414
زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث
فصل
وجرى الصلحُ بين المسلمين وأهلِ مكة على وضعِ الحربِ عشرَ سنين، وأن يأمنَ الناسُ بعضهم من بعض، وأن يَرجعَ عنهم عامَهُ ذلك، حتى إذا كان العامُ المقبل، قَدِمهَا، وخَلّوْا بينَه وبين مكَّة، فأقام بها ثلاثاً، وأن لا يدخُلَهَا إلا بسلاح الراكب، والسيوف فى القِرَب، وأنَّ مَن أتانا مِن أصحابكَ لم نرده عليك، ومَن أتاكَ من أصحابنا رددتَه علينا، وأنَّ بيننا وبينَك عَيْبَةً مكفوفةً، وأنه لا إسْلالَ ولا إغْلالَ، فقالوا: يا رسولَ الله؛ نُعطيهم هذا ؟ فقال: (( مَنْ أتاهم منا فأبعَدَهُ اللهُ، ومَن أتانا مِنهم فرددناه إليهم، جَعَلَ اللهُ له فَرَجاً ومخرجاً )).
وفى قِصة الحُديبية، أنزل اللهُ عزَّ وجلَّ فِديةَ الأذى لمن حلق رأسَه بالصيام، أو الصَّدقة، أو النُّسك فى شأن كعب بن عُجرة.
وفيها دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم للمُحَلِّقِينَ بالمَغْفِرَة ثلاثاً، ولِلمُقَصِّرِينَ مَرَّةً.
وفيها نحرُوا البَدَنَةَ عن سَبْعَةٍ، والبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ.
وفيها أهدى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فى جملة هَدْيهِ جملاً كان لأبى جهلٍ كان فى أنفه بُرَةٌ مِنْ فِضَّةٍ لِيغيظَ بهِ المشركين.
وفيها أُنزِلَتْ سورةُ الفتح، ودخلت خُزاعة فى عَقْدِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وعهده، ودخلَتْ بنو بكر فى عقد قريش وعهدهم، وكان فى الشرط أن مَن شاء أن يدخل فى عقده صلى الله عليه وسلم دخل، ومَن شاء أن يدخل فى عقد قريش دخل.
ولما رجع إلى المدينة جاءه نساء مؤمناتٌ، مِنهن أُمُّ كُلثُوم بنتُ عقبة ابن أبى معيط، فجاء أهلُهَا يسألونها رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالشرطِ الذى كانَ بينهم، فلم يَرْجِعْها إليهم، ونهاهُ اللهُ عزَّ وجلَّ عن ذلك، فقيل : هذا نسخ للشرط فى النساء. وقيل تخصيص للسُّـنَّة بالقرآن، وهو عزيزٌ جداً. وقيل: لم يقع الشرطُ إلا على الرجال خاصة، وأراد المشركون أن يُعَمِّمُوهُ فى الصنفين، فأبى الله ذلك.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق