656
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر انهزام الكرج من جلال الدين
قد ذكرنا فيما تقدم من السنين ما كان الكرج يفعلونه في بلاد الإسلام: خلاط وأذربيجان وأران وأرزن الروم ودربند شروان وهذه ولايات تجاور بلادهم وما كانوا يسفكون من دماء المسلمين وينهبون من أموالهم ويملكون من بلادهم والمسلمون معهم في هذه البلاد تحت الذل والخزي كل يوم قد أغاروا عليهم وقتلوا فيهم وقاطعوهم على ما شاؤوا من الأموال فكنا كلما سمعنا بشيء من ذلك سألنا الله تعالى نحن والمسلمون في أن ييسر للإسلام والمسلمين من يحميهم وينصرهم ويأخذ بثأرهم فإن أوزبك صاحب أذربيجان منعكف على شهوة بطنه وفرجه لا يفيق من سكره وإن أفاق فهو مشغول بالقمار بالبيض.
وهذا ما لم يسمع بمثله أن أحدًا من الملوك فعله لا يهتدي لمصلحة ولا يغضب لنفسه بحيث إن بلاده مأخوذة وعساكره طماعة ورعيته قد قهرها وقد كان كل من أراد أن يجمع جمعًا ويتغلب على بعض البلاد فعل كما ذكرناه من حال بغدي وأيبك الشامي وإيغان طائيسي فنظر الله تعالى إلى أهل هذه البلاد المساكين بعين الرحمة فرحمهم ويسر لهم جلال الدين هذا ففعل بالكرج ما تراه وانتقم للإسلام والمسلمين منهم فنقول:
في هذه السنة كان المصاف بين جلال الدين بن خوارزم شاه وبين الكرج في شهر شعبان فإن جلال الدين من حين وصل إلى هذه النواحي لا يزال يقول: إنني أريد أقصد بلاد الكرج وأقاتلهم وأملك بلادهم فلما ملك أذربيجان أسل إليهم يؤذنهم بالحرب فأجابوه بأننا قد قصدنا التتر الذين فعلوا بأبيك وهو أعظم منك ملكًا وأكثر عسكرًا وأقوى نفسًا ما تعلمه وأخذوا بلادكم فلم نبال بهم وكان قصاراهم السلامة منا.
وشرعوا يجمعون العساكر فجمعوا ما يزيد على سبعين ألف مقاتل فسار إليهم فملك مدينة دوين وهي للكرج كانوا قد أخذوها من المسلمين كما ذكرناه وسار منهم إليهم فلقوه وقاتلوه أشد قتال وأعظمه وصبر كل منهم لصاحبه فانهزم الكرج وأمر أن يقتلوا بكل طريق ولا يبقوا على أحد منهم فالذي تحققناه أنه قتل منهم عشرون ألفًا وقيل: أكثر من ذلك فقيل: الكرج جميعهم قتلوا وافترقوا وأسر كثير من أعيانهم من جملتهم شلوة فنمت الهزيمة عليهم ومضى إيواني منهزمًا وهو المقدم على الكرج جميعهم ومرجعهم إليه ومعولهم عليه وليس لهم ملك إنما الملك امرأة ولقد صدق رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث يقول: «لن يفلح قوم ولوا» فلما انهزم إيواني أدركه الطلب فصعد قلعة لهم على طريقهم فاحتمى فيها وجعل جلال الدين عليها من يحصرها ويمنعه من النزول وفرق عساكره في بلاد الكرج ينهبون ويقتلون ويسبون ويخربون البلاد فلولا ما أتاه من تبريز ما أوجب عوده لملك البلاد بغير تعب ولا مشقة لأن أهلها كانوا قد هلكوا فهم بين قتيل وأسير وطريد.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق