540
الكامل في التاريخ ( ابن الاثير ) الجزء السابع والاخير
ذكر عدة حوادث
ذكر الغارة من ابن ليون على أعمال حلب
و في هذه السنة توالت الغارة من ابن ليون الأرمني صاحب الدروب على ولاية حلب فنهب وحرق وأسر وسبى فجمع الملك الظاهر غازي بن صلاح الدين يوسف صاحب حلب عساكره واستنجد غيره من الملوك فجمع كثيرًا من الفارس والراجل وسار عن حلب نحو ابن ليون.
وكان ابن ليون قد نزل في طرف بلاده مما يلي بلد حلب فليس إليه طريق لأن جميع بلاده لا طريق إليها إلا من جبال وعرة ومضايق صعبة فلا يقدر غيره على الدخول إليها لا سيما من ناحية حلب فإن الطريق منها متعذر جدًا فنزل الظاهر على خمسة فاراسخ من حلب وجعل على مقدمته جماعة من عسكره مع أمير كبير من مماليك أبيه يعرف بميمون القصري ينسب إلى قصر الخلفاء العلويين بمصر لأن أباه منهم أخذه فأنفذ الظاهرة ميرة وسلاحًا إلى حصن له مجاور لبلاد ابن ليون اسمه دربساك وأنفذ إلى ميمون ليرسل طائفة من العسكر الذين عنده إلى طريق هذه الذخيرة ليسيروا معها إلى دربساك ففعل ذلك وسير جماعة كثيرة من عسكره وبقي في قلة فبلغ الخبر إلى ابن ليون فجد فوافاه وهو مخف من العسكر فقاتله واشتد القتال بينهم فأرسل ميمون إلى الظاهر يعرفه وكان بعيدًا عنه فطالت الحرب بينهم وحمى ميمون نفسه وأثقاله على قلة من المسلمين وكثرة من الأرمن فانهزم المسلمون ونال العدو منهم فقتل وأسر وكذلك أيضًا فعل المسلمون بالأرمن من كثرة القتل.
وظفر الأرمن بأثقال المسلمين فغنموها وساروا بها فصادفهم المسلمون الذين كانوا قد ساروا مع الذخائر إلى دربساك فلم يشعروا بالحال فلم يرعهم إلا العدو وقد خالطهم ووضع السيف فيهم فاقتتلوا أشد قتال ثم انهزم المسلمون أيضًا وعاد الأرمن إلى بلادهم بما غنموا واعتصموا بجبالهم وحصونهم.
في هذه السنة قصدت الكرج في جموعها ولاية خلاط من أرمينية ونهبوا وقتلوا وأسروا وسبوا أهلها كثيرًا وجاسوا خلال الديار آمنين ولم يخرج إليهم من خلاط من يمنعهم فبقوا متصرفين في النهب والسبي والبلاد شاغرة لا مانع لها لأن صاحبها صبي والمدبر لدولته ليست له تلك الطاعة على الجند.
فلما اشتد البلاء على الناس تذامروا وحرض بعضهم بعضًا واجتمعت العساكر الإسلامية التي بتلك الولاية جميعها وانضاف إليهم من المتطوعة كثير فساروا جميعهم نحو الكرج وهم خائفون فرأى بعض الصوفية الأخيار الشيخ محمدًا البستي وهو من الصالحين وكان قد مات فقال له الصوفي: أراك ها هنا فقال: جئت لمساعدة المسلمين على عدوهم.
فاستيقظ فرحًا بمحل البستي من الإسلام وأتى إلى مدبر العسكر والقيم بأمره وقص عليه رؤياه ففرح بذلك وقوي عزمه على قصد الكرج وسار بالعساكر إليهم فنزل منزلًا.
فوصلت الأخبار إلى الكرج فعزموا على كبس المسلمين فانتقلوا من موضعهم بالوادي إلى أعلاه فنزلوا فيه ليكبسوا المسلمين إذا أظلم الليل فأتى المسلمين الخبر فقصدوا الكرج وأمسكوا عليهم رأس الوادي وأسفله وهو واد ليس إليه غير هذين الطريقين فلما رأى الكرج ذلك أيقنوا بالهلاك وسقط في أيديهم وطمع المسلمون فيهم وضايقوهم وقاتلوهم فقتلوا منهم كثيرًا
وأسروا مثلهم ولم يفلت من الكرج إلا القليل وكفى الله المسلمين شرهم بعد أن كانوا أشرفوا على الهلاك.
يتبع
( ان دراسة التاريخ تضيف الى الاعمار اعمارا ... و امة بلا تاريخ فهي بلا ماضي و لا حاضر و لا مستقبل )
يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق