458
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر ملك العادل مدينة دمشق من الأفضل
في هذه السنة في السابع والعشرين من رجب ملك الملك العادل أبو بكر ابن أيوب مدينة دمشق من ابن أخيه الأفضل علي بن صلاح الدين.
وكان أبلغ الأسباب في ذلك وثوق الأفضل بالعادل وأنه بلغ من وثوقه به أنه أدخله بلده وهو غائب عنه ولقد أرسل إليه أخوه الظاهر غازي صاحب حلب يقول له: أخرج عمنا من بيننا فإنه لا يجيء علينا منه خير ونحن ندخل لك تحت كل ما تريد وأنا أعرف به منك وأقرب إليه فإنه عمي مثل ما هو عمك وأنا زوج ابنته ولو علمت أنه يريد لنا خيرًا لكنت أولى به منك.
فقال له الأفضل: أنت سيء الظن في كل أحد أي مصلحة لعمنا في أن يؤذينا ونحن إذا اجتمعت كلمتنا وسيرنا معه العساكر من عندنا كلنا ملك من البلاد أكثر من بلادنا ونربح سوء الذكر.
وهذا كان أبلغ الأٍسباب ولا يعلمها كل أحد وأما غير هذا فقد ذكرنا مسير العادل والأفضل إلى مصر وحصارهم بلبيس وصلحهم مع الملك العزيز بن صلاح الدين ومقام العادل معه بمصر فلما أقام عنده استماله وصلحهم مع الملك العزيز بن صلاح الدين ومقام العادل معه بمصر فلما أقام عنده استماله وقرر معه أنه يخرج معه إلى دمشق ويأخذها من أخيه ويسلمها إليه فسار معه من مصر إلى دمشق وحصروها واستمالوا أميرًا من أمراء الأفضل يقال له العزيز بن أبي غالب الحمصي وكان الأفضل كثير الإحسان إليه والاعتماد عليه والوثوق به فسلم إليه بابًا من أبواب دمشق يعرف بالباب الشرقي ليحفظه فمال إلى العزيز والعادل ووعدهما أنه يفتح لهما الباب ويدخل العسكر منه إلى البلد غيلة ففتحه اليوم السابع والعشرين من رجب وقت العصر وأدخل الملك العادل منه ومعه جماعة من أصحابه فلم يشعر الأفضل إلا وعمه معه في دمشق وركب الملك العزيز ووقف بالميدان الأخضر غربي دمشق.
فلما رأى الأفضل أن البلد قد ملك خرج إلى أخيه وقت المغرب واجتمع به ودخلا كلاهما البلد واجتمعا بالعادل وقد نزل في دار أسد الدين شيركوه وتحادثوا فاتفق العادل والعزيز على أن أوهما الأفضل أنهما يبقيان عليه البلد خوفًا أنه ربما جمع من عنده من العسكر وثار بهما ومعه العامة فأخرجهم من البلد لأن العادل لم يكن في كثرة وأعاد الأفضل إلى القلعة وبات العادل في دار شيركوه وخرج العزيز إلى الخيم فبات فيها وخرج العادل من الغد إلى جوسقه فأقام به وعساكره في البلد في كل يوم يخرج الأفضل إليهما ويجتمع بهما فبقوا كذلك أيامًا ثم أرسلا إليه وأمراه بمفارقة القلعة وتسليم البلد على قاعدة أن تعطى قلعة صرخد له ويسلم جميع أعمال دمشق فخرج الأفضل ونزل في جوسق بظاهر البلد غربي دمشق وتسلم العزيز القلعة ودخلها وأقام بها أيامًا فجلس يومًا في مجلس شرابه فلما أخذت منه الخمر جرى على لسانه أنه يعيد البلد إلى الأفضل فنقل ذلك إلى العادل في وقته فحضر المجلس في ساعته والعزيز سكران فلم يزل به حتى سلم البلد إليه وخرج منه وعاد إلى مصر وسار الأفضل إلى صرخد وكان العادل يذكر أن الأفضل سعى في قتله فلهذا أخذ البلد منه وكان الأفضل ينكر ذلك ويتبرأ منه «فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون» «البقرة: 113» .
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق