402
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر وقعة ثالثة
لما عاد صلاح الدين إلى العسكر أتاه الخبر أن الفرنج يخرجون من صور للاحتطاب والاحتشاش متبددين فكتب إلى من بعكا من العسكر وواعدهم يوم الاثنين ثامن جمادى الآخرة ليلاقوهم من الجانبين ورتب كمناء في موضع من تلك الأدوية والشعاب واختار جماعة من شجعان عسكره وأمرهم بالتعرض للفرنج وأمرهم أنهم إذا حمل عليهم الفرنج قاتلوهم شيئًا من
قتال ثم تطاردوا لهم وأروهم العجز عن مقاتلتهم فإذا تبعهم الفرنج استجروهم إلى أن يجوزوا موضع الكمين ثم يعطفوا عليهم ويخرج الكمين من خلفهم فخرجوا على هذه العزيمة.
فلما تراءى الجمعان والتقت الفئتان واقتتلوا أنف فرسان المسلمين أن يظهر عنهم اسم الهزيمة وثبتوا فقاتلوهم وصبر بعضهم لبعض واشتد القتال وعظم الأمر ودامت الحرب وطال على الكمناء الانتظار فخافوا على أصحابهم فخرجوا من مكامنهم نحوهم مسرعين وإليهم قاصدين فأتوهم وهم في شدة الحرب فازداد الأمر شدة على شدة وكان فيهم أربعة أمراء من ربيعة وطي وكانوا يجهلون تلك الأرض فلم يسلكوا مسلك أصحابهم فسلكوا الوادي ظنًا منهم أنه يخرج بهم إلى أصحابهم وتبعهم بعض مماليك صلاح الدين فلما رآهم الفرنج بالوادي علموا أنهم جاهلون فأتوهم وقاتلوهم.
وأما المملوك فإنه نزل عن فرسه وجلس على صخرة وأخذ قوسه بيده وحمى نفسه وجعلوا يرمونه بسهام الزنبورك وهو يرميهم فجرح منهم جماعة وجرحوه جراحات كثيرة فسقط فأتوه وهو بآخر رمق فتركوه وانصرفوا وهم يحسبونه ميتًا ثم إن المسلمين جاؤوا من الغد إلى موضعهم فرأوا القتلى ورأوا المملوك حيًا فحملوه في كساء وهو يكاد لا يعرف من كثرة الجراحات فأيسوا من حياته فأعرضوا عنه وعرضوا عليه الشهادة وبشروه بالشهادة فتركوه
ثم عادوا إليه فرأوه وقد قويت نفسه فأقبلوا عليه بمشروب فعوفي ثم كان بعد ذلك لا يحضر مشهدًا إلا كان له فيه الأثر العظيم.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق