعاهده الخليفة على ذلك، وجعل إليه ولاية الدعاة والقضاة، وكان مبالغاً في مذهب الإمامية فقام بالأمور، واستردّ ما كان تغلّب عليه أهل النواحي مثل ابن عفار بطرابلس، وابن معروف بعسقلان وبني عقيل بصور. ثم استرد من القوّاد والأمراء بمصر جميع ما أخذوه أيام الفتنة من المستنصر من الأموال والأمتعة.وسار إلى دمياط وقد تغلَب عليها جماعة من المفسدين من العرب وغيرهم فأثخن في لواته بالقتل والنهب في الرجال والنساء، وسبى نساءهم، وغنم خيولهم. ثم سار إلى جهينة وقد ثاروا ومعهم قوم من بني جعفر فلقيهم على طرخ العليا سنة تسع وستين فهزمهم، وأثخن فيهم، وغنم أموالهم. ثم سار إلى أسوان وقد تغلب عليها كنز الدولة محمد فقتله وملكها، وأحسن إلى الرعايا ونظّم حالهم وأسقط عنهم الخراج ثلاث سنين، وعادت الدولة إلى أحسن ما كانت عليه.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق