469
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر انهزام الخطا من الغورية
و في هذه السنة عبر الخطا نهر جيحون إلى ناحية خراسان فعاثوا في البلاد وأفسدوا فلقيهم عسكر غياث الدين الغوري وقاتلهم فانزم الخطا.
وكان سبب ذلك أن خوارزم شاه تكش كان قد سار إلى بلد الري وهمذان وأصفهان وما بينهما من البلاد وملكها وتعرض إلى عساكر الخليفة وأظهر طلب السلطنة والخطبة ببغداد فأرسل الخليفة إلى غياث الدين ملك الغور وغزنة يأمره بقصد بلاد خوارزم شاه ليعود عن قصد العراق وكان خوارزم شاه قد عاد إلى خوارزم فراسله غياث الدين يقبح له فعله ويتهدده بقصد بلاده وأخذها فأرسل خوارزم شاه إلى الخطا يشكو إليهم من غياث الدين ويقول: إن لم تدركوه بإنفاذ العساكر وإلا أخذ غياث الدين بلاده كما أخذ مدين بلخ وقصد بعد ذلك بلادهم ويتعذر عليهم منعه ويعجزون عنه ويضعفون عن رده عما وراء النهر فجهز ملك الخطا جيشًا كثيفًا وجعل مقدمهم المعروف بطاينكوا وهو كالوزير له فساروا وعبروا جيحون في جمادى الآخرة وكان الزمان شتاء وكان شهاب الدين الغوري أخو غياث الدين ببلاد الهند والعساكر معه وغياث الدين به من النقرس ما يمنعه من الحركة إنما يحمل في محفة والذي يقود الجيش ويباشر الحروب أخوه شهاب الدين فلما وصل الخطا إلى جيحون سار خوارزم شاه إلى طوس عازمًا على قصد هراة ومحاصرتها وعبر الخطا النهر ووصلوا إلى بلاد الغور مثل: كرزبان وسرقان وغيرهما وقتلوا وأسروا ونهبوا وسبوا كثيرًا لا يحصى فاستغاث الناس بغياث الدين فلم يكن عنده من العساكر ما يلقاهم بها فراسل الخطا بهاء الدين سام ملك باميان يأمرونه بالإفراج عن بلخ أو أنه يحمل ما كان من قبله يحمله من المال فلم يجبهم إلى ذلك.
وعظمت المصيبة على المسلمين بما فعله الخطا فانتدب الأمير محمد بن جربك الغوري وهو مقطع الطالقان من قبل غياث الدين وكان شجاعًا وكاتب الحسين بن خرميل وكان بقلعة كرزبان واجتمع معهما الأمير حروش الغوري وساروا بعساكرهم إلى الخطا فبيتوهم وكبسوهم ليلًا ومن عادة الخطا أنهم لا يخرجون من خيامهم ليلًا ولا يفارقونها فآتاهم هؤلاء الغورية وقاتلوهم وأكثروا القتل في الخطا وانهزم من سلم منهم من القتل وأين ينهزمون والعسكر الغوري خلفهم وجيحون بن أيديهم وظن الخطا أن غياث الدين قد قصدهم في عساكره فلما أصبحوا وعرفوا من قاتلهم وعلموا أن غياث الدين بمكانه قويت قلوبهم وثبتوا واقتتلوا عامة نهارهم فقتل من الفريقين خلق عظيم ولحقت المتطوعة بالغوريين وأتاهم مدد من غياث الدين
وحمل الأمير حروش على قلب الخطا وكان شيخًا كبيرًا فأصابه جراحة توفي منها ثم إن محمود بن جربك وابن خرميل حملا في أصحابهما وتمادوا: لا يرم أحد بقوس ولا يطعن برمح وأخذوا اللتوت وحملوا على الخطا فهزموهم وألحقوهم بجيحون فمن صبر قتل ومن ألقى نفسه في الماء غرق.
ووصل الخبر إلى ملك الخطا فعظم عليه وأرسل إلى خوارزم شاه يقول له: أنت قتلت رجالي وأريد عن كل قتيل عشرة آلاف دينار وكان القتلى اثني عشر ألفًا وأنفذ إليه من رده إلى خوارزم وألزموه بالحضور عنده فأرسل حينئذ خوارزم شاه إلى غياث الدين يعرفه حاله مع الخطا ويشكو إليه ويستعطفه غير مرة فأعاد الجواب يأمره بطاعة الخليفة وإعادة ما أخذه الخطا من بلاد الإسلام فلم ينفصل بينهما حال.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق