410
زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث
فصل
فى غزوة الغابة
ثم أَغار عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ الفَزَارِىُّ فى بنى عبد اللهِ بن غَطَفَانَ على لِقَاحِ النبى صلى الله عليه وسلم التى بالغابة، فاستاقها، وقتل راعِيَهَا وهو رجلٌ من عُسفان، واحتملوا امرأته، قال عبدُ المؤمن بن خلف: وهو ابن أبى ذر، وهو غَرِيبٌ جداً، فجاء الصريخُ، ونودى: يا خَيْلَ اللهِ ارْكَبى، وكان أول ما نُودى بها، ورَكِبَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُقنَّعاً فى الحديد، فكان أول مَنْ قدم إليه المقدادُ بن عمرو فى الدِّرع والمِغْفَرِ، فَعَقَدَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم اللِّواءَ فى رُمحه، وقال: (( امْضِ حتَّى تلحقك الخيولُ، إنَّا عَلَى أَثَرِكَ ))، واستخلفَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ابنَ أُمِّ مكتوم، وأدركَ سلمةُ بنُ الأكوع القومَ، وهو على رِجليه، فجعلَ يرميهم بالنَّبْلِ ويَقُول:
خُذْهَا وَأنَا ابْنُ الأَكْوَع والْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّع
حتى انتهى إلى ذى قَرَدٍ وقد استنقذَ مِنهم جميعَ اللِّقَاح وثلاثين بُردة، قال سلمة: فَلَحِقَنَا رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم والخيلُ عِشاءً، فقلتُ: يا رسولَ اللهِ؛ إن القومَ عِطاش، فلو بعثتنى فى مائة رجل استنقذتُ ما فى أيديهم من السَّرْح، وأخذتُ بأَعناق القوم، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (( مَلَكْتَ فَأسْجِحْ )) ثم قالَ: (( إنَّهُم الآنَ لَيُقْرَوْنَ فى غَطَفَان )).
وذهب الصريخُ بالمدينة إلى بنى عَمْرو بن عوف، فجاءت الأمدادُ ولم تزلِ الخيلُ تأتى، والرجالُ على أقدامهم وعلى الإبل، حتى انْتَهَوْا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِذِى قَرَدٍ.
قال عبد المؤمن بن خلف: فاستنقذوا عَشْرَ لِقاح، وأُفلِتَ القومُ بما بقى، وهو عشر.
قلت: وهذا غلط بيِّن، والذى فى (( الصحيحين )): أنهم استنقذوا اللِّقَاحَ كُلَّها، ولفظ مسلم فى (( صحيحه )) عن سلمة: (( حتى ما خلق اللهُ مِن شىءٍ مِن لِقاح رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلا خلَّفتُه وراء ظهرى، واستلبتُ مٍنهـم ثلاثِينَ بُردةً )).
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق