إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 7 أغسطس 2016

634 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر وفاة قتادة أمير مكة



634


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر وفاة قتادة أمير مكة

في هذه السنة في جمادى الآخرة توفي قتادة بن إدريس العلوي ثم الحسني أمير مكة حرسها الله بها وكان عمره نحو تسعين سنة وكانت ولايته قد اتسعت من حدود اليمن إلى مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وله قلعة ينبع بنواحي المدينة وكثر عسكره واستكثر من المماليك وخافه العرب في تلك البلاد خوفًا عظيمًا‏.‏

وكان في أول ملكه لما ملك مكة حرسها الله حسن السيرة أزال عنها العبيد المفسدين وحمى البلاد وأحسن إلى الحجاج وأكرمهم وبقي كذلك مدة ثم إنه بعد ذلك أساء السيرة وجدد المكوس بمكة وفعل أفعالًا شنيعة ونهب الحاج في بعض السنين كما ذكرناه‏.‏

ولما مات ملك بعده ابنه الحسن وكان له ابن آخر اسمه راجح مقيم في العرب بظاهر مكة يفسد وينازع أخاه في ملك مكة فلما سار حاج العراق كان الأمير عليهم مملوكًا من مماليك الخليفة الناصر لدين الله اسمه أقباش وكان حسن السيرة مع الحاج في الطريق كثير الحماية فقصده راجح ابن قتادة وبذل له وللخليفة مالًا ليساعده على ملك مكة فأجابه إلى ذلك ووصولا إلى مكة ونزلوا بالزاهر وتقدم إلى مكة مقاتلًا لصاحبها حسن‏.‏

وكان حسن قد جمع جموعًا كثيرة من العرب وغيرها فخرج إليه من مكة وقاتله وتقدم أمير الحاج من بين يدي عسكره منفردًا وصعد الجبل إدلالًا بنفسه وأنه لا يقدم أحد عليه فأحاط به أصحاب حسن وقتلوه وعلقوا رأسه فانهزم عسكر أمير المؤمنين وأحاط أصحاب حسن بالحاج لينهبوهم فأرسل إليهم حسن عمامته أمانًا للحجاج فعاد أصحابه ولم ينهبوا منهم شيئًا وسكن الناس وأذن لهم حسن في دخول مكة وفعل ما يريدونه من الحج والبيع وغير ذلك وأقاموا بمكة عشرة أيام وعادوا فوصلوا إلى العراق سالمين وعظم الأمر على الخليفة فوصلت رسل حسن يعتذرون ويطلبون العفو عنه فأجيب إلى ذلك‏.‏

وقيل في موت قتادة‏:‏ إن ابنه حسنًا خنقه فمات وسبب ذلك أن قتادة جمع جموعًا كثيرة وسار عن مكة يريد المدينة فنزل بوادي الفرع وهو مريض وسير أخاه على الجيش ومعه ابنه الحسن بن قتادة فلما أبعدوا بلغ الحسن أن عمه قال لبعض الجند‏:‏ إن أخي مريض وهو ميت لا محالة وطلب منهم أن يحلفوا له ليكون هو الأمير بعد أخيه قتادة فحضر الحسن عند عمه واجتمع إليه كثير من الأجناد والمماليك الذي لأبيه فقال الحسن لعمه‏:‏ قد فعلت كذا وكذا فقال‏:‏ لم أفعل فأمر حسن الحاضرين بقتله فلم يفعلوا وقالوا‏:‏ أنت أمير وهذا أمير ولا نمد أيدينا إلى أحدكما‏.‏

فقال له غلامان لقتادة‏:‏ نحن عبيدك فمرنا بما شئت فأمرهم أن يجعلا عمامة عمه في عنقه ففعلا ثم قتله‏.‏

فسمع قتادة الخبر فبلغ منه الغيظ كل مبلغ وحلف ليقتلن ابنه وكان على ما ذكرناه من المرض

فكتب بعض أصحابه إلى الحسن يعرفه الحال ويقول له‏:‏ ابدأ به قبل أن يقتلك فعاد الحسن إلى مكة فلما وصلها قصد دار أبيه في نفر يسير فوجد على باب الدار جمعًا كثيرًا فأمرهم بالانصراف إلى منازلهم ففارقوا الدار وعادوا إلى مساكنهم ودخل الحسن إلى أبيه فلما رآه أبوه شمته وبالغ في ذمه وتهديده فوثب إليه الحسن فخنقه لوقته وخرج إلى الحرم الشريف وأحضر الأشراف وقال‏:‏ إن أبي قد اشتد مرضه وقد أمركم أن تحلفوا لي أن أكون أنا أميركم فحلفوا له ثم إنه أظهر تابوتًا ودفنه ليظن الناس أنه مات وكان قد دفنه سرًا‏.‏

فلما استقرت الإمارة بمكة له أرسل إلى أخيه الذي بقلعة الينبع على لسان أبيه يستدعيه وكتم موت أبيه عنه فلما حضر أخوه قتله أيضًا واستقر أمره وثبت قدمه وفعل بأمير الحاج ما تقدم ذكره فارتكب عظيمًا‏:‏ قتل أباه وعمه وأخاه في أيام يسيرة لا جرم لم يمهله الله سبحانه وتعالى نزع ملكه وجعله طريدًا شريدًا خائفًا يترقب‏.‏

وقيل إن قتادة كان يقول شعرًا فمن ذلك أنه طلب ليحضر عند أمير الحاج كما جرت عادة أمراء مكة فامتنع فعوتب من بغداد فأجاب بأبيات شعر منها‏:‏ ولي كف ضرغام أدل ببطشها وأشري بها بين الورى وأبيع تظل ملوك الأرض تلثم ظهرها وفي وسطها للمجدبين ربيع وما أنا إلا المسك في كل بلدة يضوع وأما عندكم فيضيع



 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق