إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 12 أبريل 2017

1 مُوجَز لتاريخ القدس حَتى الفتح الإسلاَمي للدكتور شفيق جاسر أحمد محمود


1
 مُوجَز لتاريخ القدس حَتى الفتح الإسلاَمي

للدكتور شفيق جاسر أحمد محمود

أستاذ مساعد بكلية الدعوة وأصول الدين

بنى اليبوسيون-

وهم عرب كنعانيون- مدينة القدس قبل الميلاد بحوالي ثلاثة آلاف سنة، وأحاطوها بالأسوار مما زاد في منعتها 1. وقد كانت القدس في ذلك العهد على طريق تربط مصر ببلاد الشام، تبدأ من بحيرة التمساح، مارة بسيناء، وبئر السبع، والخليل، و بيت لحم، والقدس، والجيب، وبيتين، ونابلس، وتعنك، حيث تلتقي في مجدّو مع الطريق الرئيسية الساحلية، التي تصل بين مصر وبلاد الشام، وكانت تتصل مع ساحل البحر الأبيض المتوسط عن طريق الجيب، بيت عور التحتا، يالو، أبو شوشة، عاقر، وتتصل بالغور عن طريق مخماس، أريحا.

والقدس من أقدم مدن الأرض، وهى أقدم من بابل ونينوى، وليس أقدم منها إلا (اون) أو (ايوتو) 2 أولى عواصم مصر في فجر التاريخ و(منف) أو(ممفيس) ثاني عواصم مصر التي أنشئت حوالي سنة 3450 قبل الميلاد 3.
لقد بنيت منازل القدس من الحجارة، وكانت منازل صغيرة، يتألف المنزل منها من طبقة واحدة، له في وسطه باحة، وحولها الغرف.، والمدخل في صدر الباحة، وأحياناًَ يكون في وسطها بئر تتجمع فيه مياه الأمطار.

وكانوا يأخذون حجارة البناء من الأحجار الكلسية البيضاء لليونتها، وسهولة نحتها. ولوجود هذه الأحجار في أعماق الصخور 4، تمكن اليبوسيون من حفر الأحواض والأنفاق الكثيرة، مما كان له شأن في تاريخ المدينة. وقد قدرت مساحة المدينة آنذاك ما بين ستة عشر إلى ثمانية عشر فداناً 5.

كان أهل القدس في البداية يكتفون بمياه الأمطار، ولما كثر عددهم استفادوا من مياه عين أم الدراج. ولذلك بنوا حوالي عام ألفين قبل الميلاد نفقاًَ 6 يصل بين المدينة وهذه العين، يسهل وصول السقاة للعين، ويفيدهم أثناء الحصار. والنفق المذكور هو أقدم ما عثر عليه من ذكر لطريقة الحصول على المياه من العيون والآبار المجاورة للمدينة.

...وكان ملكي صادق 7 ملك اليبوسيين ورئيسهم الديني من الموحدين، لذلك تكون مدينة القدس أقدم بقعة في الأرض آمنت بالله الواحد، ونبتت فيها فكرة التوحيد كما نسب إليه أنه مؤسس القدس 8 التي كانت قبل ذلك صحراء بين أودية،وجبال، فنزل ملكي صادق بكهف من جبالها للعبادة، واشتهر أمره، فجاءه ملوك الأرض الذين كانوا بالقرب من القدس، وكانوا اثني عشر ملكاً، فسمعوا منه، وساعدوه بالأموال على إقامة مدينة القدس، ثم عينوا ملكاً عليهم وسموه( أبا الملوك) 9.

وقال مؤلفوا قاموس الكتاب المقدس: " والظاهر أنه أي- ملكي صادق- كان محافظاً على سنة اللّه بين شعب وثني، ولذلك كانت له الأسبقية على إبراهيم وعلى الكهنة الذين تسلسلوا منه " 10.

وقد كان ملكي صادق قد اتخذ بقعة الحرم الشريف معبداً له يقدم ذبائحه على موضع الصخرة المشرفة11. وبذلك يكون العرب الكنعانيون أقدم من قدس هذه البقعة وتعبد فيها، وذلك قبل أن يقوم سليمان بن داود ببناء هيكله بما يقرب من ألف سنة 12.

وهذا يفسر لنا ما أثبتته الحفريات وذكره المحدثون من أن بناء سليمان كان على أساس قديم، فقال صاحب الأنسب:"وهذه الأقوال تدل على أن بناء داود وسليمان إياه إنما كان على أساس قديم، لا أنهما المؤسسان له بل مجددان " 13. كما ذكر كعب الأحبار- الذي كان من علماء اليهود ثم أسلم- " إن سليمان بنى هيكل بيت المقدس على أساس قديم " 14.

هذا وقد خضعت القدس للمصرين في النصف الأول من القرن السادس عشر قبل الميلاد، عندما طردوا الهكسوس من بلادهم. وفى عهد امنحتب الثالث سنة 1411- 1375 ق. م تعرضت المدن الفلسطينية إلى غارات البدو( الخابيرى). وفى عهد امنحتب الرابع (أخناتون) 1375- 1358 ق. م، تمكن الخابير ومن بسط نفوذهم على معظم مدن فلسطين مما اضطر عبدي خيبا الوالي المصري على القدس أن يناشد أخناتون المساعدة على صدهم، ولكنه لم يتمكن، فزال الحكم المصري عنها، ولم يعد إلا في عهد سيتي الأول سنة 1317- 1301 ق. م 15.

لقد هاجم بنو إسرائيل فلسطين في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وأطلقوا اسم( يبوس) على مدينة القدس، نسبة لاسم زعيم القبيلة الكنعانية العربية التي كانت بها منذ القدم. وكان أصحابها اليبوسيون قد سموها أوروسالم أي مدينة إله السلام، وحرف المصريون اسمها إلى يوشامام. وقد دخل سيدنا داود مدينة القدس سنة 997 ق. م، وقيل سنة1000 ق. م وحاول إزالة طابعها اليبوسى، وسمى المدينة باسمه (مدينة داود)، وبنى بها قصراً وحصوناً، وقد بقي بها بعض سكانها الكنعانيون ولم يغادروها. ثم خلفه ابنه سليمان بن داود، الذي ولد ونشأ فيها، وكانت مدة ملكه أربعين سنة من سنة 963- 923 ق. م. وبنى فيها هيكله على المكان الذي كان يتعبد فيه ملكي صادق. ولكن هذا المعبد لم يكن لجميع بنى إسرائيل إلا في عهد سليمان، ثم أصبح بعده معبداً لأقلية منهم في عهد ولده وخليفته رحيعام، حيث انقسمت الدولة في عهده إلى مملكة يهوذا في الجنوب ومملكة إسرائيل في الشمال وعاصمتها شكيم (نابلس) وقد عاشت قرنين حتى قضى عليها سرجون الثاني الأشوري وسبى 25 ألفاً من سكانها وهدم السامرة (شكيم، نابلس) وأحل السحرة الذين أتى بهم من العراق أحلهم محل سكانها، وهذا يؤكد على أن القدس لم تكن عاصمة للدولة الموحدة إلا لمدة ثلاثة وسبعين سنة فقط.

وفى عهد رحيعام أطلق اسم أورشليم على القدس، بدلاً من (مدينة داود) وذكرت بهذا الإسم لأول مرة في سفر يشوع 16 في الإصحاح العاشر. وأصبحت القدس عاصمة للمملكة اليهودية التي حكمها عشرون ملكاً في 337 سنة، عم حكمهم الشر والثورات والحروب ومات أكثر من نصفهم قتلاً بأيدي قومهم أو كان ألعوبة بأيدي المصريين والعراقيين. وكانت هذه المملكة صغيرة المساحة حتى أن المسافر يستطيع أن يجتاز أي طرف منها في يوم واحد 17.

وفى نهاية عهدهم، في زمن (صدقيا بن يوشيا) 597- 586 ق. م تمرد صدقيا على سيده بختنصر، فحاصر بختنصر القدس واحتلها واخذ صدقيا أسيراً وأحرق الهيكل وأسر آلاف السكان، وقد جعل القدس أكواماً من الأنقاض وانتهت أسرة داود. ولكن كورشى الفارسى تمكن من الاستيلاء على بابل سنة 539 ق. م ثم فتح بلاد الشام، وأعاد بعض اليهود إلى القدس، بتأثير من زوجته استز التي كانت من أصل يهودي، فعاد بعضهم بقيادة زربابل 19 سنة 538، وأخذ اليهود في تعمير القدس وبناء هيكل جديد باسم هيكل زربابل سنة 515 ق. م وقد بقي هذا الهيكل حتى سنة 20 ق. م عندما بدأ هيرودوس الكبير في بناء الهيكل الجديد. وقد بقيت القدس تحت الحكم الفارسى حتى احتلها الإسكندر المكدوني20 سنة 332 ق. م.


يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق