إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 7 أغسطس 2016

607 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر وفاة الملك العادل وملك أولاده بعده



607


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر وفاة الملك العادل وملك أولاده بعده

توفي الملك العادل أبو بكر بن أيوب سابع جمادى الآخرة من سنة خمس عشرة وستمائة وقد ذكرنا ابتداء دولتهم عند ملك عمه أسد الدين شيركوه ديار مصر سنة أربع وستين وخمسمائة ولما ملك أخوه صلاح الدين يوسف بن أيوب ديار مصر بعد عمه وسار إلى الشام استخلفه فلما توفي أخوه صلاح الدين ملك دمشق وديار مصر كما ذكرناه وبقي مالكًا للبلاد إلى الآن فلما ظهر الفرنج كما ذكرناه سنة أربع عشرة وستمائة قصد هو مرج الصفر فلما سار الفرنج إلى ديار مصر انتقل هو إلى عالقين فأقام به ومرض وتوفي وحمل إلى دمشق فدفن بالتربة التي له بها‏.‏

وكان عاقلًا ذا رأي سديد ومكر شديد وخديعة صبورًا حليمًا ذا أناة يسمع ما يكره ويغضي عليه حتى كأنه لم يسمعه كثير الحرج وقت الحاجة لا يقف في شيء وإذا لم تكن حاجة فلا‏.‏

وكان عمره خمسًا وسبعين سنة وشهورًا لأن مولده كان في المحرم من سنة أربعين وخمسمائة وملك دمشق في شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة من الأفضل ابن أخيه وملك مصر في ربيع الآخر من سنة ست وتسعين منه أيضًا‏.‏

ومن أعجب ما رأيت من منافاة الطوالع أنه لم يملك الأفضل مملكة قط إلا وأخذها منه عمه العادل فأول ذلك أن صلاح الدين أقطع ابنه الأفضل حران والها وميافارقين سنة ست وثمانين بعد وفاة تقي الدين فسار إليها فلما وصل إلى حلب أرسل أبوه الملك العادل بعده فرده من حلب وأخذ هذه البلاد منه‏.‏

ثم ملك الأفضل بعد وفاة أبيه مدينة دمشق فأخذها منه ثم ملك مصر بعد وفاة أخيه الملك العزيز فأخذها أيضًا منه ثم ملك صرخد فأخذها منه‏.‏

وأعجب من هذا أنني رأيت بالبيت المقدس سارية من الرخام ملقاة في بيعة صهيون ليس مثلها فقال القس الذي بالبيعة‏:‏ هذه كان قد أخذها الملك الأفضل لينقلها إلى دمشق ثم إن العادل أخذها بعد ذلك من الأفضل طلبها منه فأخذها‏.‏

وهذا غاية وهو من أعجب ما يحكى‏.‏

وكان العادل قد قسم البلاد في حياته بني أولاده فجعل بمصل ملك الكامل محمدًا وبدمشق والقدس وطبرية والأردن والكرك وغيرها من الحصون المجاورة لها ابنه المعظم عيسى وجعل بعض ديار الجزيرة وميافارقين وخلاط وأعمالها لابنه الملك الأشرف موسى وأعطى الرها لولده شهاب الدين غازي وأعطى قلعة جعبر لولده الحافظ أرسلان شاه فلما توفي ثبت كل منهم في المملكة التي أعطاه أبوه واتفقوا اتفاقًا حسنًا لم يجر بنيهم من الاختلاف ما جرت العادة أن يجري بين أولاد الملوك بعد آبائهم بل كانوا كالنفس الواحدة كل منهم يثق بالآخر بحيث يحضر عنده منفردًا من عسكره ولا يخافه فلا جرم زاد ملكهم ورأوا من نفاذ الأمر والحكم ما لم يره أبوهم‏.‏

ولعمري إنهم نعم الملوك فيهم الحلم والجهاد والذب عن الإسلام وفي نوبة دمياط كفاية وأما الملك الأشرف فليس للمال عنده محل بل يمطره مطرًا كثيرًا لعفته عن أموال الرعية دائم الإحسان لا يسمع سعاية ساع‏.‏



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق