إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 12 أبريل 2017

3 مُوجَز لتاريخ القدس حَتى الفتح الإسلاَمي للدكتور شفيق جاسر أحمد محمود موقف اليهود من المسيحية:


3

 مُوجَز لتاريخ القدس حَتى الفتح الإسلاَمي

للدكتور شفيق جاسر أحمد محمود

موقف اليهود من المسيحية:

عندما بلغ السيد المسيح الثلاثين من عمره، أخذ يتجول في فلسطين مبشراً برسالته، وأخذت تعاليمه بالإنتشار، فأغاظ ذلك زعماء اليهود، وكانت أن صب السيد المسيح غضبه على كهنة الهيكل. فقد جاء في إنجيل لوقا 19/45-47 (ولما دخل الهيكل ابتدأ يخرج الذين يبيعون ويشترون فيه قائلاً لهم: مكتوب أي بيتي للصلاة، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص). لذلك قاومه الكهنة وسادة اليهود، وحرضوا عليه السلطة الرومانية وقررت مجالس اليهود الدينية الحكم عليه بالموت، وطالبوا الرومان بتنفيذ هذا الحكم. وجاءوا به إلى بيلاطس لمحاكمته، وبعد المحاكمة اعترف بيلاطس ببراءته، فقامت قيامة اليهود، ونادوا:" اصلبه، اصلبه، دمه علينا وعلى أولادنا " فاضطر بيلاطس للإستجابة لطلبهم.
وفي زمن بيلاطس عبدت الطرق بين القدس وقيسارية وأريحا، وسحبت إليها مياه العروب. وفى سنة 66 م، حدث في القدس عصيان وشغب، فقام فاسبيانوس وابنه تيطس في محاربة اليهود، ودخل تيطس القدس عام 70 م، واعمل النهب والحرق والقتل، وأحرق المعبد الذي بناه هيرودوس، حتى لم يبق حجر على حجر، وبيع كثير من الأسرى عبيداًَ.

 وخلد الرومان نصرهم على اليهود بالعبارة اللاتينية المشهورة، التي ينادى بها عند إحراز نصر22، (هب: هب: هورا). وهى مختصر عبارة (هيروسوليما إست برديتا ) أي سقطت أورشليم، (الآن سقطت أورشليم) 23.

لقد جاء تدمير القدس على يد تيطس وفقاً لتحذير المسيح:"ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل، فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل، فقال لهم يسوع: ما تنتظرون! الحق أقول لكم إنه لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض " 24.

وقد بقيت القدس خراباًَ مدة طويلة، ليس بها إلا حامية رومانية ولكن بقايا اليهود ثاروا سنة 115 م ثم ثاروا سنة 132 م. وتمكنوا من استرداد القدس، إلا أن الإمبراطور هيدريان تمكن سنة 135 م من إخماد ثورتهم، ونكل بهم، ودمر القدس، وحرق موقعها، وقتل وسبى عدداً كبيراً من اليهود، ومنعهم من السكن فيها والدنو منها. وسمح للمسيحيين- ممن ليسوا من أصل يهودي- بالإقامة بها. وسمى المدينة (إيليا كابيتولينا) 25 وهي مشتقة من اسم أسرة هدبيان المدعوة (إيليا).

وقد ذكر ابن البطريق 26 تدمير هيدريان للقدس، وأشار إلى أنه كان آخر خراب للقدس، فهرب اليهود إلى مصر، وإلى الجبال والغور، وتشتتوا في أنحاء العالم. وأمر هيدريان ألا يسكن القدس يهودي، وأن يقتل اليهود ويستأصل جنسهم، وأن يسكنها اليونانيون فقط.

بهذا يكون الرومان قد دمروا القدس مرتين: الأولى سنة 70 م على يد تيطس، والثانية على يد هدريان سنة 135 م، وبعد ذلك انقطع تواجد اليهود في القدس لمدة ألف سنة، لم يسكنها يهودي واحد. وخلال خمسة قرون أخرى تلتها لم يكن بالقدس أكثر من خمسين يهودياً 27.

هذا وقد بنى هيدريان هيكلاً للمشتري على أنقاض هيكل هيرودوس، كما بنى سوراً للقدس 28، ولما اعتنق الإمبراطور قسطنطين 306- 337 م المسيحية، جعلها الديانة الرسمية للدولة. وجاءت والدته هيلانه إلى القدس للبحث عن مواقع الحوادث المهمة التي حدثت للمسيحيين، ولبناء كنائس تذكاراً لهذه الحوادث. فأمرت بهدم تمثال المشتري، وقامت ببناء كنيسة القيامة سنة 335 م 29. ومنذ ذلك التاريخ أخذ الحجاج المسيحيون يزورون القبر المقدس داخل كنيسة القيامة. وسمح قسطنطين لليهود بزيارة القدس مرة واحدة في السنة، و أعاد إليها اسم أورشليم سنة 332، إلا أن اسم إيليا بقي معروفاً.

وعندما انقسم الرومان سنة 395 م إلى قسمين، كانت فلسطين تابعة للدولة الشرقية، وكانت القدس ضمن محافظة فلسطين التي كانت عاصمتها قيسارية 30. وساد الهدوء القدس ما بين 135 م- 614 م، حين غزتها جيوش الفرس المؤيدة بخمسة وعشرين ألف يهودي ، فأحرقت كنيسة القيامة، ونهبت وهدمت الأديرة والكنائس في كل فلسطين، وكان لليهود اليد الطولى في النهب والدمار والفتن، وقدر عدد القتلى المسيحيين في القدس بأكثر من ستين ألفاً، ودفن خمسة آلاف منهم في ماملا 31.

ولكن هرقل الرومي انتصر على الفرس سنة 627 م. واحتفل في القدس في الرابع عشر من أيلول سنة 628 م برفع الصليب الذي كان قد استعاده من الفرس. ولا زال المسيحيون في مختلف أنحاء الشام يعيدون عيد الصليب في الرابع عشر من أيلول من كل عام 32.

ولم يطل احتفاظ الروم هذه المرة بالمدينة المقدسة حيث فتحها المسلمون في السنة الخامسة عشرة للهجرة سنة 638 م فأصبحت منذ ذلك التاريخ مدينة إسلامية وطوال تاريخ القدس هذا لم ينقطع تواجد أحفاد اليبوسيين فيها وفي ما حولها سواء في العهد الوثني أو اليهودي أو النصراني، بل أنهم كانوا جلة سكانها لأن الآخرين كانوا محتلين طارئين عليها.

" المراجع "
1- أثبتت الحفريات الحديثة، وجود سور يمكن إرجاعه إلى سنة 1800 ق. م، وهو السور اليبوسي الذي وقف في وجه الغزو الإسرائيلي.
انظر الدباغ: بلادنا فلسطين ، جـ 9، قسم 2. والعابدي: مأساة بيت المقدس، ص 169 و 170.
2- موقعها اليوم يعرف باسم (هليوبوليس) شمال القاهرة، سماها العرب( عين شمس).
انظر الدباغ: بلادنا فلسطين، جـ 9، قسم 2، ص 24.
3- موقعها اليوم(البدرشين) و( ميت رهينه )، على مسافة 22 كيلومتراً إلى الجنوب من القاهرة.
انظر الدباغ: بلادنا فلسطين، جـ 9، قسم 2، ص 24.
4- الدباغ، بلادنا فلسطين قسم 2، ص 24.
5- الفدان يساوى 4. ر. من الهكتار، ويساوى 4 دونمات، والدونم يساوى 1000 متر مربع.


 انتهى الموضوع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق