18
لماذا انحرفَ العالمُ كلُّه؟
انحراف الغرب:
ثانيا - سديمُ (جوتنبرج)
3- المذهبُ السريالي:
كانَ للحربِ العالميّةِ الأولى، وما أصابتْ به الغربَ من كوارثَ، أثرُها في زعزعةِ القيمِ الأخلاقيّة.
كما زلزلتِ النظريّةُ النسبيّةُ أركانَ العقلِ، وأذهلَ (فرويد) ألبابَ العالمِ بأبحاثِه النفسيّةِ العجيبةِ التي تدّعي تسلّطَ عقلِنا الباطنِ وهيمنتَه القاهرةَ علينا، وتحكّمَه في تكييفِ أخلاقِنا، وبالتالي في عقلِنا الواعي!
هذا بالإضافةِ إلى ما أذاعه (هجل) من ضرورةِ هدمِ الماضي كلِّه لبناءِ مستقبلٍ سعيدٍ على أنقاضِه، وما دوّى به صوتُ (ماركس) من ضرورةِ هدمِ الرأسماليّةِ وقيامِ نظامٍ يُنصفُ العاملَ ويشدُّ أزرَه[1].
كلُّ هذه الأسبابِ هي ما أدّى لظهورِ المذهبِ "السريالي"، الذي ابتكره وأذاعَ به وارتجلَ له اسمَه ارتجالا، الروسيُّ (ترستان زارا)، وذلك حينما أطلقَه عامَ 1916 على تلك الحركةِ الهدّامةِ التي اختلجت في نفوسِ الداعينَ إلى القضاءِ على جميعِ موازينِ الآدابِ ومقاييسِ الذوق، وذلك في كلمةٍ نابيةٍ كان يُلقيها في إخوانِه من أتباعِ السوءِ الذينَ تحلّلتْ أخلاقُهم وانحطّتْ أذواقُهم، ووجدوا في دعاوى (ماركس) العريضةِ رسالةً جديدةً تُبشّرُ بمجتمعٍ جديد، له فنّه الجديدُ وأدبُه الجديد.
وقد كانوا يُطلقونَ على هذه الحركةِ السرياليّةِ كلمة "دادا" أي "بابا"، وهي الكلمةُ التي ارتجلوها لثورتِهم العاصفةِ بجميعِ القيمِ الأخلاقيّة، والسخريةِ ما وسِعتْهم السخريةُ بما توارثه الناسُ من آدابٍ وتقاليدَ وشرائعَ ومُثُل!!
ولقد اتّخذوا أحطَّ الطرقِ وأوقحَها لنشرِ هذا الرُّوحِ الجديدِ وإشاعتِه بينَ الناس، ولا سيّما في المشاربِ والمباولِ العامّة!!
وقد وجدوا إنجيلَهم الجديدَ وقيمَهم الجديدةَ في تعاليمِ (كارل ماركس)، التي كانتْ أكبرَ مخدّرٍ للطبقاتِ العاملة!!
ولهذا نشبتْ بينَهم وبينَ رجالِ السياسةِ والأديانِ عامّةً ـ ولا سيّما الكاثوليكيّين ـ مصادماتٌ فكريّةٌ عنيفة، إذ كانوا يُغرونَ الشعبَ بالتحرّرِ من الكثلكةِ إلى الواقعيّةِ الاشتراكيّة.
أمّا الفنُّ الجديدُ الذي كانوا ينشدونَه فقد وجدوه في تلك الكتابةِ اللا شعوريّةِ أو الكتابةِ التلقائيّة، التي لا تخضعُ لأصولِ المنطقِ والتفكيرِ المُقعّدِ السليم، بل هي تُغلّبُ سماتِ العقلِ الباطنِ على العقلِ الواعي!!
[1] راجع المقالَ المعنونَ بـ "ثقافة تنحرفُ عن الطريق".
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق