إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

965 تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون ) تاريخ ابن خلدون المجلد الرابع صفحة 56 - 267 حروب المعز مع القرامطة واستيلاؤه علي دمشق:


965

تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )

تاريخ ابن خلدون

المجلد الرابع

صفحة 56 - 267


حروب المعز مع القرامطة واستيلاؤه علي دمشق:

كان للْقَرَامِطَةِ على بني طفج بدمشق ضريبة يؤدّونها إليهم، فلّما ملك ابن فلاح بدعوة المُعِزّ قطع تلك الضريبة، وآسفهم بذلك فرجعوا إلى دمشق، وعليهم الأعصم ملكهم، فبرز إليهم جعفر بن فلاح فهزموه وقتلوه، وملكوا دمشق وما بعدها ،إلى الرَمْلَة، وهرب من كان بالَرمْلَة وتحصّنوا بيافا. وملك القرامطة الَرمْلَة، وجهّزوا العساكر على يافا، وساروا إلى مِصْرَ، ونزلوا عَيْن شمس وهي المعروفة لهذا العهد بالمطرية. واجتمع إليهم خلق كثير من العرب، وأولياء بني طفج، وحاصروا المغاربة بالقاهرة، وقاتلوهم أياماً فكان الظفر بهم. ثم خرج المغاربة واستماتوا، وهزمهم فرحلوا



 إلى الرَمْلَة، وضيّقوا حصار يافا، وبعث إليهم جعفر بالمدد في البحر فأخذه القرامطة وانتهى الخبر إلى المعزّ بالقيروان. وجاء إلى مصر ودخلها كما ذكرناه. وسمع أنهم يريدون المسير إلى مصر فكتب إلى الأعصم يذكّره فضل بنيه، وأنهم إنما دعوا له ولآبائه وبالغ في وعظه وتهدّده فأساء في جوابه، وكتب إليه: وصل كتابك الذي قلّ تحصيله، وكَثُر تفصيله، ونحن سائرون إليك والسلام. وسار من الأحساء إلى مصر، ونزل عين شمس في عساكره، واجتمع إليه الناس من العرب وغيرهم. وجاء حسَان بن الجرّاح في جموع عظيمة من طيء، وبثّ سراياه في البلاد فعاثوا فيها وأهمّ المعز شأنه فراسل ابن الجرّاح، واستماله بمائة ألف دينار على أن ينهزم على القرامطة واستحلفوه على ذلك. وخرج المعز ليوم عيّنوه لذلك فانهزم ابن الجرّاح بالعرب، وثبت القرامطة قليلا، ثم إنهزموا وأخذ منهم نحو ألف وخمسمائة أسير. وساروا في أتباعهم ولحق القرامطة باذرعات، وساروا منها إلى الأحساء، وقتلوا صبراً ونهب معسكرهم. وجرّد المعز القائد أبا محمود في عشرة آلاف فارس، وبعث المعز القائد ظالم ابن موهوب العُقيليّ والياً على دمشق فدخلها، وكان العامل بها من قبل القرامطة أبو اللجاء وابنه. في جماعة منهم فحبسهم ظالم، وأخذ أموالهم، ورجع القائد أبو محمود من اتباع القرامطة إلى دمشق فتلقّاه ظالم وسرّ بقدومه، وسأله المقام بظاهر دمشق حذراً من القرامطة ففعل ودفع أبا اللجاء وابنه فبعث بهم إلى مصر فحبسوا بها، وعاث أصحاب أبي محمود في دمشق، فاضطرب الناس، وقتل صاحب الشرطة بعضهم فثاروا به وقتلوا أصحابه. وركب ظالم بذراريهم وأجفل أهل الضواحي إلى البلد من عيث المغاربة، ثم وقعت في منتصف شوّال من سنة ثلاث وستين فتنة بين العامّة وبين عسكر أبي محمود وقاتلوه أياماً، ثم هزمهم وتبعهم إلى البلد. وكان ظالم بن موهوب يداري العامّة فأشفق في هذا اليوم على نفسه، وخرج من دار الإمارة وأحرق المغاربة ناحية باب الفراديس، ومات فيها خلق، واتصلت الفتنة إلى ربيع الآخر من سنة أربع وستين. ثم وقع الصلح بينهم على إخراج ظالم من البلد، وولاية جيش بن الصمصامة ابن أخت محمود فسكن الناس إليه. ثم رجع المغاربة إلى العيث، وعاد العامّة إلى الثورة، وقصدوا القصر الذي فيه جيش فهرب ولحق بالعسكر، وزحف إلى البلد فقاتلهم وأحرق ما كان بقي، وقطع الماء عن البلد فضاقت الأحوال، وبطلت



 الأسواق، وبلغ الخبر إلى المعزّ فنكر ذلك على أبي محمود واستعظمه، وبعث إلى زياد الخادم في طرابلس يأمره بالمسير إلى دمشق لاستكشاف حالها، وأن يصرف القائد أبا محمود عنها ،فصرفه إلى الرملة، وبعث إلى المعز بالخبر، وأقام بدمشق إلى أن وصل أفتكين والياً على دمشق. وكان أفتكين هذا من موالي عزّ الدولة بن بويه، ولما ثار الأتراك على إبنه بختيار مع سبكتكين، ومات سبكتكين، قدّمه الأتراك عليهم، وحاصروا بختيار بواسط، وجاء عضد الدولة لإنجاده فاجفلوا عن واسط فتركوه ببغداد. وسار أفتكين في طائفة من الجند إلى حمص فنزل قريباً منها، وقصده ظالم بن موهوب العُقيليّ ليقبضه فعجز عنه، وسار أفتكين فنزل بظاهر دمشق وبها زياد خادم المعز، وقد غلب عليه، وعلى أعيان البلد الأحداث والذّعار، فلم يملكوا معهم أمر أنفسهم فخرج الأعيان إلى أفتكين، وسألوا منه الدخول إليهم ليولّوه، وشكوا إليه حال المغاربة، وما يحملونهم عليه من عقائد بعض الرفض، وما أنزل بهم عمّالهم من الظلم والعسف فأجابهم واستحلفهم، وحلف لهم، وملك البلد، وخرج منها زياد الخادم، وقطع خطبة الُمعزّ العلوي، وخطب للطائع العبّاسيّ، وقمع أهل الفساد، ودفع العرب عمّا كانوا استولوا عليه من الضواحي. واستقل ملك دمشق، وكاتب المعزّ بطلب طاعته وولايتها من قبله فلم يثق إليه، وردّه وتجهز لقصده، وجهّز العساكر فتوفي بعسكره ببلبيس كما يذكر.


يتبع 

يارب الموضوع يعجبكم 
تسلموا ودمتم بود 
عاشق الوطن 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق