2571
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد الخامس
من صفحة 413-
الصالح أيوب مع عمه الصالح إسماعيل على دمشق
واستيلاء أيوب آخراً عليها
قد كان تقدم لنا أن الصالح إسماعيل بن العادل خالف الصالح أيوب على دمشق عند مسيره إلى مصر فملك دمشق سنة ست وثلاثين، وكان بعد ذلك إعتقال الصالح بالكرك ثم استيلاؤه على مصر سنة سبع وثلاثين، وبقيت الفتنة متصلة بينهما. وطلب الصالح إسماعيل صاحب دمشق من الإفرنج المظاهرة على أيوب صاحب مصر على أن يعطيهم حصن الشقيف وصفد فأمضى ذلك ونكره مشيخة العلماء بعصره. وخرج من دمشق عز الدين بن عبد السلام
الشافعي، ولحق بمصر فولاه الصالح خطة القضاء بها. ثم خرج بعده جمال الدين بن الحاجب المالكي إلى الكرك، ولحق بالاسكندرية فمات بها.ثم تداعى ملوك الشام لفتنة الصالح أيوب ؛ واتفق عليها إسماعيل الصالح صاحب دمشق، والناصر يوسف صاحب حلب، وجدته صفية خاتون، وإبراهيم المنصور بن شيركوه صاحب حمص. وخالفهم المظفر صاحب حماة، وجنح إلى ولاية نجم الدين أيوب، وأقام حالهم في الفتنة على ذلك. ثم جنحوا إلى الصلح على أن يطلق صاحب دمشق فتح الدين عمر بن نجم الدين أيوب الذي إعتقله بدمشق فلم يجب إلى ذلك، واستجدت الفتنة. وسار الناصر داود صاحب الكرك مع إسماعيل الصالح صاحب دمشق، واستظهروا بالإفرنج، وأعطاهم إسماعيل القدس على ذلك. واستنجد بالخوارزمية أيضاً فأجابوه، واجتمعوا بغزة.وبعث نجم الدين العساكر مع مولاه بيبرس وكانت له ذمة باعتقاله معه فتلاقوا مع الخوارزمية، وجاءت عساكر مصر مع المنصور إبراهيم بن شيركوه، ولاقوا الإفرنج من عكا فكان الظفر لعساكر مصر والخوارزمية واتبعوهم إلى دمشق، وحاصروا بها الصالح إسماعيل إلى أن جهده الحصار، وسأل في الصلح على أن يعوض عن دمشق ببعلبك وبصرى والسواد فأجابه أيوب إلى ذلك. وخرج إسماعيل من دمشق إلى بعلبك سنة ثمان وأربعين. وبعث نجم الدين إلى حسام الدين علي بن أبي علي الهدباني، وكان معتقلا عند إسماعيل بدمشق فشرط نجم الدين إطلاقه في الصلح الأول فأطلقه، وبعث إليه بالنيابة عنه بدمشق فقام بها. وإنصرف إبراهيم المنصور إلى حمص وانتزع صاحب حماة منه سلمية فملكها.واشتط الخوارزمية على الهدباني في دمشق في الولايات والإقطاعات وامتعضوا لذلك فسار بهم الصالح إسماعيل إلى دمشق موصلا الكرة، ومعه الناصر صاحب الكرك فقام الهدباني في دفاعهم أحسن قيام. وبعث نجم الدين من مصر إلى يوسف الناصر يستنجده على دفع الخوارزمية عن دمشق فسار في عساكره، ومعه إبراهيم بن شيركوه صاحب حمص فهزموا الخوارزمية على دمشق سنة أربع وأربعين، وقتل مقدمهم حسام الدين بركت خان، وذهب بقيتهم مع مقدمهم الآخر كشلو خان فلحقوا بالتتر واندرجوا في جملتهم، وذهب أثرهم من العام واستجار إسماعيل الصالح وكان معهم بالناصر صاحب حلب فأجاره من نجم الدين أيوب. وسار حسام الدين الهدباني بعساكر دمشق إلى بعلبك وتسلمها بالأمان، وبعث بأولاد إسماعيل ووزيره ناصر الدين يغمور إلى نجم الدين أيوب فاعتقلهم بمصر. وسارت عساكر الناصر يوسف صاحب حلب إلى الجزيرة فتواقعوا مع لؤلؤ صاحب الموصل فانهزم لؤلؤ ، وملك الناصر نصيبين ودارا أو قرقيسياً، وعاد عسكره إلى حلب، والله تعالى أعلم.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق