إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 1 أغسطس 2016

439 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر وفاة صلاح الدين وبعض سيرته



439


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر وفاة صلاح الدين وبعض سيرته

في هذه السنة في صفر توفي صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي صاحب مصر والشام والجزيرة وغيرها من البلاد بدمشق ومولده بتكريت وقد ذكرنا سبب انتقالهم منها وملكهم مصر سنة أربع وستين وخمسمائة‏.‏

وكان سبب مرضه أن خرج يتلقى الحاج فعاد ومرض من يومه مرضًا حادًا بقي به ثمانية أيام وتوفي رحمه الله‏.‏

وكان قبل مرضه قد أحضر ولده الأفضل عليًا وأخاه الملك العادل أبا برك واستشارهما فيما يفعل وقال‏:‏ قد تفرغنا من الفرنج وليس لنا في هذه البلاد شاغل فأي جهة نقصد فأشار عليه أخوه العادل بقصد خلاط لأنه كان قد وعده إذا أخذهتا أن يسلمها إليه وأشار ولده الأفضل بقصد بلد الروم التي بيد أولاد قلج أرسلان وقال‏:‏ هي أكثر بلادًا وعسكرًا ومالًا وأسرع مأخذًا وهي أيضًا طريق الفرنج إذا خرجوا على البر فإذا ملكناها منعناهم من العبور فيها‏.‏

فقال‏:‏ كلاكما مقصر ناقص الهمة بل أقصد أنا بلد الروم وقال لأخيه‏:‏ تأخذ أنت بعض أولادي وبعض العسكر وتقصد خلاط فإذا فرغت أنا من بلد الروم جئت إليكم وندخل منها أذربيجان ونتصل ببلاد العجم فما فيها من يمنع عنها‏.‏

ثم أذن لأخيه العادل في المضي إلى الكرك وكان له وقال له‏:‏ تجهز واحضر لتسير فلما سار إلى الكرك مرض صلاح الدين و توفي قبل عوده‏.‏

وكان رحمه الله كريمًا حليمًا حسن الأخلاق متواضعًا صبورًا عل ما يكره كثير التغافل عن ذنوب أصحابه يسمع من أحدهم ما يكره ولا يعلمه بذلك ولا يتغير عليه‏.‏

وبلغني أنه كان يومًا جالسًا وعنده جماعة فرمى بعض المماليك بعضًا بسرموز فأخطأته ووصلت إلى صلاح الدين فأخطأته ووقعت بالقرب منه فالتفت إلى الجهة الأخرى يكلم جليسه ليتغافل عنها‏.‏

وطلب مرة الماء فلم يحضر وعاود الطلب في مجلس واحد خمس مرات فلم يحضر فقال‏:‏ يا وكان مرة قد مرض مرضًا شديدًا أرجف عليها بالموت فلما برئ منه وأدخل الحمام كان الماء حارًا فطلب ماء باردًا فأحضره الذي يخدمه فسقط من الماء شيء على الأرض فناله منه شيء فتأمل له لضعفه ثم طلب البارد أيضًا فأحضر فلما قاربه سقطت الطاسة على الأرض فوقع الماء جميعه عليه فكاد يهلك فلم يزد على أن قال للغلام‏:‏ إن كنت تريد قتلي فعرفني‏!‏ فاعتذر إليه فسكت عنه‏.‏

وأما كرمه فإنه كان كثير البذل لا يقف في شيء يخرجه ويكفي دليلًا على كرمه أنه لما مات لم يخلف في خزائنه غير دينار واحد صوري وأربعين درهمًا ناصرية وبلغني أنه أخرج في مدة مقام على عكا قبالة الفرنج ثمانية عشر ألف دابة من فرس وبغل سوى الجمال وأما العين والثياب والسلاح فإنه لا يدخل تحت الحصر ولما انقرضت الدولة العلوية بمصر أخذ من ذخائرهم من سائر الأنواع ما يفوت الإحصاء ففرقه جميعه‏.‏

وأما تواضعه فإنه كان ظاهرًا لم يتكبر على أحد من أصحابه وكان يعيب الملوك المتكبرين بذلك وكان يحضر عنده الفقراء والصوفية ويعمل لهم السماع فإذا قام أحدهم لرقص أو سماع يقوم له فلا يقعد حتى يفرغ الفقير‏.‏

ولم يلبس شيئًا مما ينكره الشرع وكان عنده علم ومعرفة وسمع الحديث وأسمعه وبالجملة كان نادرًا في عصره كثير المحاسن والأفعال الجميلة عظيم الجهاد في الكفار وفتوحه تدل على ذلك وخلف سبعة عشر ولدًا ذكرًا‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق