678
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر دخول العساكر الأشرفية إلى أذربيجان وملك بعضها
في هذه السنة في شعبان سار الحاجب علي حسام الدين وهو النائب عن الملك الأشرف بخلاط والمقدم على عساكرها إلى بلاد أذربيجان فيمن عنده من العساكر.
وسبب ذلك أن سيرة جلال الدين كانت جائرة وعساكره طامعة في الرعايا وكانت زوجته ابنة السلطان طغرل السلجوقي وهي التي كانت زوجة أوزبك بن البهلوان صاحب أذربيجان فتزوجها جلال الدين كما ذكرناه قبل وكانت مع أوزبك تحكم في البلاد جميعها ليس له ولا لغيره معها حكم.
فلما تزوجها جلال الدين أهملها ولم يلتفت إليها فخافته مع ما حرمته من الحكم والأمر والنهي فأسلت هي وأهل خوي إلى حسام الدين الحاجب يستدعونه ليسلموا البلاد فسار ودخل البلاد بلاد أذربيجان فملك مدينة خوي وما يجاورها من الحصون التي بيد امرأة جلال الدين وملك مرند وكاتبه أهل مدينة نقجوان فمضى إليهم فسلموها إليه وقويت شوكتهم بتلك البلاد ولو داموا لملكوها جميعها وإنما عادوا إلى خلاط واستصحبوا معهم زوجة جلال الدين ابنة السلطان طغرل إلى خلاط وسنذكر باقي خبرهم سنة خمس وعشرين إن شاء الله تعالى. وملك ولده في هذه السنة توفي الملك المعظم عيسى ابن الملك العادل يوم الجمعة سلخ ذي القعدة وكان مرضه دوسنطاريا وكان ملكه لمدينة دمشق من حين وفاة والده الملك العادل عشر سنين وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين يومًا.
وكان عالمًا بعدة علوم فاضلًا فيها منها الفقه على مذهب أبي حنيفة فإنه كان قد اشتغل به كثيرًا وصار من المتيزين فيه ومنها علم النحو فإنه اشتغل به أيضًا اشتغالًا زائدًا وصار فيه فاضلًا وكذلك اللغة وغيرها وكان قد أمر أن يجمع له كتاب في اللغة جامع كبير فيه كتاب الصحاح للجوهري ويضاف إليه ما فات الصحاح من التهذيب للأرموي والجمهرة لابن دريد وغيرهما وكذلك أيضًا أمر بأن يرتب مسند أحمد بن حنبل على الأبواب ويرد كل حديث إلى الباب الذي يقتضيه معناه مثاله: أن يجمع أحاديث الطهارة وكذلك يفعل في الصلاة وغيرها من الرقائق والتفسير والغزوات فيكون كتابًا جامعًا.
وكان قد سمع المسند من بعض أصحاب ابن الحصين ونفق العلم في سوقه وقصده العلماء من الآفاق فأكرمهم وأجرى عليهم الجرايات الوافرة وقربهم وكان يجالسهم ويستفيد منهم ويفيدهم وكان يرجع إلى علم وصبر على سماع ما يكره لم يسمع أحد ممن يصحبه منه كلمة تسوءه.
وكان حسن الاعتقاد يقول كثيرًا: إن اعتقادي في الأصول ما سطره أبو جعفر الطحاوي ووصى عند موته بأن يكفن في البياض ولا يجعل في أكفانه ثوب فيه ذهب وأن يدفن في لحد ولا يبنى عليه بناء بل يكون قبره في الصحراء تحت السماء ويقول في مرضه: لي عند الله تعالى في أمر دمياط ما أرجو أن يرحمني به.
ولما توفي ولي بعده ابنه داود ويلقب الملك الناصر وكان عمره قد قارب عشرين سنة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق