إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 28 نوفمبر 2014

393 زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث فصل



393


زاد المعاد في هدي خير العباد ( ابن قيم الجوزية ) الجزء الثالث

   فصل


         فلما كان خامِسُ المحرَّم، بلغه أنَّ خالدَ بنَ سُفيان بن نُبَيْح الهُذَلى قد جمع له الجموعَ، فبعث إليه عبدَ اللهِ أُنَيس فقتله، قال عبدُ المؤمن بن خلف : وجاءَه برأسه، فوضعه بين يديه، فأعطاه عصاً، فقال: (( هَذِهِ آيَةُ بَيْنِى وبَيْنَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ ))، فلما حضرته الوفاةُ أوصى أن تُجعل معه فى أكفانه، وكانت غيبتهُ ثمانَ عشرةَ لَيلة، وَقَدِمَ يومَ السبت لسبع بَقين مِن المحرَّم.

         فلمَّا كان صفر، قًدِمَ عليه قَوْمٌ مِن عَضَلٍ والقَارةِ، وذكروا أن فيهم إسلاماً، وسألُوهُ أن يَبْعثَ معهم مَن يُعَلِّمُهم الدِّينَ، ويُقرئهُمُ القُرآن، فبعث معهم سِتَّة نَفَرٍ فى قول ابن إسحاق، وقال البخارى: كانُوا عشرة، وأَمَّر عليهم مَرْثَدَ بنَ أبى مَرْثَدٍ الغَنَوِى، وفيهم خُبيب بنُ عدى، فذهبوا معَهم، فلما كانُوا بالرَّجِيع، وهو ماءٌ لهُذَيْلٍ بناحيةِ الحِجاز غدرُوا بهم، واستصرخُوا عليهم هُذيلاً، فجاؤوا حتَّى أحاطُوا بهم، فقتلُوا عامَّتَهُم، واستأسرُوا خُبَيْبَ بْنَ عدِىٍّ، وزَيْدَ ابن الدّثِنَةِ، فذهبُوا بهما، وباعُوهما بمكة، وكانا قَتلا مِن رؤوسهم يَوْمَ بدر
 فأما خُبيب، فمكث عندهم مسجوناً، ثم أجمعُوا قتله، فخرجُوا به مِن الحَرَمِ إلى التنعيم، فلما أجمعُوا على صَلبه، قال: دَعُونى حَتَّى أَرْكَعَ رَكْعَتَيْنِ، فتركُوهُ فصلاهما، فلمَّا سَلَّمَ قال: واللهِ، لَوْلاَ أنْ تَقُولُوا إنَّ مَا بى جَزَعٌ، لَزِدْتُ، ثُمَّ قال: (( اللَّهُمَّ أَحْصِهمْ عَدَداً، واقْتُلْهُمْ بِدَدَاً، ولا تُبْقِ مِنْهُم أحداً،)) ثم قال:
لَقَدْ أَجْمَعَ الأَحْزَابُ حَوْلى،  وَأَلّبُوا                  قَبَائِلَهُم واسْتَجْمَعُوا كُــلَّ  مجْمَـعِ
وكلُّهُـمُ مبدى العداوةِ    جاهـدٌ                  عَلَـىَّ  لأنى  فى  وِثاقٍ   بِمَضْــيَعِ
(يتبع...)
@وقَــدْ قَرَّبُوا أَبْنَاءَهُم   ونسَاءَهُم                  وقُـرِّبْتُ مِـنْ جِذْعٍ  طوِيلٍ   مُمَنَّعِ
إلَى اللهِ أَشْكُوا غُرْبَتِى بَعْدَ   كُرْبَتِى                  وَمَا أَرْصَدَ  الأَحْزَابُ لى عِنْدَ مَصْرَعِى
فَذَا العَرْشِ صَبِّرْنى عَلَى ما يُرادُ   بى                  فَقَدْ بَضَّعُوا لحْمى وَقَد يَـاسَ مَطْمَعِى
وَقَدْ خَيَّرُونى الكُفْرَ، والمَوْتُ دُونـَهُ                  فَقَـدْ ذَرَفَتْ عَيْنَاىَ مِنْ غَيْرِ  مَجْزَعِ
وَمَا بِى حِذَارُ المَوْت  إنِّى     لَمَيِّتٌ                  وإنَّ إلـــى ربِّى إيَابى   ومَرْجِعى
وَلَسْتُ أُبَالِى حِينَ  أُقْتَلُ     مُسْلِما                  عَلَى أَىِّ شِقٍّ كـان  فى اللهِ مَضْعَجِى
وَذلِكَ فى ذَاتِ الإلـهِ وإنْ  يَشـأْ                  يُبارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شلْوٍ   مُمَــزَّعِ
فَلَسْـتُ بمبدٍ  للعـدوِّ  تَخَشُّعـاً                  ولا جَـزَعاً، إنى إلى  الله  مَرجعـى
         فقال له أبو سفيان: أيسرُّك أنَّ محمداً عندنا تُضْرَبُ عنقُه وإنك فى أهلك، فقال: لا واللهِ، ما يسرُّنى أنى فى أهلى، وأنَّ محمداً فى مكانهِ الَّذِى هُوَ فيه تُصيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤذِيه.
         وفى (( الصحيح )): أن خبيباً أوَّلُ مَنْ سنَّ الركعتين عِند القتل. وقد نقل أبو عمر بن عبدِ البر، عن اللَّيثِ بن سعد، أنه بلغه عن زيدِ بن حارثة، أنه صلاهما فى قصةٍ ذكرها، وكذلك صلاهما حُجْرُ بنُ عدى حين أمر معاويةُ بقتله بأرضِ عذراء من أعمالِ دمشق.
          ثم صَلبوا خُبَيْبَاً، ووكَّلوا به مَن يَحْرُسُ جُثَّته، فجاء عمرو بنُ أُمية الضَّمْرِى، فاحتمله بجذعه ليلاً، فذهب به، فدفنه.
         ورؤى خُبيبٌ وهو أسيرٌ يأكل قِطْفاً مِن العِنَبِ، وما بمكة ثَمَرَةٌ، وأما زيدُ بن الدَّثِنَةِ، فابتاعه صفوانُ بنُ أُمية، فقتله بأبيه.
         وأما موسى بن عقبة، فذكر سبب هذه الوقعة، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بعث هؤلاء الرهط يتحسَّسُون له أخبار قُريش، فاعترضهم بنو لَحيان.
  




يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق