إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 1 يوليو 2015

30 لماذا انحرفَ العالمُ كلُّه؟ انحراف الغرب: ثالثا - ثقافةٌ تنحرفُ عن الطريق 2 - التشكيكُ في الأديان:


30

لماذا انحرفَ العالمُ كلُّه؟

انحراف الغرب:

ثالثا - ثقافةٌ تنحرفُ عن الطريق

2 - التشكيكُ في الأديان:

عبرَ كلِّ ما سبق، نستطيعُ ملاحظةَ ما يلي:

1- رغمَ أنَّ تلكَ الفلسفاتِ والنظريّاتِ قد أفادتِ العلمَ والفكرَ البشريَّ إفاداتٍ لا تُنكر، وأدّى تنقيحُها وتطويرُها إلى تطوّرِ وتعمّقِ المعرفةِ البشريّة، إلا إنَّ ذلك لا ينفي أنّها بمفردِها نظريّاتٌ قاصرة، حاولتْ كلٌّ منها أن تفسّرَ الإنسانَ ـ ذلك الكائنَ المعقّدَ ـ على ضوءِ عاملٍ واحدٍ فقط من العواملِ المحيطةِ به أو الداخلةِ في تكوينِه.. وبالطبعِ فإنَّ هذا العاملَ مهما كانَ قويًّا مُسيطرًا، لا يمكنُ وحْدَه أن يكونَ التفسير.. فالإنسانُ ليسَ قردًا متطوّرًا، كما أنّه ليس إشراطاتِ الطفولةِ والجنس، لا ولا هو بضعةُ عواملَ وراثيّةٍ، وقطعًا ليسَ لعبةً في يدِ التاريخِ والاقتصادِ والحراكِ الاجتماعيِّ وصراعِ الطبقات.. لقدِ انتشرتْ هذا القناعاتُ على نطاقٍ واسع، وأدّتْ إلى ضياعِ الفروقِ بينَ الإنسانِ والحيوان، مع حماسِ الكثيرينَ للتعويضِ عن فقدانِ مركزِهم الرّوحيِّ بالعودةِ إلى حيوانيّتِهم وسْطَ جوٍّ من الصخبِ والابتهاج، فارتفعَ شأنُ الجسد، وأصبحَ العملُ على استمرارِه عملا مُجزيًا، وراجتْ سوقُ الصّورِ العارية، والموضاتِ الفاضحة، ورُدَّ الاعتبارُ للجنس، وشُرِعَ في استغلالِه، لإبرازِ الروابطِ الواضحةِ التي تربطُنا بإخوانِنا الأدنى مرتبة!، لدرجةِ أنَّ (كنزي) في عامِ 1948 نشرَ تقريرًا أثارَ ضجّةً واسعةً حولَ تطبيقِه أساليبَ العلومِ التجريبيّةِ على دراسةِ السلوكِ الجنسيِّ للإنسان[1].. وليسَ الجنسُ فحسب، بل المعدةُ أيضًا، وكلُّ ما يتّصلُ بالمتعِ السريعةِ والرفاهية، مع طغيانِ الغثِّ والبذيءِ على كلِّ ما له صلةٌ بالفكرِ والرّوح.

2- أدّى فقدانُ النبراسِ الديّنيِّ والروحيِّ للإنسانِ ـ حتّى وإن بلغَ مخُّه ذروةَ الذّكاء ـ إلى أن يدورَ حولَ نفسِه في يأس، ويُحبسَ فكرُه في فقّاعةٍ لا فرارَ منها، ويُثبَّطَ كلُّ طموحٍ له إلى الحرّيّة، الأمرُ الذي يذكّرُنا بالزنبورِ يتخبّطُ بلا هدفٍ على زجاجِ نافذةٍ مغلقة.. إنّه إنسانٌ بلا سببٍ.. إنسانٌ بلا هدف.. أم تُرانا نقولُ: حيوان؟!!

3- من الملاحظِ ـ كما رأيتَ ـ أنَّ التشكيكَ في الأديانِ قد أُقحمَ إقحامًا على أيّةِ نظريّةٍ أو اكتشافٍ جديد، ويبدو أنَّ ذلكَ قد أتى بمفعولِه جيّدًا، فمثلُ تلكَ النظريّاتِ كانتْ تبدأُ بمقدّماتٍ منطقيّة، وتؤدّى إلى استنتاجاتٍ يبدو للوهلةِ الأولى أنّها منطقيّة، وأحيانًا كان تفنيدُها يحتاجُ لسنواتٍ أخرى من البحثِ والدراسة، وضمنَ هذا السياق، كانَ الدينُ يُساقُ ليُذبحَ على مذابحَ وهميّة!.. كما أنّه من الواضحِ أنَّ التحريفَ الذي لحقَ بالمسيحيّةِ عبرَ العصورِ قد جعلَها تصطدمُ مع اكتشافاتِ العلم، ومع عقولِ العلماءِ والمفكّرين، الذينَ بدلا من أن يبحثوا عن مواضعِ التحريفِ فيها، أعلنوا عدمَ وجودِ إلهٍ من أساسِه!.. وبالطبعِ لحقَ بهم من عندِنا كلُّ الأغبياءِ الذينَ يظنّونَ أنَّ كلَّ ما يقولُه الغربُ هو الصوابُ بعينِه، والذينَ يقدّمونَ لنا باستمرارٍ وبمنتهى الحماسِ برازَ الغربِ على أنّه (تورتة) فاخرة، والويلُ كلُّ الويلِ لمن لا يتلمّظُ ويلتهمُ بمنتهى الاشتهاء!

4- إنَّ السؤالَ الذي يستوقفُني كثيرًا هو: إذا كانَ هناكَ من لا يعتقدُ بالأديانِ السماويّةِ ـ وهذه حرّيّةٌ منحتْها له هذه الأديانُ نفسُها مع تحذيرٍ بالعقابِ في الآخرة ـ فما الفائدةُ التي تعودُ عليه من تشكيكِ الناسِ في عقائدِهم؟.. ما الذي ستستفيدُه المجتمعاتُ من بشرٍ كفروا بأديانٍ تدعوا إلى البرِّ والرحمةِ والعدلِ والاعتدالِ واحترامِ حقوقِ الآخرينَ والابتعادِ عنِ الفواحشِ والرذائلِ وكلِّ ما هو ضارٌّ ومدمّر، إلى آخرِ ما تدعو إليه الأديانُ مما يُقيمُ دعائمَ المجتمعِ ويحفظُ حقوقَ الفرد؟.. وهل يكفي القانونُ وحْدَه بديلا للدين، مع ملاحظةِ أنّ دورَه يمثّلُ ردَّ الفعلِ أو العقاب، وليسَ الدافع؟.. وهل يمكنُ أن يؤمنَ بقانونِ الأرضِ مَنْ تمرّدَ وكفرَ بقانونِ السماء؟!.. المجتمعاتُ من حولِنا تُجيب!



[1] سيتساءلُ البعضُ في تعجّب: لماذا هذا التحذيرُ الزائدُ منَ الجنسِ والإباحيّة؟.. وهؤلاءِ ـ بخلافِ أنّهم يُغفلونَ القيمَ الدينيّة ـ ينسونَ أنَّ الحياةَ البشريّةَِ مجموعةً منَ المفاهيمِ، حينما ينفرطُ عقدُها وتفقدُ قيمتَها، يضيعُ الحافزُ للحياةِ نفسِها.. لا غروَ إذن أن تنهارَ الروابطُ الاجتماعيّةُ في الغربِ مع ازديادِ الإباحيّة، وينهارَ الفردُ نفسُه بالانحرافِ إلى الإجرامِ أو الإصابةِ بالأمراضِ النفسيّةِ والعصبيّةِ أو الإقدامِ على الانتحار.. ولمن يريدُ المزيدَ من التفاصيلِ حولَ الأثرِ المدمّرِ للإباحيّةِ على الأطفالِ والمراهقين، فعليه بقراءةِ الفصلِ المعنونِ بـ "خطورةُ الإباحيّة".



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق