إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 5 أغسطس 2016

592 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر ما جرى لأتابك سعد مع أولاده



592


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر ما جرى لأتابك سعد مع أولاده

لما قتل أغلمش صاحب بلاد الجبل همذان وأصفهان وما بينهما من البلاد جمع أتابك سعد بن دكلا صاحب فارس عساكره وسار عن بلاده إلى أصفهان فملكها وأطاعه أهلها فطمع في تلك البلاد جميعها فسار عن أصفهان إلى الري فلما وصل إليها لقي عساكر خوارزم شاه قد وصلت كما ذكرناه فعزم على محاربة مقدمة العسكر فقاتلها حتى كاد يهزمها فظهرت عساكر خوارزم شاه ورأى الجتر فسقط في يده وألقى نفسه وضعفت قوته وقوة عسكره فولوا الأدبار وأخذ أتابك سعد أسيرًا وأحضر بين يدي خوارزم شاه فأكرمه وطيب نفسه ووعده الإحسان واستصحبه معه إلى أن وصل إلى أصفهان فسيره منها إلى بلاده وهي تجاورها وسير معه عسكرًا مع أمير كبير ليتسلم منه ما كان استقر بينهما فإنهما اتفقا على أن يكون لخوارزم شاه بعض البلاد ولأتابك سعد بعضها وتكون الخطبة لخوارزم شاه في البلاد جميعها‏.‏

وكان أتابك سعد قد استخلف ابنًا له على البلاد فلما سمع الابن بأسر أبيه خطب لنفسه بالمملكة وقطع خطبة أبيه فلما وصل أبوه ومعه عسكر خوارزم شاه امتنع الابن من تسليم البلاد إلى أبيه وجمع العساكر وخرج يقاتله فلما تراءى الجمعان انحازت عساكر فارس إلى صاحبها أتابك سعد وتركوا ابنه في خاصته فحمل على أبيه فلما رآه أبوه ظن أنه لم يعرفه ووصل أتابك سعد إلى البلاد فدخلها مالكًا لها وأخذ ابنه أسيرًا فسجنه إلى الآن إلا أنني سمعت الآن وهو سنة عشرين وستمائة أنه قد خفف حبسه ووسع عليه‏.‏

ولما عاد خوارزم شاه إلى خراسان غدر سعد بالأمير الذي عنده فقتله ورجع عن طاعة خوارزم شاه واشتغل خوارزم شاه بالحادثة العظمى التي شغلته عن هذا وغيره ولكن الله انتقم له بابنه غياث الدين كما ذكرناه سنة عشرين وستمائة لأن سعدًا كفر إحسان خوارزم شاه وكفر الإحسان عظيم العقوبة‏.‏

مدينة دمياط وعودها إلى المسلمين كان من أول هذه الحادثة إلى آخرها أربع سنين غير شهر وإنما ذكرناها هاهنا لأن ظهورهم كن فيها وسقناها سياقة متتابعة ليتلو بعضها بعضًا فنقول‏:‏

في هذه السنة وصلت أمداد الفرنج في البحر من رومية الكبرى وغيرها من بلاد الفرنج في الغرب والشمال إلا أن المتولي لها كان صاحب رومية لأنه يتنزل عند الفرنج بمنزلة عظيمة لا يرون مخالفة أمره ولا العدول عن حكمه فيما سرهم وساءهم فجهز العساكر من عنده مع جماعة من مقدمي الفرنج وأمر غيره من ملوك الفرنج إما أن يسير بنفسه أو يرسل جيشًا ففعلوا ما أمرهم فاجتمعوا بعكا من ساحل وكان الملك العادل أبو بكر بن أيوب بمصر فسار منها إلى الشام فوصل إلى الرملة ومنها إلى لد وبرز الفرنج من عكا ليقصدوه فسار العادل نحوهم فوصل إلى نابلس عازمًا على أن يسبقهم إلى أطراف البلاد مما يلي عكا ليحميها منهم فساروا هم فسبقوه فنزل على بيسان من الأردن فتقدم الفرنج إليه في شعبان عازمين على محاربته لعلمهم أنه في قلة من العسكر لأن العساكر كانت متفرقة في البلاد‏.‏

فلما رأى العادل قربهم منه لم ير أن يلقاهم في الطائفة التي معه خوفًا من هزيمة تكون عليه وكان حازمًا كثير الحذر ففارق بيسان نحو دمشق ليقيم بالقرب منها ويرسل إلى البلاد ويجمع العساكر فوصل إلى مرج الصفر فنزل فيه‏.‏

وكان أهل بيسان وتلك الأعمال لما رأوا الملك العادل عندهم اطمأنوا فلم يفارقوا بلادهم ظنًا منهم أن الفرنج لا يقدمون عليه فلما أقدموا سار على غفلة من الناس فلم يقدر على النجاة إلا القليل فأخذ الفرنج كل ما في بيسان من ذخائر قد جمعت وكانت كثيرة وغنموا شيئًا كثيرًا ونهبوا البلاد من بيسان إلى بانياس بثوا السرايا في القرى فوصلت إلى خسفين ونوى وأطراف البلاد ونازلوا بانياس وأقاموا عليها ثلاثة أيام ثم عادوا عنها إلى مرج عكا ومعهم من الغنائم والسبي والأسرى ما لا يحصى كثرة سوى ما قتلوا وأحرقوا وأهلكوا فأقاموا أيامًا ثم جاؤوا إلى صور وقصدوا بلد الشقيف ونزلوا بينهم وبين بانياس مقدار فرسخين فنهبوا البلاد‏:‏ صيدا والشقيف وعادوا إلى عكا وكان هذا من نصف رمضان إلى العيد والذي سلم من تلك البلاد كان مخفًا حتى قدر على النجاة‏.‏

ولقد بلغني أن العادل لما سار إلى مرج الصفر رأى في طريقه رجلًا يحمل شيئًا وهو يمشي تارة وتارة يقعد ليستريح فعدل العادل إليه وحده فقال له‏:‏ يا شيخ لا تعجل وارفق بنفسك‏!‏ فعرفه الرجل فقال‏:‏ يا سلطان المسلمين‏!‏ أنت لا تعجل فإنا إذا رأيناك قد سرت إلى بلادك وتركتنا مع الأعداء كيف لا نعجل‏!‏ وبالجملة الذي فعله العادل هو الحزم والمصلحة لئلا يخاطر باللقاء على حال تفرق من العساكر ولما نزل العادل على مرج الصفر سير ولده الملك المعظم عيسى وهو صاحب دمشق في قطعة صالحة من الجيش إلى نابلس ليمنع الفرنج عن البيت المقدس‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق