إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الثلاثاء، 9 أغسطس 2016

701 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر دخول التتر ديار بكر والجزيرة وما فعلوه في البلاد من الفساد





701


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر دخول التتر ديار بكر والجزيرة وما فعلوه في البلاد من الفساد

لما انهزم جلال الدين من التتر على آمد نهب التتر سواد آمد وأرزن وميافارقين وقصدوا مدينة أسعرد فقاتلهم أهلها فبذل لهم التتر الأمان فوثقوا منهم واستسلموا فلما تمكن التتر منهم وضعوا فيهم السيف وقتلوهم حتى كادوا يأتون عليهم فلم يسلم منهم إلا من اختفى حكى لي بعض التجار وكان قد وصل آمد أنهم حزروا القتلى ما يزيد على خمسة عشرة ألف قتيل وكان مع هذا التاجر جارية من أسعرد فذكرت أن سيدها خرج ليقاتل وكان له أم فمنعته ولم يكن لها ولد سواه فلم يصغ إلى قولها فمشت معه فقتلا جميعًا وورثها ابن أخ للأم فباعها من هذا التاجر وذكرت من كثرة القتلى أمرًا عظيمًا وأن مدة الحصار كانت خمسة أيام‏.‏

ثم ساروا منها إلى مدينة طنزة ففعلوا فيها كذلك وساروا من طنزة إلى واد بالقرب من طنزة يقال له وادي القريشية فيه مياه جارية وبساتين كثيرة والطريق إليه ضيق فقاتلم أهل القريشية فمنعوهم عنه وامتنعوا عليهم وقتل بينهم كثير فعاد التتر ولم يبلغوا منهم غرضًا وساروا في البلاد لا مانع يمنعهم ولا أحد يقف بين أيديهم فوصلوا إلى ماردين فنهبوا ما وجدوا من بلدها واحتمى صاحب ماردين وأهل دنيسر بقلعة ماردين وغيرهم ممن جاور القلعة احتمى بها أيضًا‏.‏

ثم وصلوا إلى نصيبين الجزيرة فأقاموا عليها بعض نهار ونهبوا سوادها وقتلوا من ظفروا به وغلقت أبوابها فعادوا عنها ومضوا إلى بلد سنجار ووصلوا إلى الجبال من أعمال سنجار فنهبوها ودخلوا إلى الخابور فوصلوا إلى عرابان فنهبوا وقتلوا وعادوا‏.‏

ومضى طائفة منهم على طريق الموصل فوصل القوم إلى قرية تسمى المؤنسة وهي على مرحلة من نصيبين بينها وبين الموصل فنهبوها واحتمى أهلها وغيرهم بخان فيها فقتلوا كل من فيه‏.‏

وحكي لي عن رجل منهم أنه قال‏:‏ اختفيت منهم بيت فيه تبن فلم يظفروا بي وكنت أراهم من نافذة في البيت فكانوا إذا أرادوا قتل إنسان فيقول‏:‏ لا بالله فيقتلونه فلما فرغوا من القرية ونهبوا ما فيها وسبوا الحريم رأيتهم وهم يلعبون على الخيل ويضحكون ويغنون بلغتهم بقول‏:‏ لا بالله‏.‏

ومضى طائفة منهم إلى نصيبين الروم وهي على الفرات وهي من أعمال آمد فنهبوها وقتلوا فيها ثم عادوا إلى آمد ثم إلى بلد بدليس فتحصن أهلها بالقلعة وبالجبال فقتلوا فيها يسيرًا وأحرقوا المدينة‏.‏

وحكى إنسان من أهلها قال‏:‏ لو كان عندنا خمس مائة فارس لم يسلم من التتر أحد لأن الطريق ضيق بين الجبال والقليل يقدر على منع الكثير‏.‏

ثم ساروا من بدليس إلى خلاط فحصروا مدينة من أعمال خلاط يقال لها‏:‏ باكرى وهي من أحصن البلاد فملكوها عنوة وقتلوا كل من بها وقصدوا مدينة أرجيش من أعمال خلاط وهي مدينة كبيرة عظيمة ففعلوا كذلك وكان هذا في ذي الحجة‏.‏

ولقد حكي لي عنهم حكايات يكاد سامعها يكذب بها من الخوف الذي ألقى الله سبحانه وتعالى في قلوب الناس منهم حتى قيل إن الرجل الواحد منهم كان يدخل القرية أو الدرب وبه جمع كثير من الناس فلا يزال يقتلهم واحدًا بعد واحد لا يتجاسر أحد أن يمد يده إلى ذلك الفارس‏.‏

ولقد بلغني أن إنسانًا منهم أخذ رجلًا ولم يكن مع التتري ما يقتله به فقال له‏:‏ ضع رأسك على الأرض ولا تبرح فوضع رأسه على الأرض ومضى التتري فأحضر سيفًا وقتله به‏.‏

وحكى لي رجل قال‏:‏ كنت أنا ومعي سبعة عشر رجلًا في طريق فجاءنا فارس من التتر وقال لنا حتى يكتف بعضنا بعضًا فشرع أصحابي يفعلون ما أمرهم فقلت لهم‏:‏ هذا واحد فلم لا نقتله ونهرب فقالوا‏:‏ نخاف‏.‏

فقلت‏:‏ هذا يريد قتلكم الساعة فنحن نقتله فلعل الله يخلصنا فوالله ما جسر أحد أن يفعل فأخذت سكينًا وقتلته وهربنا فنجونا وأمثال هذا كثير‏.‏

وصول طائفة من التتر إلى إربل ودقوقا في هذه السنة في ذي الحجة وسل طائفة من التتر من أذربيجان إلى أعمال إربل فقتلوا من على طريقهم من التركمان الإيوانية والأكراد الجوزقان وغيرهم إلى أن دخلوا بلد إربل فنهبوا القرى وقتلوا من ظفروا به من أهل تلك الأعمال وعملوا الأعمال الشنيعة التي لم يسمع بمثلها من غيرهم‏.‏

وبرز مظفر الدين صاحب إربل في عسكره واستمد عساكر الموصل فساروا إليه فلما بلغه عود التتر إلى أذربيجان أقام في بلاده ولم يتبعهم فوصلوا إلى بلد الكرخيني وبلد دقوقا وغير ذلك وعادوا سالمين لم يذعرهم أحد ولا وقف في وجوههم فارس‏.‏

وهذه مصائب وحوادث لم ير الناس من قديم الزمان وحديثه ما يقاربها فالله سبحانه وتعالى يلطف بالمسلمين ويرحمهم ويرد هذا العدو عنهم وخرجت هذه السنة ولم نتحقق لجلال الدين خبيرًا ولا نعلم هل قتل أو اختفى لم يظهر نفسه خوفًا من التتر أو فارق البلاد إلى غيرها والله أعلم‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق