582
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر ملك خوارزم شاه كرمان ومكران والسند
هذه الحادثة لا أعلم الحقيقة أي سنة كانت إنما هي إما هذه السنة أو قبلها أو بعدها بقليل لأن الذي أخبر بها كان من أجناد الموصل وسافر إلى تلك البلاد وأقام بها عدة سنين وسار مع الأمير أبي بكر الذي فتح كرمان ثم عاد فأخبرني بها على شك من وقتها وقد حضرها فقال: خوارزم شاه محمد بن تكش كان من جملة أمراء أبيه أمير اسمه أبو بكر ولقبه تاج الدين.
وكان في ابتداء أمره جمالًا يكري الجمال في الأسفار ثم جاءته السعادة فاتصل بخوارزم شاه وصار سيروان جماله فرأى منه جلدًا وأمانة فقدمه إلى أن صار من أعيان أمراء عسكره فولاه مدينة زوزن وكان عاقلًا ذا رأي وحزم وشجاعة فتدم عند خوارزم شاه تقدمًا كثيرًا فوثق به أكثر من جميع أمراء دولته فقال أبو بكر لخوارزم شاه: إن بلاد كرمان مجاورة لبلدي فلو أضاف السلطان إلي عسكرًا لملكتها في أسرع وقت.
فسير معه عسكرًا كثيرًا فمضى إلى كرمان وصاحبها اسمه حرب بن محمد بن أبي الفضل الذي كان صاحب سجستان أيام السلطان سنجر فقاتله فلم يكن له به قوة وضعف فملك أبو بكر بلاده في أسرع وقت وسار منها إلى نواحي مكران فملكها كلها إلى السند من حدود كابل وسار إلى هرمز مدينة على ساحل بحر مكران فأطاعه صاحبها واسمه ملنك وخطب بها لخوارزم شاه وحمل عنها مالًا وخطب له بقلهات وبعض عمان لأن أصحابها كانوا يطيعون صاحب هرمز.
وسبب طاعتهم له مع بعد الشقة والبحر يقطع بينهم أنهم يتقربون إليه بالطاعة ليأمن أصحاب المراكب التي تسير إليهم عنده فإن هرمز مرسى عظيم ومجمع للتجار من أقاصي الهند والصين واليمن وغيرها من البلاد وكان بين صاحب هرمز وبين صاحب كيش حروب ومغاورات وكل منهما ينهى أصحاب المراكب أن ترسي ببلد خصمه وهم كذلك إلى الآن وكان خوارزم شاه يصيف بنواحي سمرقند لأجل التتر أصحاب كشلي خان لئلا يقصد بلاده وكان سريع السير إذا قصد سبق خبره إليها.
في هذه السنة قتل مؤيد الملك الشحري وكان قد وزر لشهاب الدين الغوري ولتاج الدين الدز بعده و كان حسن السيرة جميل الاعتقاد محسنًا إلى العلماء وأهل الخير وغيرهم يزورهم ويبرهم ويحضر الجمعة ماشيًا وحده.
وكان سبب قتله أن بعض عسكر الدز كرهوه وكان كل سنة يتقدم إلى البلاد الحارة بين يدي الدز أول الشتاء فسار هذه السنة كعادته فجاء أربعون نفرًا أتراكًا وقالوا له: السلطان يقول لك تحضر جريدة في عشرة نفر لمهم تجدد فسار معهم جريدة في عشرة مماليك فلما وصلوا إلى نهوند بالقرب من ماء السند قتلوه وهربوا ثم إنهم ظفر بهم خوارزم شاه محمد فقتلهم.
وفيها في رجب توفي الركن أبو منصور عبد السلام بن عبد الوهاب بن عبد القادر الجليلي البغدادي وكان قد ولي عدة ولايات وكان يتهم بمذهب الفلاسفة حتى إنه رأى أبوه يومًا عليه قميصًا بخاريًا فقال: ما هذا القميص فقال: بخاري فقال أبوه: هذا عجب! ما زلنا نسمع: مسلم والبخاري وأما كافر والبخاري فما سمعنا.
وأخذت كتبه قبل موته بعدة سنين وأظهرت في ملأ من الناس ورؤي فيها من تبخير النجوم ومخاطبة زحل بالإلهية وغير ذلك من الكفريات ثم أحرقت بباب العامة وحبس ثم أفرج عنه بشفاعة أبيه واستعمل بعد ذلك.
وفيها أيضًا توفي أبو العباس أحمد بن هبة الله بن العلاء المعروف بابن الزاهد ببغداد وكان عالمًا بالنحو واللغة.
وفي شعبان منها توفي أبو المظفر محمد بن علي بن البل اللوري الواعظ ودفن برباط على نهر عيسى ومولده سنة عشر وخمسمائة.
وفي شوال منها توفي عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن محمود بن الأخضر وكان من فضلاء المحدثين وله سبع وثمانون سنة.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق