إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 3 نوفمبر 2014

459 حسْن المُحاضرة في تاريخ مصْر والقاهرَة ذكر من كان بمصر من الفقهاء الحنفية


459

حسْن المُحاضرة في تاريخ مصْر والقاهرَة

ذكر من كان بمصر من الفقهاء الحنفية


باع طويل يد علياء مع قدمٍ ... لها رسوخ سواها ماله ظفر
النقل والعقل حقًا شاهدان رضًا ... بأنه فاق من يأتي ومن غبروا
أبان علم أصول الدين متضحًا ... وكم جلا شبهًا حارت بها الفكر
وفي الكتاب وفي آياته ظهرت ... آياته حين يتلوها ويعتبر
محقق كامل الآلات مجتهد ... وما عسى تبليغ الأبيات والسطر
وفي الحديث أياديه قد انتشرت ... آثارها وشذا فياحها العطر
قد توج الفقه بالشرح المفيد وقد ... حلته بالسيرا أبحاثه الغرر
أنعم بنعمان عينًا حين يذكر في ... أصحابه الشيخ دامت فوقه الدرر
يسطو بسيف على الرازي مفتخرًا ... لدى الأصول ما في القوم مفتخر
كلامه في علوم العرب أجمعها ... مغنى اللبيب إذا أعيت به الفكر
والنظم في الرتبة العلياء فضلته ... بحكيه فيه انسجام القطر والنهر
على هدى الأقدمين الغر منهجه ... علمًا وقولًا وفعلًا ما به نكر
نقي عرضٍ تقي الدين لا دنس ... يشينه، لا ولا في شأنه غبر
سعى إليه قضاء العصر يخطبه ... فرده خائبًا زهدًا به حصر
له مكارم أخلاق يسود بها ... أكابر العصر إن طالوا وإن فخروا
وجود حاتم يجري من أنامله ... لوافديه وإن قلوا وإن كثروا
له فصاحة سحبان وشاهدها ... إجماع كل الورى والنص والنظر
لو يحلف الخلق بالرحمن إن له ... كل المحاسن والإحسان ما فجروا
عم الورى منه علم ماله مدد ... ومن فوائده ما ليس ينحصر
وكل أعيان أهل العصر مرتفع ... بالأخذ عنه لعلياء ومفتخر
المنهل العذب حقًا للورود فما ... عن غيره لهم ورد ولا صدر

شيخ الشيوخ ولا أوحشت من سكن ... ولا عفا ل ربع زانه الخفر
حياتك الحق في الدارين ثابتة ... ما العالمون بأموات وإن قبروا
قطعت عمرك إما ناشرًا لهدىً ... أو نافعًا لفتى قد مسه الضرر
على سواك ربيع العلم رونقه ... محرم وهم من فهمه صفروا
غرست دوحة علم للورى فهم ... من مستظل ومن دانٍ له الثمر
وكم قصدت إلى إيضاح مشكلة ... أو حل معضلة طارت بها الشرر
ولم تشنك ولايات القضاء فلا ... تراع من حاسب يحصى ويختبر
ومن يكن عمره التقوى بضاعته ... فلا يخاف ونعم العمر والعمر
حزت العلا في الورى علمًا ومنقبه ... سوى الذي لك عند الله مدخر
أبشر بروحٍ وريحان ودار رضًا ... ورحمة وصفاء ما به كدر
أبشر وبشراك صدق ما بها ريب ... كما بها يشهد التنزيل والأثر
يثني عليك جميع الخلق قاطبة ... إن الثناء على هذا لمعتبر
يذكر الموت قرب الانتقال وما ... كمثل موت تقي الدين مدكر
والله يخلفه في نسله كرمًا ... والله أعظم من يرجى وينتظر
والله قضي بإسراع اللحوق فما ... للقلب بعد هداة الدين مصطبر
دهر عجيب يطم السمع منكره ... وما به للهدى عون ولا وزر
وكل وقت ترى الأخيار قد ذهبوا ... وللأشرة فيه النار تستعر
حبر فحبر إمام بعد آخر لا ... يُرى له خلف كلا ولا نظر
إذا نجوم الهدى والرشد قد أفلت ... ضل الورى فلهم في غيهم سكر
هم الألى تشرق الدنيا ببهجتها ... لا شمسها وأبو إسحاق والقمر
وإن تكن أعين الإسلام ذاهبة ... تترى فعما قليل يذهب الأثر

57- الشيخ أمين الدين، الأقصرائي يحيى بن محمد شيخ الحنفية في زمانه. ولد سنة نيف وتسعين وسبعمائة، وانتهت إليه رياسة الحنفية في زمانه. مات في أواخر المحرم سنة ثمانين وثمانمائة.
58- الشيخ سيف الدين الحنفي محمد بن محمد بن عمر بن قطلوبغا البكتمري العلامة الورع الزاهد العابد. ولد تقريبًا على رأس ثمانمائة، وأخذ عن السراج قارئ الهداية والتفهني، ولازم ابن الهمام، وانتفع به، وبرع في الفقه والأصول والنحو، وكان شيخه ابن الهمام يقوله عنه: هو محقق الديار المصرية، مع ما هو عليه من سلوك طريق السلف والعبادة والخير، وعدم التردد إلى أحد أبدًا مدة عمره، "ولم يُر مثله تورعًا" (1) ، وولي التدريس بأماكن، منها درس التفسير بالمنصورية، وآخر ما تولى مشيخة المؤيدية ثم الشيخونية. وله حاشية على التوضيح كثيرة الفوائد. مات في ذي القعدة سنة إحدى وثمانين وثمانمائة (2) .
وهو آخر شيوخي موتًا لم يتأخر بعده أحد ممن أخذت عنه العلم إلا رجل قرأت عليه ورقات من المنهاج. وقلت أرثيه:
مات سيف الدين منفردًا ... وغدًا في اللحد منغمدا
عالم الدنيا وصالحها ... لم تزل أحواله رشدا
يبكيه دين النبي إذا ... ما أتاه ملحد كمدا
إنما يُبكى على رجل ... قد غدا في الخير معتمدا
لم يكن في دينه وهن ... لا ولا للكبر منه ردا
عمره أفناه في نصب ... لإله العرس مجتهدا
من صلاةٍ أو مطالعة ... أو كتاب الله مقتصدا
_________
(1) من ط.
(2) شذرات الذهب 7: 322.

يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق