إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 6 أغسطس 2014

8 موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية للدكتور عبد الوهاب المسيري المجلد الأول: الإطـار النظــرى الجزء الأول: إشكاليات نظرية الباب الأول: مقـدمة هيكل الموسوعة


8

موسوعة اليهود واليهودية و الصهيونية

للدكتور عبد الوهاب المسيري

المجلد الأول: الإطـار النظــرى

الجزء الأول: إشكاليات نظرية

الباب الأول: مقـدمة

هيكل الموسوعة

«هيكل الشيء» هو دعامته الأساسية الملموسة، فهيكل المنزل هو دعامته الخرسانية والهيكل العظمي هو دعامة الجسد. وتُطلق كلمة «هيكل» على الشكل الخارجي الذي يمكن معاينته. ويمكن القول بأن مصطلح «هيكل» يتداخل مع مصطلح «بنية»، فكلاهما يعبِّر عن طريقة أو منطق ترتيب الأشياء. ولكن بينما يتسم الهيكل بالوضوح فإن البنية تتسم بالكمون. وهيكل هذه الموسوعة هو تعبير عن نموذجها التفسيري. وقد قلنا عن هذه الموسوعة إنها «موسوعة تأسيسية» بمعنى أنها ليست موسوعة معلوماتية ولا موسوعة نقدية تفكيكية، فهي تطمح إلى أن تطرح نموذجاً تفسيرياً وتصنيفياً جديداً. ولهذا السبب، نجد أن الجزء النظري طويل نسبياً فلم يكن هنـاك مفر من إعادة تعريف كل المصطلحات. ولنفـس السـبب نجد أن تبويب الموسـوعة تم على أسـاس موضوعات. فقد رتبناها ترتيباً مختلفاً عن ترتيب الموسوعات العادية، لأن الترتيب الألفبائي يعني أن القارئ عارف بالمصطلحات والشخصيات، أو أنه يقابل مصطلحاً جديداً أو شخصية جديدة ويريد المزيد من المعلومات عنها. أما الترتيب حسب موضوعات، فإنه يعني أن القارئ لابد أن يتدرج مع الموسوعة من الإشكاليات إلى محاولة الإجابة إلى العرض التاريخي وهكذا (على أننا زودنا الموسوعة بفهرس ألفبائي حتى يُيسِّر عملية الوصول إلى المداخل المختلفة، وحتى يستطيع القارئ أن يصل إلى أي مصطلح أو شخصية يقابلها).

ويعكس هيكل الموسوعة محاولة الوصول إلى قدر من التعميم دون إلغاء لخصوصية الأجزاء واستقلالها، فنحن نؤمن بأن القصص الصغرى (كما يقول دعاة ما بعد الحداثة) مهمة وممتعة ومباشرة ولها شرعيتها المحدودة، ولذا لابد أن تُروَى هذه القصص. لكن هناك داخل كل قصة صغرى إشارات للقصة العظمى التي تربط القصص الصغرى وتعطيها مغزاها، وبدون هذه الإشارات، تصبح القصص الصغرى لا معنى لها؛ محض تسلية ولغو حديث.

ويتضح الالتزام بكل من التعميم والتخصيص من خلال تقسيم الموسوعة إلى ثمانية مجلدات. أما المجلد الأول فهـو يضم الإطار النظري العام (الذي يتجاوز الظاهرة اليهودية)، فهو بمنزلة المستوى الأكثر تجريداً وكلية، نشرح فيه النموذج الأكبر وما يتفرع عنه من نماذج صغرى، بل نشرح فيه فكرة النموذج ذاتها كأداة تحليلية كما نشرح المصطلحات التي نستخدمها. وتناولنا في المجلدين الثاني والثالث الإشـكاليات العامة المتعلقة بدراسة الشأن اليهودي. وفي المجلد الرابع خفضنا مستوانا التعميمي، فتناولنا تواريخ الجماعات اليهودية كلاًّ على حدة في مختلف بلدان العالم والتشكيلات الحضارية. ولذا، كان التقسيم هنا جغرافياً، فهناك باب عن فرنسا وآخر عن إنجلترا وعدة أبواب عن كلٍّ من روسيا وبولندا والولايات المتحدة. وحاولنا أن نبيِّن التجليات المتعيِّنة للإشكاليات النظرية العامة في كل بلد على حدة، كما حاولنا أن نبيِّن بعض الجوانب التي لا تندرج بالضرورة تحت إطار النموذج المطروح. كما بيَّنا التطور التاريخي داخل كل بلد في جانبيه العام والخاص. ففي بولندا، مثلاً، أفردنا عدة مداخل لتاريخ بولندا ومداخل مسـتقلة لطبقـة الشـلاختا والإقطاع الاسـتيطاني وجماعات الهايدماك، وهكذا. وتناول المجلد الخامس اليهودية، والسادس الصهيونية ، والسابع إسرائيل. أما المجلد الثامن فيضم آليات الموسوعة وملحق خاص بالمفاهيم والمصطلحات الأساسية وثبت تاريخي والفهارس الألفبائية.

وقُسِّم كل مجلد في الموسوعة إلى أجزاء أقل عمومية من عنوان المجلد. فالمجلد الثاني يُسمَّى «إشكاليات» حيث يتناول كل باب إشـكالية بعينها (طبيعة اليهود في كل زمان ومكان ـ إشـكالية الجوهر اليهودي ـ يهود أم جماعات يهودية؟ ـ يهود أم جماعات وظيفية يهودية؟ ـ إشكالية العداء الأزلي لليهود). وقُسِّم كل جزء إلى أبواب مختلفة، وكل باب يضم مداخل مختلفة تبدأ عادةً بما يمكن تسميته «المدخل المظلة» (المدخل العام بالنسبة لهذا الباب) وهو المدخل الذي تُطرَح فيه إشكالية الباب ككل، وفيه تتم محاولة الإجابة عنها من خلال النموذج التفسيري الجديد. ويعقب ذلك المدخل الرئيسي مداخل تفصيلية تمثل التطبيق والتوضيح لما جاء في المدخل الرئيسي، وهي أيضاً بمنزلة الوصف التفصيلي المُكثَّف الذي يوضح النموذج بشكل متعيِّن ويُبيِّن تجلياته المختلفة وتحوراته. كما أنه يقوم بتعديل النموذج ويتجاوزه دون إلغائه. فنحن ننكر، على سبيل المثال، أن البُعد اليهودي في إسهامات المبدعين من أعضاء الجماعات اليهودية له قيمة تفسيرية عالية، ولكننا مع هذا أدرجنا مداخل عن ظواهر وشخصيات لا يمكن تفسيرها إلا في ضوء البُعد اليهودي، فكأننا ننبه القارئ بذلك إلى فعالية نموذجنا التفسيري وعدم شموليته في الوقت نفسه.

والعلاقة بين مداخل الموسوعة ليست عضوية أو صلبة، فهي تَجَل لنفس النموذج، ولذا لابد أن تكون ثمة علاقة تَماثُل قوية بينها. ولكن التماثل ليس ترادفاً، ولذا فإن هناك فراغات بين المداخل هي تعبير عن قدر من عدم التجانس والانقطاع وعدم الترابط الذي لا يؤدي بالضرورة إلى نفي فكرة الحقيقة. وعلى القارئ أن يتخيل وجود عبارة "والله أعلم" مع نهاية كل مدخل (وتظهر بالفعل في نهاية المدخل الأخير من كل مجلد) تعبيراً عن هذا البحث عن الحقيقة الذي يعرف من يخوضه مسبقاً أن الوصول إلى الحقيقة المطلقة والكاملة مستحيل، ففوق كل ذي علم عليم. وقد يحاول القارئ أن يقوم بعملية الربط، وقد يكتشف أن الظاهرة موضع الدراسة تتَّسم بالاستمرار والانقطاع، وأن الأجزاء لا تلتحم عضوياً مع الكل، وأن القصة الكبرى لا تبتلع القصص الصغرى. وقد رُتبت المداخل حسب منطق محدد، وكان الترتيب في معظم الأحيان هرمياً، بحيث نبدأ بالأكثر عمومية وأهمية ونتدرج منه لنصل إلى الخاص وربما الهامشي. والمداخل التفصيلية المختلفة (الشخصيات ـ الجمعيات) ليست شاملة وإنما مُمثِّلة وحسب لما نتصور أنه حالات مختلفة لنفس النموذج، حالات لها دلالة من ناحية المنهج أو من ناحية الممارسة التاريخية المتعيِّنة.

وقد حاولت الموسوعة أن تجمع بين التعاقب الذي يكشف البُعد التاريخي للظاهرة (المتغيِّر عبر الزمان) والتزامن الذي يكشف البُعد البنيوي (المستقر نسبياً عبر الزمان). ففي المجلدات الثلاثة الخاصة بالجماعات اليهودية (من المجلد الثاني إلى المجلد الرابع)، تناول المجلدان الثاني والثالث موضوعاتهما من منظور التزامن (إشكاليات عامة ـ إشكاليات التحديث والثقافات) وكان البُعد التاريخي ثانوياً بالنسبة للبُعد الإشكالي والبنيوي. أما في المجلد الرابع، فالعكس هو الصحيح إذ تناولنا تواريخ الجماعات اليهودية وأصبح البُعد البنيوي ثانوياً. وطبقنا المبدأ نفسه داخل المجلدات الخاصة باليهودية والصهيونية وإسرائيل. وبنية المداخل نفسها تتضمن التعاقب والتزامن، فمعظم المداخل الرئيسـية تبدأ بمحـاولة تفكيكية حيث يرفض كل مدخـل التعـريف القـائم إن كانت مقدرته التفسيرية ضعيفة، ثم يطرح مصطلحاً جديداً من خلال عملية تركيب جديدة تركز على السمات البنيوية الأساسية التي تجاهـلها أو هَمَّشها النمـوذج القديم، ثم يتم عرض لتاريخ الظـاهرة. وفي آخر المدخـل، نطرح بعـض الإشكاليات. ومع هذا، يتنوع شكل المداخل فلم يتم تنميطها تماماً حتى يمكن أن تتناول هذه المداخل المنحنيات الخاصة للظواهر المختلفـة. ورغم أن هذا التناول للظواهـر موضـع الدراسـة تناول نماذجي، إلا أننا حاولنا قدر استطاعتنا أن نزود القارئ بالمعلومات التي نبرهن بها على المقدرة التفسيرية لنموذجنا وبما نراه ضرورياً حتى ولو كان الأمر لا يخدم إطارنا التفسيري. ويُلاحَظ أن كل مدخل هو وحدة مستقلة، قائمة بذاتها، ولكنها تنتمي إلى كل. وبسبب هذا، فإن هناك بعض التكرار إذ أن استقلالية المدخل كانت تتطلب ذكر بعض العناصر التي وردت في مداخل أخرى.



يتبع

يارب الموضوع يعجبكم
تسلموا ودمتم بود
عاشق الوطن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق