603
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر انهزام بدر الدين من مظفر الدين
لما توفي نور الدين وملك أخوه ناصر الدين تجدد لمظفر الدين ولعماد الدين طمع لصغر سن ناصر الدين فجمعا الرجال وتجهز للحركة فظهر ذلك وقصد بعض أصحابهم طرف ولاية الموصل بالنهب والفساد.
وكان بدر الدين قد سير ولده الأكبر في جمع صالح من العسكر إلى الملك الأشرف بحلب نجدة له بسبب اجتماع الفرنج بمصر وهو يريد أن يدخل بلاد الفرنج التي بساحل الشام ينهبها ويخربها ليعود بعض من بدمياط إلى بلادهم فيخف الأمر على الملك الكامل صاحب مصر فلما رأى بدر الدين تحرك مظفر الدين وعماد الدين وأن بعض عسكره بالشام أرسل إلى عسكر الملك الأشرف الذي بنصيبين يستدعيهم ليعتضد بهم وكان المقدم عليهم مملوك الأشرف اسمه أيبك فساروا إلى الموصل رابع رجب سنة ست عشرة.
فلما رآهم بدر الدين استقلهم لأنهم كانوا أقل من العسكر الذي له بالشام أو مثلهم فألح أيبك على عبور دجلة وقصد بلاد إربل فمنعه بدر الدين من ذلك وأمره بالاستراحة فنزل بظاهر الموصل أيامًا وأصر على عبور دجلة فعبرها بدر الدين موافقة له ونزلوا على فرسخ من الموصل شرقي دجلة فلما سمع مظفر الدين ذلك جمع عسكره وسار إليهم ومعه زنكي فعبر الزاب وسبق خبره فسمع به بدر الدين فعبأ أصحابه وجعل أيبك في الجالشية ومعه شجعان أصحابه وأكثر معه منهم بحيث إنه لم يبق معه إلا اليسير وجعل في ميسرته أميرًا كبيرًا وطلب الانتقال عنها إلى الميمنة فنقله.
فلما كان وقت العشاء الآخرة أعاد ذلك الأمير الطلب بالانتقال من الميمنة إلى الميسرة والخصم بالقرب منهم فمنعه بدر الدين وقال: متى انتقلت أنت ومن معك في هذا الليل ربما ظنه الناس هزيمة فلا يقف أحد فأقام بمكانه وهو في جمع كبير من العسكر فلما انتصف الليل سار أيبك فأمره بدر الدين بالمقام إلى الصبح لقرب العدو منهم فلم يقبل لجهله بالحرب فاضطر الناس لاتباعه فتقطعوا في الليل والظلمة والتقوا هم والخصم في العشرين من رجب على ثلاثة فراسخ من الموصل فأما عز الدين فإنه تيامن والتحق بالميمنة وحمل في اطلابه هو والميمنة على ميسرة مظفر الدين فهزمها وبها زنكي.
وكان الأمير الذي انتقل إلى الميمنة قد أبعد عنها فلم يقاتل فلما رأى أيبك قد هزم الميسرة تبعها والتحق به وانهزمت ميسرة بدر الدين فبقي هو في النفر الذين معه وتقدم إليه مظفر الدين فيمن معه في القلب لم يتفرقوا فلم يمكنه الوقوف فعاد إلى الموصل وعبر دجلة إلى القلعة ونزل منها إلى البلد فلما رآه الناس فرحوا به وساروا معه وقصد باب الجسر والعدو بإزائه بينهما دجلة فنزل مظفر الدين فيمن سلم معه من عسكره وراء تل حصن نينوى فأقام ثلاثة أيام.
فلما رأى اجتماع العسكر البدري بالموصل وأنهم لم يفقد منهم إلا اليسير وبلغه الخبر أن بدر الدين يريد العبور إليه ليلًا بالفارس والراجل على الجسور وفي السفن ويكبسه رحل ليلًا من غير أن يضرب كوسًا أو بوقًا وعادوا نحو إربل فلما عبروا الزاب نزلوا ثم جاءت الرسل وسعوا في الصلح فاصطلحوا على أن كل من بيده شيء هو له وتقررت العهود والأيمان على ذلك.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق