إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 5 أغسطس 2016

591 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير = ثم دخلت سنة أربع عشرة وستمائة



591


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

= ثم دخلت سنة أربع عشرة وستمائة

== ذكر ما جرى لأتابك سعد مع أولاده
== ذكر حصر الفرنج قلعة الطور وتخريبها
== ذكر حصر الفرنج دمياط إلى أن ملكوها
== ذكر ملك المسلمين دمياط من الفرنج
== ذكر عدة حوادث



ثم دخلت سنة أربع عشرة وستمائة

في هذه السنة سار خوارزم شاه علاء الدين محمد بن تكش إلى بلاد الجبل فملكها‏.‏

وكان سبب حركته في هذا الوقت أشياء أحدها‏:‏ أنه كان قد استولى على ما وراء النهر وظفر بالخطا وعظم أمره وعلا شأنه وأطاعه القريب والبعيد ومنها‏:‏ أنه كان يهوى أن يخطب له ببغداد‏.‏ ويلقب بالسلطان‏.‏

وكان الأمر بالضد لأنه كان لا يجد من ديوان الخلافة قبولًا وكان سبيله إذا ورد إلى بغداد أن يقدم غيره عليه ولعل في عسكره مائة مثل الذي يقدم سبيله عليه فكان إذا سمع ذلك يغضبه ومنها‏:‏ أن أغلمش لما ملك بلاد الجبل خطب له فيها جميعها كما ذكرناه فلما قتله الباطنية غضب له وخرج لئلا تخرج البلاد عن طاعته فسار مجدًا في عساكر تطبق الأرض فوصل إلى الري فملكها‏.‏

وكان أتابك سعد بن دكلا صاحب بلاد فارس لما بلغه مقتل أغلمش جمع عساكره وسار نحو بلاد الجبل طمعًا في تملكها لخلوها عن حام وممانع فوصل إلى أصفهان فأطاعه أهلها وسار منها يريد الري ولم يعلم بقدوم خوارزم شاه فلقيه مقدمه خوارزم شاه فظنها عساكر تلك الديار قد اجتمعت لقتاله ومنعه عن البلاد فقاتلهم وجد في محاربتهم حتى كاد يهزمهم‏.‏

فبينما هو كذلك إذ هو قد ظهر له جتر خوارزم شاه فسأل عنه فأخبر به فاستلم وانهزمت عساكره وأخذ أسيرًا وحمل إلى بين يدي خوارزم شاه فأكرمه ووعده الإحسان والجميل وأمنه على نفسه واستحلفه على طاعته واستقرت القاعدة بينهما على أن يسلم بعض البلاد إليه ويبقي بعضها وأطلقه وسير معه جيشًا إلى بلاد فارس ليسلم إليهم ما استقرت القاعدة عليه فلما قدم على ولده الأكبر رآه قد تغلب على بلاد فارس فامتنع من التسليم إلى أبيه‏.‏

ثم إنه ملك البلاد كما نذكره وخطب فيها لخوارزم شاه وسار خوارزم شاه إلى ساوة فملكها وأقطعها لعماد الملك عارض جيشه وهو من أهلها ثم سار إلى قزوين وزنجان وأبهر فملكها كلها بغير ممانع ولا مدافع ثم سار إلى همذان فملكها وأقطع البلاد لأصحابه وملك أصفها وكذلك قم وقاشان واستوعب ملك جميع البلاد واستقرت القاعدة بينه وبين أوزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان وأران بأن يخطب له أوزبك في بلاده ويدخل في طاعته‏.‏

ثم إنه عزم على المسير إلى بغداد فقدم بين يديه أميرًا كبيرًا في خمسة عشر ألف فارس وأقطعه حلوان فسار حتى وصل إليها ثم أتبعه بأمير آخر فلما سار عن همذان يومين أو ثلاثة سقط عليهم من الثلج ما لم يسمع بمثله فهلكت دوابهم ومات كثير منهم طمع فيمن بقي بنو ترجم الأتراك وبنو هكار الأكراد فتخطفوهم فلم يرجع منهم إلى خوارزم شاه إلا اليسير فتطير خوارزم شاه من ذلك الطريق وعزم على العود إلى خراسان خوفًا من التتر لأنه طن أنه يقضي حاجته ويفرغ من إرادته في المدة اليسيرة فخاب ظنه ورأى البيكار بين يديه طويلًا فعزم على العود فولى همذان أميرًا من أقاربه من جهة والدته يقال له طائيسي وجعل في البلاد جميعها ابنه ركن الدين وجعل معه متوليًا لأمر دولته عماد الملك الساوي وكان عظيم القدر عنده وكان يحرص على قصد العراق‏.‏

وعاد خوارزم شاه إلى خراسان فوصل إلى مرو في المحرم سنة خمس عشرة وستمائة وسار من وجهه إلى ما وراء النهر ولما قدم إلى نيسابور جلس يوم الجمعة عند المنبر وأمر الخطيب بترك الخطبة للخليفة الناصر لدين الله وقال‏:‏ إنه قد مات وكان ذلك في ذي القعدة سنة أربع عشرة وستمائة ولما قدم مرو قطع الخطبة بها وكذلك ببلخ وبخارى وسرخس وبقي خوارزم وسمرقند وهراة لم تقطع الخطبة فيها إلا عن قصد لتركها لأن البلاد كانت لا تعارض من أشباه هذا إن أحبوا خطبوا وإن أرادوا قطعوا فبقيت كذلك إلى أن كان منه ما كان‏.‏

وهذه من جملة سعادات هذا البيت الشريف العباسي لم يقصد أحد بأذى إلا لقيه فعله وخبث نيته لا جرم لم يمهل خوارزم شاه هذا حتى جرى له ما نذكره مما لم يسمع بمثله في الدنيا قديمًا ولا حديثًا‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق