3399
تاريخ ابن خلدون ( ابن خلدون )
من تاريخ العلامة ابن خلدون
المجلد السابع
من صفحة 503
تاريخ ابن خلدون
ولي في هذا الكتاب طرق أخرى لم يحضرني الآن اتصال سندي فيها.
فمنها عن شيخنا أبي محمد عبد المهيمن بن محمد الحضرمي كاتب السلطان أبي الحسن، لقيته بتونس عند استيلاء السلطان عليها، وهو في جملته سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وحضرت مجلسه، وأخذت عنه كثيرا، وسمعت عليه بعض "الموطأ"، وأجازني بالاجازة العامة، وهو يرويه عن الأستاذ أبي جعفر بن الزبير، وعن شيخه الأستاذ أبي إسحق الغافقي، وعن أبي القاسم القبتوري، وجماعة من مشيخة أهل سبتة؛ ويتصل سنده فيه بالقاضي عياض، وأبي العباسى العزفي صاحب كتاب (الدر المنظم في المولد المعظم) .
ومنها عن شيخنا أبي عبد الله الكوسي خطيب الجامع الأعظم بغرناظة، سمعت عليه بعضه وأجازني بسائره وهو يرويه عن الأستاذ أبي جعفر بن الزبير عن القاضي أبي عبد الله بن بكار، وجماعة من مشيخة أهل الأندلس،. ويتصل سنده فيه بالقاضي أبي الوليد الباجي، والحافظ أبي عمر بن عبد البر بسندهما.
ومنها عن شيخنا المكتب أبي عبد الله محمد بن سعد بن برال الأنصاري شيخ القراءة بتونس، ومعلمي كتاب الله؛ قرأت عليه القرآن العظيم بالقراءات السبع وعرضت عليه قصيدتي الشاطبي في القراءة، وفي الرسم، وعرضت عليه كتاب التقصي لابن عبد البر، وغير ذلك، وأجازني بالإجازة العامة، وفي هذه بالإجازة الخاصة، وهو يروي هذا الكتاب عن القاضي أبي العباس أحمد بن محمد بن الغماز، وعن شيخه أبي العباس أحمد بن موسى البطرني بسندهما.
ومنها عن شيخنا الأستاذ أبي عبد الله محمد بن الصفار المراكشي، شيخ القراآت بالمغرب، سمعت عليه بعض هذا الكتاب بمجلس السلطان أبي عثمان ملك المغرب، وهو يسمعه إياه، وأجازني بسائره؛ وهو يرويه عن شيخه محدث المغرب أبي عبد الله محمد بن رشيد الفهري السبتي عن مشيخة أهل سبتة، وأهل الأندلس، حسبما ذلك مذكور في كتب رواياتهم وطرق أسانيدهم، إلا أنها لم تحضرني الآن، وفيما ذكرناه كفاية والله يوفقنا أجمعين لطاعته وهذا حين أبتدي، وبالله أهتدي.
وانفض ذلك المجلس، وقد لاحظتني بالتجلة والوقار العيون، واستشعرت أهليتي للمناصب القلوب، واخلص النجي في ذلك الخاصة والجمهور، وأنا انتاب مجلس السلطان في أكثر الأحيان، لتأدية الواجب من التحية والمشافهة بالدعاء، إلى أن سخط السلطان قاضي المالكية يومئذ في نزعة من النزعات الملوكية، فابعده، وأخره عن خطة القضاء في رجب ست وثمانين وسبعمائة، ودعاني للولاية في مجلسه، وبين أمرائه فتفاديت من ذلك، وأبى إلا إمضاءه، وخلع علي، وبعث الأمراء
معي إلى مقعد الحكم بمدرسة القضاء؛ فقمت في ذلك المقام المحمّود، ووفيت عهد الله وعهده في إقامة رسوم الحق، وتحري المعدلة، حتى سخطني من لم ترضه أحكام الله، ووقع في ذلك ما تقدم ذكره، وكثر شغب أهل الباطل والمراء، فأعفاني السلطان منها لحول من يوم الولاية، وكان تقدمها وصول الخبر بغرق السفين الواصل من تونس إلى الإسكندرية، وتلف الموجود والمولود، وعظم الأسف، وحسن العزاء، والله قادر على ما يشاء.
ثم خرجت عام تسعة وثمانين وسبعمائة لقضاء الفرض، وركبت بحر السويس من الطور إلى الينبع، ورافقت المحمل إلى مكة، فقضيت الحج عامئذ، وعدت إلى مصر في البحر كما سافرت أولا. وشغرت وظيفة الحديث بمدرسة صلغتمش، فولاني السلطان إياها بدلاً من مدرسته في محرم أحد وتسعين وسبعمائة، ومضيت على حالي من الانقباض، والتدريس، والتأليف، حتى ولاّني خانقاه بيبرس، ثم عزلني عنها بعد سنة أو أزيد، بسبب أنا اذكره الآن.
يتبع
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق