إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 1 أغسطس 2016

450 الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير ذكر غزو ابن عبد المؤمن الفرنج بالأندلس



450


الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير

ذكر غزو ابن عبد المؤمن الفرنج بالأندلس

في هذه السنة في شعبان غزا أبو يوسف يعقوب بن عبد المؤمن صاحب بلاد المغرب والأندلس بلاد الفرنج بالأندلس وسبب ذلك أن ألفنش ملك الفرنج بها ومقر ملكه مدينة طليطلة كتب إلى يعقوب كتابًا نسخته‏:‏ باسمك اللهم فاطر السموات والأرض أما بعد أيها الأمير فإنه لا يخفى على كل ذي عقل لازب ولا ذي لب وذكاء ثاقب أنك أمير الملة الحنيفية كما أنا أمير الملة النصرانية وأنك من لا يخفى عليه ما هم عليه رؤساء الأندلس من التخاذل والتواكل وإهمال الرعية واشتمالهم على الراحات وأنا أسومهم الخسف وأخلي الديار وأسبي الذاراري وأمثل بالكهول وأقتل الشباب ولا عذر لك في التخلف عن نصرتهم وقد أمكنتك يد القدرة وأنتم تعتقدون أن الله فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم والآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفًا فقد فرض عليكم قتال اثنين منا بواحد منكم ونحن الآن نقاتل عددًا منكم بواحد منا ولا تقدرون دفاعًا ولا تستطيعون امتناعًا‏.‏

ثم حكي لي عنك أنك أخذت في الاحتفال وأشرفت على ربوة القتال وتمطل نفسك عامًا بعد عام تقدم رجلًا وتؤخر أخرى ولا أدري الجبن أبطأ بك أم التكذيب بما أنزل عليك‏.‏

ثم حكي لي عنك أنك لا تجد سبيلًا للحرب لعلك ما يسوغ لك التقحم فيها فها أنا أقول لك ما فيه الراحة وأعتذر عنك ولك أن توافيني بالعهود والمواثيق والأيمان أن تتوجه بجملة من عندك في المراكب والشواني وأجوز إليك بجملتي وأبارزك في أعز الأماكن عندك فإن كانت لك فغنيمة عظيمة جاءت إليك وهدية مثلت بين يديك وإن كانت لي كانت يدي العليا عليك واستحققت إمارة الملتين والتقدم على الفئتين والله يسهل الإرادة ويوفق السعادة بمنه لا رب غيره ولا خير إلا خيره‏.‏

فلما وصل كتابه وقرأه يعقوب كتب في أعلاه هذه الآية‏:‏ ‏ «‏ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون‏» ‏ ‏ «‏النمل‏:‏ 37‏» ‏‏.‏ وأعاده إليه وجمع العساكر العظيمة من المسلمين وعبر المجاز إلى الأندلس‏.‏

وقيل‏:‏ كان سبب عبوره إلى الأندلس أن يعقوب لما قاتل الفرنج سنة ست وثمانين وصالحهم بقي طائفة من الفرنج لم ترض الصلح كما ذكرناه فلما كان الآن جمعت تلك الطائفة جمعًا من الفرنج وخرجوا إلى بلاد الإسلام فقتلوا وسبوا وغنموا وأسروا وعاثوا فيها عيثًا شديدًا فانتهى ذلك إلى يعقوب فجمع العساكر وعبر المجاز إلى الأندلس في جيش يضيق عنهن الفضاء فسمعت الفرنج بذلك فجمعت قاصيهم ودانيهم وأقبلوا إليه مجدين على قتاله واثقين بالظفر لكثرتهم فالتقوا تاسع شعبان شمالي قرطبة عند قلعة رياح بمكان يعرف بمرج الحديد فاقتتلوا قتالًا شديدًا فكانت الدائرة أولًا على المسلمين ثم عادت على الفرنج فانهزموا أقبح هزيمة وانتصر المسلمون عليهم ‏ «‏وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم‏» ‏ ‏ «‏التوبة 40‏» ‏‏.‏ وكان عدد من قتل من الفرنج مائة ألف وستة وأربعين ألفًا وأسر ثلاثة عشر ألفًا وغنم المسلمون منهم شيئًا عظيمًا فمن الخيام مائة ألف وثلاثة وأربعون ألفًا ومن الخيل ستة وأربعون ألفًا ومن البغال مائة ألف ومن الحمير مائة ألف‏.‏

وكان يعقوب قد نادى في عسكره‏:‏ من غنم شيئًا فهو له سوى السلاح وأحصى ما حمل إليه منه فكان زيادة على سبعين ألف لبس وقتل من المسلمين نحو عشرين ألفًا‏.‏

ولما انهزم الفرنج اتبعهم أو يوسف فرآهم قد أخذوا قلعة رياح وساروا عنها من الرعب والخوف فملكها وجعل فيها واليًا وجندًا يحفظونها وعاد إلى مدينة إشبيلية‏.‏

وأما ألفنش فإنه لما انهزم حلق رأسه ونكس صليبه وركب حمارًا وأقسم أن لا يركب فرسًا ولا بغلًا حتى تنصر النصرانية فجمع جموعًا عظيمة وبلغ الخبر بذلك إلى يعقوب فأرسل إلى بلاد الغرب مراكش وغيرها يستنفر الناس من غير إكراه فأتاه من المتطوعة والمرتزقين جمع عظيم فالتقوا في ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة فانهزم الفرنج هزيمة قبيحة وغنم المسلمون ما معهم من الأموال والسلاح والدواب وغيرها وتوجه إلى مدينة طليلطة فحصرها وقاتلها قتالًا شديدًا وقطع أشجارها وشن الغارة على ما حولها من البلاد وفتح فيها عدة حصون فقتل رجالها وسبى حريمها وخرب دورها وهدم أسوارها فضعفت النصرانية فلما دخلت سنة ثلاث وتسعين سار عنها إلى بلاد الفرنج وذلوا واجتمع ملوكها وأرسلوا يطلبون الصلح فأجابهم إليه بعد أن كان عازمًا على الامتناع مريدًا لملازمة الجهاد إلى أن يفرغ منهم فأتاه خبر علي بن إسحق الملثم الميورقي أنه فعل بإفرقية ما نذكره من الأفاعيل الشنيعة فترك عزمه وصاحلهم مدة خمس سنين وعاد إلى مراكش آخر سنة ثلاث وتسعين وخمسمائة‏.‏


 يتبع

( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق