475
زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث
فصل
[فى تحريم لُقَطَة الحرم]
وقوله صلى الله عليه وسلم: ((ولا يَلْتَقِطُ سَاقِطَتَها إلا مَنْ عَرَّفَهَا)). وفى لفظ: ((ولاَ تَحِلُّ سَاقِطَتُهَا إلاَّ لِمُنْشِدٍ))، فيه دليل على أن لُقَطَةَ الحرم لا تُملك بحال، وأنها لا تُلتقط إلا للتعريف لا للتمليكِ، وإلا لم يكن لِتخصيص مكة بذلك فائدة أصلاً، وقد اختُلِفَ فى ذلك، فقال مالك وأبو حنيفة: لُقَطَةُ الحِلِّ والحَرَم سواء، وهذا إحدى الروايتين عن أحمد، وأحدُ قولى الشافعى، ويُروى عن ابن عمر، وابن عباس، وعائشة رضى الله عنهم، وقال أحمد فى الرواية الأخرى، والشافعى فى القول الآخر: لا يجوز التقاطُها للتمليك، وإنما يجُوز لِحفظها لِصاحبها، فإن التقطها، عرَّفها أبداً حتى يأتى صَاحبُها، وهذا قول عبد الرحمن بن مهدى، وأبى عُبيد، وهذا هو الصحيح، والحديثُ صريحٌ فيه، والمُنشِدُ: المعرِّف. والناشد: الطالب، ومنه قوله:
ـ إصَاخَة الناشِدِ لِلمُنْشِدِ ـ
وقد روى أبو داود فى ((سننه)): أن النَبى صلى الله عليه وسلم: ((نَهَى عَنْ لُقَطَةِ الحَاجِّ))، وقال ابنُ وهب: يعنى يترُكُها حتى يَجِدَها صاحبُها.
قال شيخنا: وهذا من خصائص مكة، والفرقُ بينها وبين سائر الآفاق فى ذلك، أن الناس يتفرَّقون عنها إلى الأقطار المختلفة، فلا يتمكن صاحبُ الضالةِ مِن طلبها والسؤالِ عنها، بخلاف غيرها من البلاد.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق